نحن مجتمع عاطفي تحكمنا المشاعر فتغلب على العقل احياناً.. ولذلك كنت - ولا أزال - أنادي بضرورة التأني في إصدار القرار أو إطلاق الأحكام فور وقوع الأحداث. والخروج المرير لمنتخبنا الوطني من كأس الخليج في الدوحة فتح جراح الشارع الرياضي الذي لا يقبل الا البطولات. وكغيري من المعنيين بالشأن الرياضي كان لي رأي حيال البطولة ونتائجها، وهو رأي أعلم يقينا أنه لن يعجب الجمهور الحزين على خسارة منتخب الوطن. وكنت في الخيار بين الصمت والتواري عن الأنظار أو العزف على وتر الحزن وتوزيع الاتهامات او التصريح برأيي الذي أؤمن به منذ خروجنا المرير من كأس العالم 2002 في اليابان. ولأنني لا أرضى بأنصاف الحلول فقد اخترت اصعب الخيارات وقلت رأيي الشخصي وأنا على يقين برد فعل غاضب سيمس شخصي المتواضع، ولعلي اكتب اليوم معلقاً على ردود الفعل راجياً ان تتسع صدوركم الرحبة لحوار هادئ وبعيد عن الانفعال. تعالوا نتفق - اولاً - على ان الوصول للأهداف يبدأ بترتيب الأولويات، فالمنطق يؤكد أنه يستحيل علينا التركيز على كأس الخليج والعرب وآسيا والتأهل لكأس العالم في آن واحد وبنفس الدوحة، ولذلك فنحن نشاهد الأندية الاوروبية تلعب الدوري بتشكيل مختلف عن الكأس.. بل إنني أتذكر أن «مانشستر يونايتد» قد اعتذر عن المشاركة في كأس انجلترا في العام الذي شارك فيه ببطولة اندية العالم. ويقول «هيدالقو» المستشار الفني للمنتخبات الكويتية: إن التأهل لكأس العالم أهم من كأس الخليج، وأنت عزيزي القارئ تتذكر بفخر هدف «العويران» في بلجيكا قبل اكثر من عشر سنوات، ولا أظنك تتذكر شيئاً من كأس الخليج التي حققنا كأسها في الكويت قبل عشر أشهر. فلماذا الغضب إذا قلت بأن كأس العالم هي الأهم.. رغم أهمية كأس الخليج. ثم تعالوا - ثانياً - لنتذكر نكسة اليابان 2002 التي اتفقنا بعدها على ضرورة البناء لألمانيا 6002 كأولوية مطلقة.. فلماذا نغير رأينا الآن ونطالب بكأس كل بطولة! ولماذا نبالغ في جلد الذات بطريقة قد تؤثر سلباً في تحقيق الهدف الأهم الذي نسعى اليه. ولماذا تغضبون حين أقول بأن يتعلم المدرب ويخطئ في كأس الخليج خير من ان يتعلم ويخطئ في مباراة التاسع من فبراير امام اوزباكستان التي تعد مفتاح التصفيات المؤهلة لكأس العالم باذن الله. ثم تعالوا - اخيراً - لنتعلم من شيخ الإسلام الإمام الشافعي الذي قال: رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب، ولعلي اقل من المعارضين في فهم شؤون الرياضة فأعكس قول الإمام بأن رأيي خطأ يحتمل الصواب ورأيكم صواب يحتمل الخطأ. دون الحاجة للتشنج والغضب.. فنحن ابناء وطن واحد نسعى لهدف واحد لن يتحقق الا اذا كنا على قلب واحد. ولعلي أتمثل قولاً آخر للإمام الشافعي حيث يقول: ما جادلت أحداً إلا تمنيت ان يجري الله الحق على لسانه. والحق هنا يشمل سداد الرأي وسلامة العبارة وحسن المنطق.. فتعالوا نتناقش ونتجادل ونختلف بوعي يقود للاتفاق على ان صالح الوطن هو الغاية وان الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية... وعلى دروب الخير نلتقي،،