بذلت نوديا جونز جهدا «كبيرا» في لفظ كلماتها. وارتجف فمها كثيراً قبل أن تتمكن في النهاية من دفع الكلمات بين شفتها. «الحرية بالنسبة لي تعني فرصة التعبير عن نفسي بشكل كامل»... قالت الفتاة البالغة من العمر 17 سنة وهي تجري التمارين على دورها في مسرحية موسيقية كتبها الممثلون المراهقون في فرقة «our time » «أور تايم» (وقتنا) المسرحية. هدف نوديا هو أيضا هدف الممثلين الآخرين في فرقة «our time» حيث يؤلف المتثأثئون مسرحياتهم ويمثلونها، وأمنيتهم الكبرى هو شيء يأتي دون عناء لمعظم المراهقين الآخرين، أي الفرصة للتعبير عما يجيش في صدورهم. ويقول تارو الكساندر (32 سنة) مؤسس فرقة آور تايم ومديرها الفني: «عندما كنت في عمرهم كنت أرتعب من الثأثأة ومن أن يكتشف الآخرون ذلك». تارو يعاني من الثأثأة منذ أن كان في السن الخامسة، ومع الزمن اكتشف أن التمثيل يساعد على التغلب على خوفه ويوفر له شجاعة يتقاسمها مع المراهقين المثأثئين الآخرين. الكساندر، حليق الرأس، يرتدي قميص تي - شيرت يحمل شعار الفرقة: «فرقة اور تايم هو البيت الفني للمثأثئين»، إنه عادة يستقبل المراهقين بالعناق، وأحياناً يربض على مقعد مثل طائر ويصغي بصبر كبير عندما يجد أحد تلاميذه صعوبة في شرح مسألة ما. وآخر مسرحية للفرقة كانت «بداية جديدة» التي عرضت أربع مرات في شهر أيار الماضي، وقد سارت الأمور على مايرام. وفي حين ثأثأ الممثلون أحيانا «فقد أدوا أدوارهم بجدارة متكلمين عن الحرية والقيادة والعدالة والعنفوان... وأصغى الجمهور بانتباه وإعجاب. واختطفت جونز الأضواء بصوتها الجميل وغنائها الذي خلا من الأخطاء. ومن ناحية أخرى بدأ الكساندر إجراء مقابلات لمجموعة جديدة من المراهقين لاشراكها في إنتاج مسرحي جديد سيعرضه في أواخر شهر أيلول المقبل. والحقيقة أن الفرقة الحالية تشكلت في شهر أيلول 2004 للتحضير لمسرحية «بداية جديدة». وقد ركزت الاجتماعات المبكرة على رسم الخطوط العريضة للمسرحية، وهو عرض عن مجموعة من سكان الكرة الأرضية الذين يرحلون إلى كوكب جديد ليبدأوا حياة جديدة هناك. ومع حلول شهر كانون الثاني الماضي كان المؤلفون قد خلقوا أدوارهم الخاصة استناداً إلى مجموعة من الحوارات المبتكرة. وتضمنت الشخصيات رئيساً سابقاً وجندياً وضابط شرطة ورجلاً ثرياً وأماً وابنها وشخصاً كحولياً وشاباً حزيناً على وفاة أمه وسجيناً سابقاً وطبيب أمراض نفسية يعالج الآخرين. وبالتعاون مع المخرج إيفيرت برادلي، كتب المراهقون الأغنية الرئيسية للمسرحية، وقد اختفت الثأثأة وهم يغنونها بهدوء وثقة بالنفس. خلال لقاء لإجراء تمارين مؤخراً جلس أفراد الطاقم في دائرة لمراجعة برنامج العمل في ذلك اليوم. وسألت نودا جونز عما إذا يتوجب أن تقصر خطابها الطويل جداً. ويستغرق إلقاء الخطاب وقتاً طويلاً وكانت تخشى أن تثأثئ كثيراً فيفقد الجمهور صبره. وجاء الرد من أندريه غيليارد (15 سنة) الذي قال: «ما ستقولينه هو الأهم». ثم تدخل دوني سيتي قائلاً: «إذا ثأثأت اجعليه أحسن ثأثأة في حياتك». وأعرب أفراد الطاقم الآخرون عن دعمهم لها، وقالت نودا إنها ستأخذ اقتراحاتهم بالاعتبار قبل أن تجري أي تعديل على الخطاب. وبعد شهر كانت جونز قد اتخذت القرار: إنها لن تقصر الخطاب، ولن تهتم إذا ثأثأت «فهذا أنا وليحدث ما يحدث». سيتي (15 سنة) انضم إلى الفرقة منذ البداية. وهو يقول: «قبل أن أنضم إلى آور تايم لم اعتقد أنني استطيع أن أمثل، ثم اكتشفت إنني أستطيع أن أمثل رغم الثأثأة، وازدادت ثقتي بنفسي سنة بعد سنة». ورغم الضغوط للانضمام إلى ميدان طب الأسنان الذي تعمل فيه العائلة بعد تخرجه من الجامعة، إلا أن والدي سيتي شجعاه على التمثيل. ولذلك «قد أصبح ممثلا» أولاً ولاحقاً قد انضم إلى عمل العائلة. ادوارد ماوير (13 سنة) وهو في سنته الأولى مع الفرقة، يحب التمثيل أيضاً ويريد أن يحترف. ويقول ماوير: «إنني لا أضع لنفسي حدوداً لمجرد أنني أثأثئ، وأحب انتباه الناس بي بعد أي أداء». أنجلينا برونو - متزغر (17سنة) تريد أن تمثل عندما تنضم إلى الجامعة وربما إلى المسرح الصيفي. ورغم أنها تسيطر على الثأثأة إلى درجة كبيرة عندما تقف على خشبة المسرح فهي لاتزال تخاف الغناء أمام الجمهور. وأثناء كتابتها للحوار الخاص بها اكتشفت أنها بارعة في اختيار الكلمات. وقد طلبت منها الفرقة كتابة مسرحية من فصل واحد للموسم القادم. وقد طور أفراد الفرقة مهارات تساعدهم على التخلص من المواقف الصعبة أثناء العرض. فغيليارد مثلاً يضرب بقبضته على راحة يده الأخرى لاستخراج الكلمات من فمه. ونيد بيلي (14 سنة) يشير بإحدى يديه إلى أعلى ليخفي صعوبة نطقه. ألكساندر، الذي أسس والده روبرت ألكساندر فرقة «المسرح الحي» المسرحية في واشنطن، اتصل بكل خبراء النطق في نيويورك ليسألهم عن المراهقين الذين يثأثؤون، عندما أسس مسرح آور تايم بدوره في العام 2001، وقد شجعه جميع هؤلاء في مسعاه. ويقول الدكتور فيليب شنايدر، وهو عضو الهيئة الاستشارية للفرقة، إن فرقة آور تايم «أوجدت وسيلة تتيح للمراهقين أن يثبتوا للعالم أنهم يستطيعون الكلام. إن الثأثأة تصبح المشكلة الكبرى في حياة الناس بسبب الشعور بالعار. وسخرية القدر هي أن الثأثأة شيء تستطيع أن تخفيه فقط... إذا ما امتنعت عن الكلام».