كنت منذ زمن بعيد أنوي التقدم لمقام وزارة الداخلية ملتمساً إياها إعادة النظر في قرار قديم كان قد صدر في مطلع الثمانينات الهجرية، وبموجبه تحولت منطقة القنفذة من إمارة رئيسية مرتبطة بوزارة الداخلية إلى إمارة تابعة لمنطقة مكةالمكرمة، وذلك على الرغم من أهميتها، واتساع مساحتها وكثافة سكانها، ومكانتها التاريخية والجغرافية، وامتدادها الواسع في السهل والجبل، وأخذها بأطراف أربع مناطق إدارية هي منطقة مكةالمكرمة التي تتشرف حالياً بالتبعية لها، ومنطقة جازان جارتها من الجنوب، ومنطقة عسير جارتها من الشرق والجنوب الشرقي، ومنطقة الباحة جارتها من الشمال الشرقي. وما من منطقة من هذه المناطق، وخصوصاً الثلاث الأخيرة، إلا وكانت إدارة التعليم بمحافظة القنفذة تشرف تعليمياً على قطاعات كبيرة منها استقلت فيما بعد، وتحول بعضها إلى مديريات تعليمية هي مديرية تعليم رجال ألمع، ومديرية تعليم محائل عسير، ومديرية تعليم المخواة، ومديرية تعليم الليث. وحتى بعد انفصال هذه المديريات التعليمية ظلت القنفذة مركز الثقل بين هذه المديريات لما تمتلكه من خصائص يأتي على رأسها كثافتها السكانية، وامتدادها الجغرافي، وسبقها على غيرها في أمور كثيرة يطول ذكرها، ومنها انها من أقدم المناطق الإدارية في المملكة. فالقنفذة بوضعها الحالي تتفوق على كثير من المناطق الصغيرة في بلادنا الحبيبة، وتقترب من حيث مساحتها وعدد سكانها من مساحات وأعداد سكان المناطق المناطق الثلاث المجاورة لها من الجنوب والشرق والشمال الشرقي إن لم تتفوق على بعضها. وتتكون من عدد من الأودية الآهلة والمكتظة بالقرى والمدن التي تكون قطاعات كبيرة ما منها إلا ويصلح أن يكون محافظة برأسه، بالإضافة إلى قطاعين جبليين كبيرين هما العرضية الشمالية والعرضية الجنوبية، وما منهما إلا ويصلح محافظة كذلك. كما أن للقنفذة تاريخا عريقا في العصور القديمة والإسلامية، وفي العصر العثماني بوصفها ميناء عسير الأول، وأول ميناء اتخذه الملك عبدالعزيز «رحمه الله» على البحر الأحمر حينما كان محاصراً لجدة، ولها قصب السبق على كثير من مناطق المملكة في الأخذ بالتعليم النظامي الحديث، وبوسائل التطوير الإداري للمملكة، وبالجملة فقد عاصرت القنفذة وتفاعلت مع النهضة السعودية الحديثة منذ بواكيرها الأولى، ولا تزال تسهم بقدراتها البشرية في مسيرة تطور الوطن في ظل قيادته الرشيدة. وبناء على ما سبق، بالإضافة إلى حاجة القنفذة الملحة إلى الاعتبارات والخدمات التي توليها الدولة لسائر مناطق المملكة المرتبطة بوزارة الداخلية مباشرة، فإنه يحدوني الأمل، ويغمرني التفاؤل بأن تكون محافظة القنفذة من بين المناطق الجديدة التي تسعى الوزارة قريباً إلى استحداثها سواء تحت مسمى إمارة القنفذة، أو إمارة منطقة تهامة الساحلية، فهي حقاً سرة تهامة، وقلبها النابض. فهل يعيد التاريخ نفسه، وتعود محافظة القنفذة إلى سابق عهدها منطقة إدارية مرتبطة مباشرة بوزارة الداخلية؟ إننا لنرجو ونكرر الرجاء!!! * قسم الآثار والمتاحف - كلية الآداب - جامعة الملك سعود