حسناً.. دعونا نتمهل قليلاً.. لنؤجل الحكم الى ما بعد الاستماع للطرف الآخر في قضية الصغيرة «رهف» كما طالب والدها... فماذا قال الطرف الآخر والذي هو الوالد؟ قال يوم الثلاثاء من هذا الاسبوع «للمدينة» ان ابنته «تعيش سعيدة معه، وانه بعد ساعات من إيصالها الى مدرستها ورده اتصال من المدرسة بأن ابنته نقلت الى المستشفى.. ووجد انها مصابة بعدة إصابات علماً بأنه عندما اوصلها لم يكن بها أي شيء»! إنه يوجه اتهاماً صريحاً للمدرسة! وبنفس مقطع الحوار يضيف رداً على سؤال الصحفي «من يتهم بضرب ابنته»؟ قال: «لم تتضح الامور حول ذلك نهائياً ونحن مستمرون في البحث عن المتسبب»!.. وحول ما اثير عن اتهام زوجته بضربها قال «كما قلت لك لم يثبت انها الزوجة او الخادمة او اخواتها.. وكما اسلفت انا اوصلت ابنتي الى المدرسة سليمة.. وانا اطالب ادارة التعليم بالتحقيق مع المدرسة لكشف كافة الملابسات»! رغم ذكره لامكانية تأذي الطفلة في بيته من قبل الزوجة والخادمة والاخوة الى انه يعود ليصر ان ابنته كانت سليمة حين ايصالها للمدرسة وان الادارة افترت عليه وآذت ابنته! الاب تجاهل اقوال البنت الضحية، وتجاهل تفاصيل حكايتها التي روتها لادارة المدرسة وللمستشفى، وتجاهل ان هناك اطباء شرعيين يمكنهم تحديد زمن الإصابة ونوعها.. فأثر التعذيب الذي عمره ساعة وساعتين يختلف عن زمن الاثر الذي حدث منذ يوم واكثر! المشكلة التي تعني الاب بالدرجة الاولى ليس تخليص ابنته من عذاباتها وإنقاذها، بل ما يهمه هو ان ما حدث هو تشهير به وبابنته وبزوجته! فقد هدد قبل يومين من تصريحه هذا «عبرالرياض/العدد 13670» برفع شكوى ضد هذا التشهير الصحفي، بالاضافة الى قيام المدرسة بنقلها الى المستشفى دون بلاغه.. وان المسألة «مشكلة عائلية» يمكن حلها لكنها تحولت الى قضية تدخلت بها الصحافة دون وجه حق»! شخصياً.. انا لا احاكم هذا الاب فمحاكمته ليست من اختصاصي.. ولكن كل ما ارجوه، عندما يرفع هذا الاب شكواه للمحكمة، ان لايحظى بقاض يؤيده في ان المسألة فعلاً «شأن عائلي» ما كان يجب ان تتعامل بها المدرسة والصحافة بهذا الشكل دون علم الأب.. فينجو الأب بقضيته، وينقلب الحكم على المدرسة وعلى الصحيفة التي نشرت الخبر! أقول هذا وأنا التي سبق وعانيت من وجود قاض مثل هذا حين نشرت منذ سنوات عن قضية أب عذب عائلته وشردها، ومع ذلك حكم هذا القاضي باعتبار الموضوع «شأناً عائلياً».. فجاء الحكم لمصلحة الظالم وتجاهل عذابات الأسرة المظلومة!.. كما نالني - كصحفية نشرت الموضوع - حكماً بالإيقاف وغرامة مالية.. وتهديداً بالقتل من ظالم لم يردعه قانون! ولأجل كل هؤلاء.. لأجل حماية رهف ومثيلاتها الأخريات.. ولأجل حماية صحفيين شرفاء: أسأل الله السداد لقضاتنا.. وأسأله أن يرزق رجالنا ونساءنا قلوباً رحيمة ونفوساً طيبة.. كما أسأل الأجر العظيم لإدارة المدرسة وإدارة المستشفى وجمعية حقوق الإنسان التي تابعت القضية.. إنه سميع الدعاء. [email protected]