يشير "الريحاني" إلى أنه في رحلته إلى الحجاز عام 1340ه تعرف على مجموعة من أهالي جدة، والتي عرفت بتأسيسها "لأول" لناد (رياضي) يضم سبعة أعضاء يجتمعون قبل صلاة المغرب على ربوة قرب بحر الطين شمال سور مدينة جدة، وكانت هذه المجموعة تنشط بممارسة رمي "الاكرة" (وهي كرة صغيرة الحجم محلية الصنع غالباً ترمى باليد في حفر معينة) والمساجلات الأدبية والفكرية، ثم يؤدون صلاة المغرب جماعة(1) قبل العودة إلى مدينة جدة قبل أن تقفل البوابة الشمالية لسورها في تلك الحقبة. غير أن "الأنصاري" يضيف إلى ذلك أن هناك مجموعة أخرى من أهالي مدينة جدة شكلوا ما سمي حينها بنادي "الشبان" وكانت هذه المجموعة تجتمع غير بعيد من مجموعة نادي "الكبار" ويضيف "الأنصاري" إلى أن هذه المجموعة الشبابية كانت تمارس الرياضة والمساجلات الفكرية والأدبية.. ولعل هذه المجموعة قد تكون هي الأولى التي فكرت في إنشاء فرقة رياضية في جدة في تلك الفترة.. والملفت للنظر أن عدداً من أعضاء مجموعة "نادي الشبان" هذه هم أنفسهم تقريباً نواة "فريق الحجاز" الذي أسس كفريق لكرة القدم فيما بعد في مدينة جدة كما سيأتي(2). هذا، ويعتبر فريق (نادي) "الحجاز الرياضي" أقدم فريق تم تأسيسه في المملكة العربية السعودية وفي مدينة جدة عام 1346ه، وكان فريقا أو "ناديا" لأبناء "العائلات"!؟ على حد تعبير الأديب والمؤرخ الحجازي "محمد علي المغربي"(3)، ويعتبر (محمد حسين نصيف) مؤلف كتاب "ماضي الحجاز وحاضره)(4) وهو مؤسس هذا الفريق المحدد التوجه والصبغة، غير أن هذا الفريق أو النادي، الذي اتخذ من أرض فضاء جنوب مدينة جدة عند منطقة باب شريف ملعباً له، لم يستمر طويلاً كما يبدو نتيجة لعدة عوامل أهمها: اتجاه بعض مؤسسيه إلى ضرورة اقتصار الانتماء إليه إلى أبناء الطبقة الميسورة، وهو مطلب لا يمكن تطبيقه في مجتمعات تعيش على هدي الدين الإسلامي الحنيف، وتم حله نتيجة لخلافات بين أعضائه في ضم بعض اللاعبين من أبناء الأسر غير الميسورة، أو "أبناء العوام" كما كانت التسمية غير الموفقة في ذلك الوقت، فالكل مسلمون وأبناء وطن واحد، ولا فضل لأحد على أحد "إلا بالتقوى". وكان من أهم مؤسسي هذا النادي الحجازي الجداوي كل من (5): - محمد عبدالله علي رضا (رحمه الله) (وزير وسفير فيما بعد) وكان رئيساً للفريق. - حسين محمد نصيف (رحمه الله) (مؤلف كتاب ماضي الحجاز وحاضره). - عباس خميس (رحمه الله) (كان كبتنا للفريق، وكان موظفاً كبيراً في مديرية الحج). - حمزة حسن عواد (رحمه الله) (شاعر وأديب) (لعب في مركز الظهير). - محمد حسن عواد (رحمه الله) (مدرس وشاعر وأديب مشهور). - أحمد صالح قنديل (رحمه الله) (مدرس وشاعر وأديب مشهور). - صالح هاشم (رحمه الله). - محمود عبدالخير عارف (رحمه الله) (شاعر ومن مؤسسي فريق الأهلي بجدة فيما بعد)، (شاعر وأديب). - عبدالعزيز جميل (رحمه الله) (رئيس نادي الاتحاد فيما بعد، شقيق الشيخ عبداللطيف جميل (رحمه الله). - حسن كامل (رحمه الله). - علي جاسر (رحمه الله) (من مؤسسي النادي الأهلي بجدة ورئيسه فيما بعد). - حمزة عبدالله فتيحي (رحمه الله) (أحد مؤسسي ورئيس نادي الاتحاد فيما بعد). - عبدالصمد نجيب (رحمه الله). - محمد درويش (رحمه الله). - محمد أحمد جار (رحمه الله) (وكان حارساً للمرمى)، (تاجر). - عمر محمد نصيف (رحمه الله) (والد الدكتور عبدالله نصيف مدير جامعة الملك عبدالعزيز ونائب رئيس مجلس الشورى سابقاً). - عيسى جمجوم (رحمه الله). - يونس علي سلامة (رحمه الله). - عبدالله بن زقر (رحمه الله) (من كبار التجار في جدة في حينه). - درويش مصطفى (رحمه الله). - علي إبراهيم بترجي (رحمه الله) (شقيق عبدالرؤف وعبدالجليل بترجي من مؤسس بالنادي الأهلي بجدة). - عبدالرزاق محمد عجلان (رحمه الله) (أحد مؤسسي نادي الاتحاد بجدة). - صالح محمد سلامة (رحمه الله) (أحد مؤسسي نادي الاتحاد ومدربه فيما بعد). وإذا كان نادي الحجاز الرياضي يعتبر أقدم الفرق السعودية نشأة في إقليم الحجاز، فإن نادي الاتحاد الرياضي بمدينة جدة يعتبر أقدم الأندية السعودية الحالية نشأة على الاطلاق، كما تجمع معظم المصادر الموثقة، ويليه في القدم أندية الأهلي والوحدة والربيع حالياً من جدة أيضاً، وبعض الفرق الأخرى التي تم دمجها مع غيرها تحت مسميات جديدة. ويأتي في الأقدمية بعد ذلك نادي أحد ونادي الأنصار بالمدينة المنورة، ونادي حراء بمكةالمكرمة، ونادي عكاظ بالطائف، ونادي التهامي بجازان، ونادي الشباب بالرياض، ونادي الاتفاق والصفا من المنطقة الشرقية. ويشير "الأنصاري" إلى أن أول من أنشأ ملاعب للعبة التنس في مدينة جدة هو الأمريكي الخبير الزراعي "توتشيل" وكانت تقام مباريات وتقدم كؤوس ثم أنشأت جهات أخرى ملاعب مماثلة مثل شركة جلاتي هنكي والسفارة الأمريكية بالرغم من أن "الأنصاري" لم يحدد تاريخ ذلك (6). وقد أشار "توتشل" نفسه إلى أن "العربي يميل بفطرته إلى الألعاب الرياضية وان كرة القدم والسلة منتشرة في المدارس السعودية" (1947م)(7). وقد كانت في مدينة جدة فرق رياضية قديمة أخرى انحلت أو اندمجت مع غيرها ك: الهلال البحري، والهلال الحيوي، والرياضي، والاتحاد السعودي، والاتفاق، والشاطئ، والكوكب، والكواكب، والاعتصام، والأولمبي، والسلام، والتسامي، ورضوي، والطالب، والزمالك، والشعب، والنهضة وغيرها، وهو ما ينطبق كذلك على فرق عديدة في مكةالمكرمة كان لها شأن في كرة القدم مثل فرق: الأهلي المكي، والشباب، والعلمين، ونسور الحجاز، والشبيبة، والشرق وغيرها من الفرق التي كانت لغير السعوديين في جدةومكةالمكرمة على حد سواء والتي تلاشت بعيد بداية ظهور التنظيمات الإدارية للرياضة السعودية في الحجاز منذ عام 1372ه، ومن ثم فقد استحال على كثير من هذه الفرق الاستمرار في أنشطتها لعدم قدرتها على تلبية الشروط الرسمية التي وضعت حينها للترخيص لها بمزاولة أنشطتها الرياضية وخاصة كرة القدم. غير أنه تجدر الإشارة إلى أن هذه الفرق لعبت دوراً كبيراً في تطور حركة الرياضة السعودية، وكانت مجالاً متاحاً ومتسعاً للعديد من أبناء البلاد لممارسة أنشطتهم الرياضية وخاصة كرة القدم، ولذلك يمكن القول ان كثيراً من نجوم كرة القدم في تلك المرحلة انما ظهروا في البداية في هذه الفرق ثم انتقلوا إلى الفرق الكبرى القوية فيما بعد نظراً لشدة التنافس ومحدودية الاعداد التي كان يمكن أن يستقطبها أي فريق مهما كانت إمكانياته في تلك الفترة بخصائصها المادية والتنظيمية والمعنوية المحدودة. وإلى اللقاء في الغد بإذن الله. (1) أمين الريحاني، (د.ت)، ملوك العرب، دار الجبل، ص: 46-48، 53.(2) عبدالقدوس الأنصاري، (1381ه)، موسوعة تاريخ مدينة جدة، المجلد الأول، مطابع الروضة، جدة، ص: 237- 238.(3) محمد علي مغربي، (1402ه)، ملامح الحياة الاجتماعية في الحجاز في القرن الرابع عشر للهجرة، تهامة، جدة، ص: 252.(4) حسين محمد نصيف، (1349ه)، ماضي الحجاز وحاضره، مكتبة مصطفى البابي، القاهرة. (5) راجع في هذا العدد: مغربي، مرجع سابق، ص: 252- 253.(6) الأنصاري، مرجع سابق، ص: 266.(7) ك. س. توتشيل، (1953م)، المملكة العربية السعودية ومصادرها الطبيعية، الطبعة الثانية، (تعريب: شكيب الأموي)، القاهرة، دار احياء الكتب العربية، ص: 110.