في طبعنا العربي قدر كبير للضيوف فحسن الاستقبال والضيافة من شيم العرب، وتوالت قصص الكرم الحاتمي في التاريخ العربي، مع ذكر لإيوانات استقبال الضيوف والأجنحة الخاصة بذلك ومعظم ذلك خاص برجال العرب، ونادرة تلك الروايات عن ما يماثلها من مجالس لسيداتهم!! حتى إن مشاهدتنا العينية لبعض آثار الأجداد القدماء والحديثين شواهد تؤكد تلك الخلاصة، ولكن عربيات اليوم لم يتركن هذا التميز لجنس الرجال وضيوفهم. بل أصبحت الصدارة والاهتمام بالمجالس وصالات الاستقبال لهن دون الرجال، بل قد تسيطر أو تستولي سيدة اليوم على صوالين المنزل وصالاته جميعها، لانها فقط أصبحت وتهوى التنقل بضيافتها بينها. فتجعل من صالون العائلة ركنا مميزاً لونا أثاثا ليكون مجلسا للشاي، وصالون النساء فتجعله أكثر تكلفا وإبداعاً، لتقضي به بقية الوقت مع ضيفاتها. وأما صالون الرجال فتفضله للرسميات منهن. كما سعت حثيثا لتعدل مسمى صالون الرجال إلى صالون الضيوف عامة دون تخصيص لجنس بعينه، وذلك أمام الأبناء والزوج، حتى يألفوا هذا المسمى، محققة بذلك مخططاً استعمارياً، فهي حققت فعلا جزءا من مخططاتها بإبعاد الزوج والأبناء عن جدران الفلة، وجعلتهم يكتفون بخيمة أو غرفة ملحقة بفناء المنزل. أحيانا إلى أبعد من ذلك كالاستراحات والمقاهي ومحلات الكفى، فتكون بذلك (كوشت)على الجمل صوالين وحدائق. حتى قبو المنزل وأطراف المسبح لم يسلم من تلك المخططات الاستعمارية. في حقيقة الأمر هي ليست بمؤامرة حاكتها السيدات... ولكنها من صنع الحياة الجديدة. نعم تغيرت ارتباطاتنا وعلاقاتنا الاجتماعية، وتغيرت طبيعة الحياة العملية للرجل والسيدة، مما انعكس على وظائف المسكن بالنسبة لهما. ولكن وللأسف بقيت من مخططاتنا المعمارية تؤكد أن بيوتنا كما كانت سابقا صالحة لحياة وظروف أخرى، لم تعد تناسبنا بالغالب. بل كما أرادها لنا آخرون عاشوا حياة انتهت أكثر أيامها وفصولها ان لم تكن كلها، وهم معها. أخيراً، أليس من الحق أن ندرس معاً (سيدة ورجل) حقيقة احتياجاتنا؟ وتلك الأعداد الكبيرة من الصوالين والتي عادت تضاف لها بالغالب الملاحق والأقبية؟ والمشكلة تكمن أننا ندرك تغير حاجاتنا من المسكن ولكن قيود الفولاذ التي صنعتها المسميات (صالون الرجال وآخر للنساء وكذلك للعائلة....) مازالت عالقة بأيدينا.