بعد النجاح التي حققته رواية «الفوارس» للكاتب والروائي حسن الشيخ التي حظيت بإعجاب المتلقي ودراسات النقاد وما أثارته من جدل حول بنية الرواية ومضمونها وما أثارته بين دفتيها: هل سيحظى القارئ في قادم الأيام بعمل يوازي «الفوارس» أو يفوقه؟ - حسن الشيخ: أظن ذلك.. فقد تناولتها الصحافة المحلية بالكثير من الاحتفاء، واستقبلها القراء بالكثير من اللهفة.. فقد كتب عنها الكثير من الدراسات والمراجعات النقدية في صحافتنا المحلية مثل ما كتبه الدكتور سلطان القحطاني في جريدة الجزيرة وما كتبه الزميل الشاعر محمد الجلواح في المجلة العربية. وأظن أن السر وراء ذلك، هو أن الفوارس حاولت بعث الحي القديم في منطقة الأحساء الذي سقط صريعاً من جراء التحولات الاجتماعية التي شهدتها المنطقة في نهايات القرن المنصرم.. لقد طرحت رواية الفوارس قضية الاغتراب أو الاستلاب الروحي الذي عايشته شخصيات الرواية، مثل عماد العامري بطل الرواية وأصدقائه.. وحاولت بالفوارس أن أصور مأساة العامري على أنها مأساة إنسانية، حللت فيها دوافع النفس الإنساية وهمومها وتجولت كثيراً في أعمالها. ولعل أحد أسباب نجاح الفوارس إبرازها حب وشغف أهالي الأحساء بهذه المنطقة، فمهما بعدوا عنها عاودوا الحنين إليها مرة بعد أخرى مثلما حصل مع الدكتور الأحسائي الذي قابله عماد العامري في بريطانيا ووجد أن الغربة لم تزده إلا حنيناً لهذه الأرض وحباً، حتى تشاء الأقدار أن يتزوج أخت عماد العامري. ولقد رشحت الفوارس لنيل جائزة (أبو القاسم الشابي) الثقافية في تونس كنموذج سردي جديد وفاعل للرواية السعودية. في تلك الفترة صدر لي كتابان هامان: (آخر الفلاسفة) و(اينسوفان ثائران) وهما يترجمان لسيرة الفيلسوف احمد بن زين الدين الأحسائي.. إلا أن نجاح رواية الفوارس بالطبع حرضني على الكتابة السردية من جديد، فصدر في العام المنصرم عن النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية مجموعة قصصية بعنوان (حافلة الأحساء) استقبلها الوسط الثقافي بترحيب أحسائي حار. تلك النجاحات شجعتني لكتابة روايتي الجديد (المنارة) التي حاولت صياغتها بأسلوب سرد هندسي مغاير لكتابتي في الفوارس.. فنجاح الفوارس لا يعني انني أرهب في تكرار أدواتي ومواضيعي السردية.. بل كتبت (المنارة) بأسلوب جديد، وبنفس آخر، وتناولت فيها موضوعاً مغايراً.. فإذا كان الصراع في الفوارس صراعاً ذاتياً داخلياً، فإن الصراع في المنارة صراع جماعي خارجي.. ولم اختر الأحساء مسرحاً لها.. لقد أبعدتني الصحافة عن الأحساء قسراً.. فقد هاجمتني الصحافة المحلية بأنني أخادع القارئ واستميله لقراءة أعمالي، هاجمني الأقرباء والأصدقاء في كل قصة حينما يحاولون أن يجدوا أنفسهم في أعمالي القصصية معتقدين انني اكتب تاريخاً.. رغم انني أعمد للتاريخ وأشوهه لأنه لا يعنيني - فأنا قاص.. والقاص معني بكتابة قصة ناجحة، وليس معنياً بالبحث عن الحقيقة التاريخية، وهذا ما حصل في قصتي الأخيرة (حينما طار الميرزا) والتي نشرت في بعض الصحف الالكترونية، اعجب بها من أعجب واعترض عليها من اعترض بذهنية تاريخية بحتة، لا بذهنية سردية ناقذة. ٭ حسن الشيخ، كاتب وروائي - الدمام