يروى عن أحد الزعماء اللبنانيين أنه عندما فاز بانتخابات الرئاسة اللبنانية، وأدى القسم القانونية في مبنى مجلس النواب اللبناني، ودخل إلى قصر الرئاسة شاء مناصروه ومحازبوه من أهل منطقته أن يكرموه في حفل كبير. لبى الرئيس الدعوة، وألقى كلمة في الحفل الكبير المبهر قال فيها: «اسمعوا يا أخوان «...» سأظل في القصر الرئاسي ست سنوات، لكن بعد هذه السنوات الست، وعندما أترك الرئاسة أتمنى أن لا يأتيني من يقول إنني فقير، ليس عندي مصاري، ليس عندي سكن، من يأتيني بعد هذا الزمن سأضربه بالصرماية..» بطريقة غير مباشرة، أو بإيحاء رئاسي مبطن ومتواطئ يقول هذا الزعيم «لا تتركوا وسيلة من الوسائل تقودكم إلى الثراء، وجمع الأموال، وامتلاك الأراضي، ومرافق الخدمات إلا ومارسوها، انتم في حمايتي كي لا تكونوا عالة عليّ في المستقبل..!!» بسيط ذلك الزعيم، وعفوي. هكذا يحسب الرئاسة، حكم عشائر، وقبائل، واستبداد، وإقطاع، وعبث بمقدرات الشعب، والناس، والوطن. كان هذا السلوك مضحكاً، ومحزناً في آن..!! نسينا هذه القصة الطريفة ذات الدلالات. تجاوزناها. ترحمنا على صاحبها، أصبحت نادرة تروى للتسلية والضحك والتفكه. لقد جد جديد، حيث أفرزت هذه الأمة - وهذا مؤسف وخطير - زعامات أشبه بقطّاع الطرق، والقتلة، والمجرمين، والسفاحين، ومارسوا سلوكاً مخيفاً في الإرهاب، والجريمة، وسفك الدماء، ونهب ثروات الشعوب، وتوظيف مكتسبات، ومقدرات الأوطان ومداخيلها من أجل إشاعة القمع، وانتهاك الحريات، ومصادرة العقول، وتدجين الناس عبر الخوف والترهيب في داخل أوطانهم، وممارسة الأفكار التآمرية، وأعمال العنف والتصفيات الجسدية، ودعم منظمات الإرهاب وقواه بما هو يشكل خطراً كبيراً على أمن الشعوب والأمم، ويعيق حركة المجتمعات في العملية الإنتاجية لما هو خير الإنسان، ومستقبل الأوطان، وتألق البشرية. خرج إلينا، ووصل إلى كراسي القرار، والقيادة، وصناعة التوجهات العربية من هو فاقد تماماً لأدنى درجات العقل والتعقل، ومن هو غير سوي في القول، والفعل، والسلوك، والممارسة بحيث أصبحت تلك الشعوب التي ابتليت بهذه الزعامات تدفع أثماناً باهظة من حقها في التعليم، والصحة، والأمن الحياتي والاجتماعي، والاقتصادي بسبب حماقات وجنون تلك الزعامات. عندما نقرأ التاريخ نفجع بقيادات وزعامات مثل هولاكو، ونيرون، والحجاج بن يوسف. طغاة، دمويون، ميكافليّون. ويستمر التاريخ يقدم النماذج غير السوية. صدام حسين، والصف الثاني عنده، علي الكيماوي، عدي صدام حسين، طه ياسين رمضان. ولايزال على المسرح الإرهابي الدموي، معمر القذافي. نماذج مخيفة وبائسة للعقل القيادي عند بعض زعامات هذه الأمة، والمؤلم كثيراً أن هذه القيادات التي وصلت في غفلة من الزمن، وفي ظروف تآمرية على هذه الأمة تجد من يصنمها، وتجد من يصفق لها، ويسوغ ممارساتها. إنه عصر مخيف، لا نكاد نستبين فيه مستقبلاتنا في وجود هذه الزعامات..!!