في أحد مكاتب الضمان الاجتماعي جاء مستحق الضمان «المعتاد» يريد حقه فطلب منه الموظفون «ورقة» إثبات حياة. قال لهم أنا أمامكم حي أرزق وهذه بطاقة الأحوال وبها صورتي وتثبت أن الحي الذي يتحدث أمامكم هو أنا، قالوا له: احضر شهوداً!!. تصوروا أحضر شهوداً أنك حي (أليس الأمر مضحكاً؟!) فطلب منهم هم أن يشهدوا أنه حي فرفضوا بحجة أن الموظف لا يشهد. منذ سنوات وفي مصلحة معاشات التقاعد عايشت بنفسي موقفاً لمراجع يدفع كرسياً متحركاً يقبع فوقه شاب معاق بشلل رباعي وقد نحلت وانحنت ذراعاه وساقاه وكان الموظف يريد إثباتاً بتقرير طبي أن هذا الوريث معاق ومستحق لتقاعد والده. وكان يتعامل بطريقة غير إنسانية مطالباً بإبعاد المعاق عن وجهه فهو يريد ورقاً لا إنساناً في كرسي. مرافق المريض يقسم بربه أنه صرف مبالغ كبيرة (نسبة لحالته المستورة) دفعها لسيارات الأجرة متنقلاً من مستشفى لآخر يريد تقريراً يثبت أن هذا الشاب المعاق معاقاً!!، وأن المستشفيات ترفض بحجة انه لم يحضر خطاباً رسمياً من مصلحة التقاعد يطلب التقرير (عجباً ليس في عرف وزارة الصحة لدينا أن الإنسان من حقه أن يحصل على تقرير طبي عن وضعه إذا طلبه بنفسه). لابد من خطاب رسمي، ومصلحة معاشات التقاعد وباسم موظفها الفظ الغليظ ترفض إعطاءه خطاب طلب تقرير للمستشفى فكاد المسكين والمعاق أن ينفضا من حول الموظف دون الحصول على حقه المشروع المستقطع من رواتب والده. بعد تدخل الحضور وأنا منهم اقتنع رئيس الموظف بتوقيع الخطاب وطلب من الموظف إعداده فرفض «دلالة واضحة على غياب سياسات العمل وضعف المدير» لكن الخطاب كتب ووقع بتعاون المراجعين. وزارة الصحة كانت طرفاً في أحد المثالين ممثلة بالبيروقراطية في أمر التقارير الطبية وليست على الإطلاق أفضل حالاً من وزارة الشؤون الاجتماعية. السؤال الآن هل نحن وفي ظل هذه البيروقراطية التي ذكرت أمثلتها مهيئون لتطبيق الضمان الصحي التعاوني في عام 2007م أي بعد عام واحد؟!. لنقل إن وزارة الشؤون الاجتماعية وعدت بصرف مستحقات الضمان شهرياً وبطريقة إلكترونية بنكية منظمة، هل يمكن لوزارة الصحة أن «تعد» تعد فقط بأن المرضى المؤمن عليهم لن يعانوا من بيروقراطيتها المتأصلة وهي التي أشرعت الضوء الأخضر أمام مستشفيات القطاع الخاص بعدم استقبال الحالات الإسعافية إلا إذا كانت حالات حرجة وذلك قبل أن تضع تعريفاً للحالات الحرجة بل ولم تضع هذا التعريف حتى يومنا هذا. الجواب لدى المستشفيات الخاصة وشركات التأمين وشركائهم فيبدو أن الأمر كله بات تجارة حرة.