تتوقع ميزانية المملكة لعام 2006 نفقات حكومية إجمالية تقدر بحوالي 335 مليار ريال، أي أعلى بحوالي 20٪ من التقديرات الأولية لميزانية عام 2005 والتي بلغت 280 مليار ريال، إلا أن توقعات الإنفاق بميزانية عام 2006 أقل بحوالي 1,7٪ عن النفقات الفعلية لعام 2005 والتي بلغت 341 مليار ريال. ومن الواضح أن النفقات الفعلية لعام 2005 عكست موقفاً توسعيا في السياسة الماليةً، متجاوزة التقديرات الأولية بنحو 61 مليار ريال. وإذا ما أخذت ميزانية عام 2006 بمنظور التقديرات الأولية في عام 2005، فإنها تشير إلى أن الحكومة مستمرة في سياستها المالية التوسعية، مما سيدفع باستمرار وتيرة النمو المرتفعة في مجمل النشاطات الاقتصادية. وحتى إذا ما تم قياس ميزانية عام 2006 على أساس الميزانية الفعلية لعام 2005، فإنه نظراً لحجم الزيادة في الإنفاق للعام الماضي فإنها تعتبر توسعية، خصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار حجم الإنفاق الرأسمالي . ويشكل الإنفاق على المشاريع حوالي 126 مليار ريال أو نحو 37٪ من إجمالي النفقات المقدرة لعام 2006، وهو أعلى بحوالي 68٪ عن تقديرات الإنفاق على المشاريع في الميزانية الأولية لعام 2005 والتي وضعت عند مستوى 75 مليار ريال. ومن المرجح أن يؤدي تخصيص مبالغ أكبر للمشاريع الجديدة في عام 2006 من إتاحة العديد من الفرص الكبيرة لمقاولي الإنشاء في مجالات الصحة والتعليم والمياه والصرف الصحي وأعمال البلديات والنقل والاتصالات وتوليد الطاقة. وكما ورد في بيان ميزانية عام 2004، فقد قدر أن الناتج المحلي الإجمالي الفعلي لقطاع الإنشاء قد نما بحوالي 6٪ في عام 2005، إذ يتوقع له أن يشهد المزيد من النمو استناداً على الزخم الحالي بهذا القطاع. ويتوقع بيان ميزانية عام 2006 إيرادات إجمالية تبلغ 390 مليار ريال، أي أقل بحوالي 30٪ عن الإيرادات الفعلية لعام 2005 والتي بلغت 555 مليار ريال، وهذه الأخيرة كانت بدورها أعلى بحوالي 98٪ أو أكثر بحوالي 165 مليار ريال عن التقدير الأولي بميزانية ذلك العام والذي كان 280 مليار ريال. وبهذا يكون قد توفرت فوائض مالية تبلغ قيمتها 214 مليار ريال، وإزاء ذلك تمكنت الحكومة من خفض الدين العام الذي تم تقديره في بداية العام بمبلغ 614 مليار ريال إلى 475 مليار ريال في نهاية العام الحالي» مما يعني أن الدولة قامت بتسديد ما قدره 139 مليار ريال إلى مصلحة المعاشات والتقاعد، التأمينات الاجتماعية والبنوك. كما أن بقية الفائض بنحو 75 ملياراً يبدو أنه قد خصص في بناء أرصدة خارجية، حيث ارتفع مستوى الأصول الأجنبية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي خلال التسعة الشهر الأولى من عام 2005 من 324,1 مليار ريال في بداية العام إلى 467,2 مليار ريال في شهر سبتمبر من عام 2005، أي بزيادة صافية بلغت 143 مليار ريال. وفي هذا مؤشر كبير على التحسن القوي في المركز المالي للمملكة العربية السعودية في السنوات الماضية نتيجة للانتعاش القوي لأسعار النفط والتي بلغ متوسطها 56 دولاراً للبرميل من البرنت لعام 2005. وبالنظر إلى تقديرات وزارة المالية للناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بنحو 1152 مليار ريال في عام 2005، يكون قد وصلت نسبة فائض الميزانية إلى الناتج المحلي نحو 18,5٪ في عام 2005 كما انخفضت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 41٪ بنهاية العام الحالي. ولم تقدم الحكومة أرقاما مفصلة للإيرادات النفطية والإيرادات غير النفطية لعام 2006 والتي تم تقديرها بنحو 390 مليار ريال. وإذا ما افترضنا أن الإيرادات غير النفطية سوف تبقى عند مستوياتها للسنوات الماضية بنحو 55 مليار ريال، فإن الإيرادات النفطية قد قدرت بحوالي 335 مليار ريال، أي أقل بحوالي 33٪ من الرقم الخاص بالإيرادات النفطية الفعلية لعام 2005 والتي قدرت بنحو 500 مليار ريال. وبناء على ذلك، ستشكل الإيرادات النفطية حوالي 86٪، بينما سوف تشكل الإيرادات غير النفطية النسبة المتبقية وهي 14٪ من إجمالي الإيرادات المتوقعة لعام 2006. وبما أن متوسط إنتاج المملكة من النفط خلال الفترة من شهر يناير إلى شهر أكتوبر من عام 2005 بلغ نحو 9,5 ملايين برميل في اليوم مع التوقع بارتفاع إنتاج المملكة إلى نحو 9,6 ملايين برميل يومياً لعام 2006، فإن هذه التقديرات تشير إلى أن الحكومة قد افترضت احترازياً أن متوسط سعر نفط خام برنت سيبلغ حوالي 30 دولاراً للبرميل. وبيد أن الأسعار المتوقعة للنفط خلال عام 2006 قد تكون أعلى بكثير من تلك المفترضة في التقديرات الأولية للإيرادات النفطية لعام 2006، فهذا الأمر بلا شك سيتيح للحكومة الاستمرار بقوة في تنفيذ برامج الإنفاق الكبيرة مع علمها باستمرار القدرة على خفض الدين العام، وكذلك بناء احتياطيات كبيرة كما حدث فعلياً في عام 2005. * كبير الاقتصاديين البنك الأهلي التجاري