«هيئة الطرق»: مطبات السرعة على الطرق الرئيسية محظورة    هل اقتربت المواجهة بين روسيا و«الناتو»؟    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    أرصدة مشبوهة !    حلول ذكية لأزمة المواقف    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    فعل لا رد فعل    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد سناجلة: الإبداع يسبق التنظير دائماً السيد نجم: المنجز الإنساني لا يأتي إلا من حاجة
الرواية الرقمية هل ستضيف فناً جديداً؟!
نشر في الرياض يوم 24 - 11 - 2005

هل حان الوقت لأن تنتج الثقافة الرقمية وعالم الشبكة العنكبوتية إبداعها الخاص. هل لدينا قارئ مهيأ للتعاطي مع الرواية الرقمية؟ إلى أي حد ستضيف الرواية الرقمية فناً جديداً!! هل سوف يأتي يوم وتحل الرواية الرقمية محل الرواية الورقية!! انها أسئلة تتوالد مع صدور الرواية الثانية الرقمية بعنوان «شات» للروائي محمد سناجلة. وفي هذا الحوار ل «الرياض» مع الروائي محمد سناجلة صاحب أول رواية رقمية في العالم والتي كانت بعنوان «ظلال الوجد» ومع الناقد المصري السيد نجم أحد النقاد المؤمنين بالرواية الرقمية. نتعرف على ملامح هذه التجربة الإبداعية الجديدة.
وكان السؤال الأول للروائي محمد سناجلة: قبل صدور روايتك الأولى قمت بالتبشير عن الرواية الرقمية بكتاب تنظيري بعنوان «رواية الواقعية الرقمية» هل تجد أن التنظير ممكن أن يسبق الإبداع. وهل حقق الكتاب صدى لمن قرأ الرواية لاحقاً؟
محمد سناجلة: أود تصحيح المعلومة هنا، لقد صدرت روايتي «ظلال الواحد» كأول رواية تفاعلية في الأدب العربي، وأول رواية واقعية رقمية في العالم عام 2001 أي قبل سنتين من صدور كتاب «رواية الواقعية الرقمية» الذي صدر بنسخته الرقمية كاملاً عام 2003 وبنسخته الورقية عام 2005، هذا يعني أن الإبداع كان سابقاً على التنظير النقدي، وفي الحقيقة فإن ظلال الواحد والهجوم الشرس الذي تم عليها بعد صدورها كان هو الدافع وراء صدور كتابي التنظيري «رواية الواقعية الرقمية» هذا يعني أن الإبداع يسبق التنظير، وهو دائماً كذلك، يبدع الكاتب ثم يأتي دور المنظر والناقد، طبعاً كانت مقولات رواية الواقعية الرقمية واطروحتها حاضرة في ذهني وأنا اكتب ظلال الواحد، لكن ليس بذلك الوضوح الذي حدث بعد أن انتهيت من كتابتها، وبعد الهجوم عليها.. بصدق أقول لك إن ظلال الواحد علمتني الكثير، كانت تجربة أولى، وتعلمت منها الكثير، وحين انظر الآن إلى ظلال الواحد بعد مرور أربع سنوات على صدورها أعرف كم تطورت إبداعياً وتقنياً، وكم تجاوزتها، ولكنها تبقى طفلي الأول، الأكبر، وأنا مدين لظلال الواحد بالكثير الكثير، هي رواية علمتني وأنا احترم من يعلمني كثيراً.
وسألنا الناقد السيد نجم عن رؤيته لهذه التجربة الجديدة وكيف يرى حضور هذا الإبداع الطارئ في المشهد الإبداعي: تُعد «الرواية الرقمية» أحدث ما أنجبته القريحة العربية في مجال الإبداع الأدبي (هنا وقفة.. أصدقك القول الآن ما أن كتبت كلمة «إبداع» وما أن هممت لوصفه حتى شعرت بالحيرة، هل اكتب الإبداع النثري، أم الإبداع الأدبي أم الإبداع الفني أم اكتفي بكلمة «الإبداع»؟.. وأظن أن هذا التعليق على ما اكتبه إليك هو في الحقيقة جوهر الإجابة على سؤالك، وربما لأسئلة تالية) دعني أطرح عليك بعض الخواطر أولاً حتى نقترب أكثر من الموضوع.. فموضوع الثقافة الرقمية وعالم الشبكة العنكبوتية، وكل ما تم إنجازه خلال العشر السنوات الأخيرة في مجال التكنولوجيا الرقمية يُعد انفلاتاً، وولادة جديدة من عصر إلى عصر، ولست مبالغاً لو قلت إننا فعلاً انتقلنا إلى العصر الجديد، وربما ستبدو جلية وفارقة خلال العشرين سنة القادمة حتى في الدول الأقل تقدماً، أو تلك المعتمدة على استهلاك ما تنتجه تقنيات الدول التي انتبهت وبدأت في إنتاج التقنيات والتكنولوجيات الرقمية، وتوظيفها.. تلك الدول إن لم تنتبه سوف تسقط من سلة الحضارة القادمة، ولن تشارك فيها، قد تبقى مستهلكة لثقافات ومنجزاتها (وهنا الخطر الحقيقي على الثقافات العربية).
لم ابتعد عن الموضوع، تلك توطئة هامة، تجعل السؤال حول الرواية الرقمية، موضوعا له جذوره، ولم يسقط فجأة من السحاب. لذا يذكر للروائي الأردني «محمد سناجلة» جرأته في اقتحام هذا العالم، والحلم بإنجاز إبداع جديد، يذكر له ولفن الرواية العربية. أما وقد تحدثت معي حول فهم الرواية الرقمية كفن طارئ، وتسأل عن رؤيتي حوله.. أؤكد لك، أن المنجز الإنساني لا يأتي إلا من حاجة أو ضرورة. والرواية الرقمية ولدت لتبقى، وأذكر لأختنا د. فاطمة زوبان جهدها التنظيري في هذا المجال، كما أن الناقد «سعيد يقطين» جذر لهذا العالم الجديد المنتظر، كما لسناجلة صاحب الرواية (شات)، له جهد تنظيري أيضاً. وبداية أرفض اصطلاح أن الرواية الرقمية فن طارئ، لقد وجدت وسوف تبقى ليس لتحمس أو نتيجة انفعاله، بل لأنها ولدت ولادة طبيعية ولضرورة لاقت هوى عند مبدع وحيد الآن، إلا أنه مؤكد مع الوقت سوف تزداد المحاولات.. ومن يدريك ربما وأنت تقرأ الآن يكون هناك من يسعى لإنتاج رواية جديدة أو قصة قصيرة أو قصيدة!!
«الرياض»: البعض يرى أن قراءة الرواية في شكلها الرقمي أو الورقي عمل صعب ومرهق وغير مفهوم. الصعوبة في الحالتين هل تولد لديك شيئا من الاحباط وكيف ترى بالإمكان تجاوز هذه الصعوبة؟
محمد سناجلة: ربما كانت الصعوبة التي تتحدث عنها تخص الورقيين فقط، أو أولئك الذين اعتادوا على القراءة من خلال الكتاب الورقي المطبوع، هؤلاء سيجدون صعوبة في التأقلم مع القراءة من خلال شاشة الكمبيوتر، وهي صعوبة مؤقتة على أية حال إذ سرعان ما ستزول مع التعود على القراءة من خلال الشاشات سواء كان الكمبيوتر أو كتابا إلكترونيا، إن العلاقة بين النص ومتلقيه هي علاقة جدلية، وتعتمد على الطرفين، أي أنها حالة من التفاعل المشترك بين النص والمتلقي، وينطبق هذا أكثر ما ينطبق على رواية الواقعية الرقمية، سأتحدث الآن عن «شات» الرواية الجديدة، وردود الفعل التي جاءتني عليها، وكيف استقبلها القراء، أقول لك، إن المتعة التي وجدها جمهور القراء عموماً في شات المنشورة عبر الشبكة والمقروءة فقط من خلال شاشة الكمبيوتر، أقول لك إن هذه المتعة لا يمكن أبداً أن يجدها القارئ في الرواية المنشورة في كتاب مطبوع، فالمؤثرات البصرية والسمعية المستخدمة جعلت القارئ في حالة من المفاجأة المستمرة، والترقب الدائم لمن سوف يأتي «سأنقل لك ما كتبه الناقد اللبناني أحمد بزون عن انطباعه وهو يقرأ الرواية وذلك في مقالة له نُشرت على صفحات جريدة السفير اللبنانية، قال بالحرف الواحد» أنت لا تستطيع أن تقرأ باسترخاء تام، لأنك تبقى مدفوعاً بأمواج متلاحقة من المفاجآت والمؤثرات، تجعلك مشدوداً ومستفَزاً ومنجذباً إلى تبدل الألوان والتماعات الصور والتقلبات المفاجئة في طقس الرواية «هذا الترقب والانتظار هو سر اللعبة الروائية عموماً، أن تجعل القارئ في حالة مفاجأة دائمة. ساعطيك رسالة أخرى وهذه المرة من قارئ عادي، ليس ناقداً ولا كاتباً، قارئ اسمه أيمن بعث لي بهذه الرسالة بعد أن انتهى من قراءة «شات» سيد محمد الرواية رائعة وأنا شخصياً استفدت منها وأشكرك حقاً على هذا الجهد المبذول، وأضيف أنني من رواد الشات منذ سنين وذلك بسبب طبيعة عملي، ولا أخفيك أنني عشت في عالم الشتات بعض المواقف الكثيرة في هذه الرواية».
إن العصر الرقمي ينتج قارئه الرقمي، ورواية الواقعية الرقمية تُبدع قارئها أيضاً، ونحن الآن في مرحلة انتقالية، وفي المستقبل القريب سينتهي عصر القارئ الورقي والكتاب الورقي، لكني لا اكتب للزمن الحاضر، إن كتابتي هي للمستقبل، وأنا الآن حداثي جداً بالنسبة للجمهور والمثقفين العرب، لكني بعد عشرين عاماً على الأكثر سأغدو من الكلاسيكيات، سأكون قديماً وعتيقاً، إن لم احافظ على جذوة المغامرة في اعماقي والتحديث المستمر على اساليبي، وهذا هو التحدي الحقيقي لي، لا ما يكتب ضدي الآن.
السيد نجم: تسألني حول صعوبة قراءة الرواية من حيث كونها طويلة حجماً، وربما متعددة الشخصيات والمواقف، خصوصاً أن فنون الإبداع النثري الآن تعقدت واستعانت بفنون أخرى، مما جعل الرواية أكثر صعوبة - عما قبل على الأقل - سواء كانت رواية رقمية أو ورقية. أؤكد لك أن فن الرواية من الفنون النثرية «الجميلة»، التي يمكن للقارئ أن يجد فيها متعة الاسترخاء والتأمل والمعايشة.. ولكن بشرط فهم قواعدها ومعطياتها وأسرارها، مثل أي فن. أتذكر أنني لم أعجب بفن أحد الموسيقيين إلا بعد أن أخبرني أحدهم في أكثر من جلسة، أسرار ما أضافه هذا الموسيقي. كذلك الرواية.. بداية يجب أن يتم توعية القارئ بفنونها وأسرارها، حتى يتذوقها، بل ويبحث عنها. هذا حديث في العموم، أما ما يخص الرواية الرقمية منه، فهو لا شك أن الشكل التقني، وبالتالي الجمالي والتذوقي للرواية الرقمية يختلف جذرياً عن الرواية الورقية. ربما أشير الآن إلى قدر المعاناة والصعوبات التي لاقاها أخونا «سناجلة» خلال آخر شهرين أو ثلاثة، قبل الانتهاء من الرواية «شات».. وقد تابعت معه قدر المعاناة.. الجديد هنا، أن المعاناة لم تكن تخص الإبداع الأدبي أو الكلمة، فقد انتهى منها الكاتب، كان الألم كله في الإخراج التقني، والذي تم مع ثلاثة مهندسين! هل اقتربت الصورة؟، فقارئ الرواية الرقمية سوف يجد عالماً جديداً، فيه من التقنيات الفنية ما تقابل مع فنون أخرى غير فنون الكلمة، مثل المونتاج والمكساج والموسيقى التصويرية، والإخراج الفني، بالإضافة إلى توظيف تقنيات الكمبيوتر نفسها. اعود وأؤكد أن الرواية فن جميل وعلى كل أشكالها، فقد يلزم الوعي بأسرارها.
«الرياض»: كيف ترصد تجربة رواية «ظلال الواحد» وكذلك رواية شات وإلى أي حد تجد المغايرة بين العملين وكلاهما استفادا من تقنية الثورة الرقمية؟
محمد سناجلة: كانت ظلال الواحد تجربة أولى، بها كل ما يكون في التجارب الأولى من براءة ودهشة وحماس وأخطاء أيضاً، في ظلال الواحد كانت أدواتي التقنية غير مكتملة وكذلك رؤيتي لرواية الواقعية الرقمية، أقول هذا الآن، لكن هذا لا يعني أبداً أن ظلال الواحد عمل غير مكتمل فنياً، هو عمل ناقص تقنياً، مثلاً لم استخدم من التقنيات الرقمية الموجودة سوى تقنية الهايبر تكست أو ما يُعرف بالنص المترابط، والقليل من المؤثرات الصوتية والبصرية الأخرى، والتي ازلتها لاحقاً من الرواية نظراً لعدم اكتمالها، وحالياً اعكف على إخراج وإنتاج الطبعة الرقمية الثانية من ظلال الواحد والتي ستصدر قريباً، وستلاحظ أن ظلال الواحد بطبعتها الجديدة تختلف عن ظلال الواحد في طبعتها الأولى، ذلك أن أدواتي اختلفت واكتملت. رواية «شات»، شيء آخر مختلف، فيها اكتملت أدواتي ونضجت التجربة وتبلور مفهوم رواية الواقعية الرقمية في ذهني تماماً، هي رواية واقعية رقمية بامتياز، تتحدث عن الإنسان الافتراضي وطريقة عيشه في المجتمع الرقمي، واستخدمت فيها برنامج الفلاش ماكرو ميديا والعارفين بدهاليز التقنية وتطوراتها المتلاحقة في العالم يعرفون أن برنامج الفلاش هو مستقبل برامج تصميم صفحات الويب في العالم، وعلى هذا الأساس جاءت شات متطورة فنياً وتقنياً حتى الروايات التي يكتبها الروائيون الغربيون والأمريكان، سأنقل لك رسالة جاءتني من أحد القراء المختصين بتصميم برنامج الكمبيوتر وصفحات الويب هو الدكتور ساجد العبدلي، وهو مدير موقع بوابة العرب أيضاً يقول «اطلعت علىِ رواية شات، فلم أجد سوى أن أنحني احتراماً لهذه التجربة الرائدة.. ليس على مستوى العالم العربي فحسب وإنما عالمياً، لأني لم أجد إلى الآن كتاباً إلكترونياً له هذا الأسلوب والتفرد. أنحني احتراماً لك سيدي كاتب الرواية ومبدعها، لأسباب عديدة.. منها هذه الرواية المذهلة.. ومنها أيضاً أنك جعلتني أشعر بالفخر أني عربي».
السيد نجم: تجربة «ظلال الواحد» كأول رواية عربية رقمية، فيها كل ايجابيات وسلبيات العمل الأول الرائد في مجاله. إلا أنها تشف وتؤكد أن لصاحبها موهبة إبداعية حقيقية وخلاقة، وهو ما يلفت انتباه أي ناقد أو حتى قارئ عادي.
لقد ناقشت تلك الرواية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام (2005م)، كما ناقشتها في قصر التذوق بمدينة الاسكندرية قبلها.. وفي حينه كنت دهشاً بالإنجاز والرغبة في التجاوز، الآن أقول إنني أتابع بنفس الدهشة، لأن الكاتب تجاوز نفسه، واستفاد كثيراً من تجربته الأولى. هذا هو الإبداع بالمعنى الحقيقي أو لنقل الفلسفي والجمالي، أن يتجاوز المبدع نفسه.. ودعني أخبرك أنني حرصت على مقولة أعيدها الآن، ان هذا الفن الجديد في حاجة إلى ناقد جديد بل ومتلق جديد.. وأعني بالجديد أن يكون متفتحاً وقادراً على فهم واستيعاب الجديد، بلا رفض مسبق. إلا أنه بلا شك، رواية شات «أكثر تعقيداً من ناحية التقنيات، وقد اكتسب الكاتب خبرة إنتاج رواية «ظلال الواحد من قبل».. ولهذا يجب أن نقف إلى جوار التجربة ككل، ونشجع المواهب الإبداعية في العالم العربي كله، لدراسة التجربة ومحاولة تجاوزها والإضافة إليها.
«الرياض»: هل ترى بأن الروائي في الرواية الرقمية لم يعد روائياً خالصاً بمعنى أنه يجب أن تتوفر فيه مواهب أخرى كتقنيات الإخراج السينمائي وكذلك مهارة الأدوات التقنية. وبهذا لم يعد المجد للكتابة فقط في الرواية الرقمية؟
محمد سناجلة: سؤالك مهم جداً، ونعم، أعتقد أن عصر الكتابة بالكلمات فقط قد ولى وانتهى، الكلمة ستغدو جزءاً من كل في الكتابة الجديدة وقد قلت هذا في كتابي رواية الواقعية الرقمية، وبالذات في الفصل المعنون ب «اللغة في رواية الواقعية الرقمية» فقد قلت «إنه في اللغة المستخدمة في كتابة رواية الواقعية الرقمية لن تكون الكلمة سوِى جزء من كل، فبالإضافة إلى الكلمات يجب أن نكتب بالصورة والصوت والمشهد السينمائي والحركة. كما أن الكلمات نفسها يجب أن ترسم مشاهد ذهنية ومادية متحركة، أي أن الكلمة يجب أن تعود لأصلها في أن ترسم وتصور، وبما أن الرواية أحداث تحدث في زمان ضمن مكان، وهذه الأحداث قد تكون مادية ملموسة أو ذهنية متخيلة فعلى الكلمات أن تمشهد هذه الأحداث بشقيها. وعلى اللغة نفسها أن تكون سريعة، مباغتة، فالزمان ثابت = 1، والمكان نهاية تقترب من الصفر ولا تساويه، ومن هنا فلا مجال للإطالة والتأني، فحجم الرواية يجب أن لا يتجاوز المائة صفحة على أبعد تقدير، ولن يكون هناك مجال لاستخدام كلمات تتكون من أكثر من أربعة أو خمسة حروف على الأكثر، أما الكلمات الأطول فيفضل أن يتم استبدالها بكلمات أقصر تؤدي نفس المعنى إن أمكن. كما أن الجملة في اللغة الجديدة يجب أن تكون مختصرة وسريعة، لا تزيد عن ثلاث أو أربع كلمات على الأكثر. إن ما سبق يعني أن على الروائي نفسه أن يتغير، فلم يعد كافياً أن يمسك الروائي بقلمه ليخلط الكلمات على الورق، فالكلمة لم تعد أداته الوحيدة، على الروائي أن يكون شمولياً بكل معنى الكلمة، عليه أن يكون مبرمجاً أولاً، وعلى إلمام واسع بالكمبيوتر ولغة البرمجة، عليه أن يتقن لغة ال HTML على أقل تقدير، كما عليه أن يعرف فن الجرافيك والإخراج السينمائي، وفن كتابة السيناريو والمسرح، عاديك عن فن ال Animation. وقد طبقت الكتابة باللغة الجديدة في روايتي الأخيرة «شات» حيث كتبت بالصورة المتحركة والثابتة واستخدمت مؤثرات بصرية وسمعية مختلفة، وهناك مشاهد سينمائية تم إخراجها وكتابتها بالكامل باستخدام برنامج الفلاش ماكرو ميدياً، واستعنت أيضاً بمقاطع من أفلام سينمائية، وعموماً نحن نعيش في عصر الثقافة البصرية وعلى الرواية كي تستمر في مكانتها التي تبوأتها عبر السنين، عليها أن تخاطب القارئ بلغة عصره أو أنها ستنتهي كفن يعبر عن الناس وهمومهم.
السيد نجم: أما السؤال حول ضرورة أن يكون الروائي موهوباً في فنون أخرى أم لا؟، أو أنه لم يعد المجد للكتابة فقط في الرواية الرقمية.. سؤال يحمل في طياته عدم الرغبة في الاقتحام والمغامرة والإنجاز المتجاوز غير التقليدي.. فيه لغة الاكتفاء بالمتفق عليه وما درجنا عليه.. السؤال مؤلم!! الإبداع والفن هو المغامرة والاقتحام في الأصل، إلا أنه مغامرة واقتحام مشروع حسب القوانين العامة المتفق عليها.. ومن ضمن الحال الذي أصبحت عليه الرواية الرقمية الآن.. ففيها توظيف لتقنيات فنية غير تقنيات الكلمة. هذا لا يعني أن يتحول الروائي عن جوهر موهبته، المعنى أو الضرورة تلزم الجميع الآن، وليس الروائي فقط، أن يقتحم الفنون الأخرى، بقدر الحاجة التي من الضروري التعرف عليها. مع الوضع في الاعتبار أن المنفذ الفعلي للتقنيات المهربة الأخرى، ربما مبرمج أو مهندس، أو تقني لفن ما يحتاجه الروائي في روايته (ومع ذلك يلزم أن يكون الروائي متابعاً عن فهم). الرواية الرقمية تعبر عن عالم جديد، خليط بين مفهوم الخيال الرابط ووجهة النظر الخاصة بالروائي، مع استخدام تقنيات أخرى تضيف المعنى وتبرز وجهة النظر للرواية والروائي. وأظن أن تلك الإمكانات المتاحة سوف تخلق موضوعاتها غير تلك التي طرحتها الرواية الورقية. لذا أعتقد أن الزمن سوف يضيف للرواية الرقمية بجهد روادها، حتى قد ننتهي إلى شكل جديد آخر.. مزيج بين ما نعرفه عن الرواية التقليدية، وما أتاحته التقنيات الجديدة والمضافة.. خصوصاً أننا على بداية الطريق. وبالتالي فالسؤال حول ما إذا كانت الرواية الرقمية تعبر عن الإنسان الافتراضي أم تمزج بين الإنسان الواقعي والافتراضي. دعني أؤكد لك أننا لسنا في حاجة إلى تقعير الحديث وجعله ملتبساً على الناس. ليكن مثل هذا السؤال مطروحاً في الندوات الخاصة. ألست معي أن السؤال أصلاً في حاجة إلى تفسير شارح لمفردات كلماته قبل الإجابة. وقد يكون الرد باستخدام تلك المصطلحات منفراً للقارئ العادي أو تعالياً عليه.. والمسألة ليست كذلك!!
«الرياض»: هل الرواية الرقمية تعبر عن الإنسان الافتراضي أم أنها تمزج الواقعي بالافتراضي؟
محمد سناجلة: رواية الواقعية الرقمية وحسب تعريفنا لها تعبر عن الإنسان الافتراضي الذي يعيش في المجتمع الرقمي كما أنها تعبر عن الإنسان الواقعي ولحظة تحوله إلى كينونته الجديدة كإنسان رقمي افتراضي يعيش في المجتمع الرقمي واعيدك إلى تعريفنا لرواية الواقعية الرقمية بأنها: تلك الرواية التي تستخدم الأشكال الجديدة التي أنتجها العصر الرقمي، وبالذات تقنية النص المترابط (هايبرتكست) ومؤثرات المالتي ميديا المختلفة من صورة وصوت وحركة وفن الجرافيك والأنيميشنز المختلفة، وتدخلها ضمن البنية السردية نفسها، لتعبر عن العصر الرقمي والمجتمع الذي أنتجه هذا العصر، وإنسان هذا العصر، الإنسان الرقمي الافتراضي الذي يعيش ضمن الرقمي الافتراضي. ورواية الواقعية الرقمية هي أيضاً تلك الرواية التي تعبر عن التحولات التي ترافق الإنسان بانتقاله من كينونته الأولى كإنسان واقعي إلى كينونته الجديدة كإنسان رقمي افتراضي.
السيد نجم: الرواية الرقمية تعبر عن عالم جديد، خليط بين مفهوم الخيال الرابط ووجهة النظر الخاصة بالروائي، مع استخدام تقنيات أخرى تضيف المعنى وتبرز وجهة النظر للرواية والروائي. وأظن أن تلك الإمكانات المتاحة سوف تخلق موضوعاتها غير تلك التي طرحتها الرواية الورقية. لذا أعتقد أن الزمن سوف يضيف للرواية الرقمية بجهد روادها، حتى قد ننتهي إلى شكل جديد آخر.. مزيج بين ما نعرفه عن الرواية التقليدية، وما أتاحته التقنيات الجديدة والمضافة.. خصوصاً أننا على بداية الطريق. وبالتالي فالسؤال حول ما إذا كانت الرواية الرقمية تعبر عن الإنسان الافتراضي أم تمزج بين الإنسان الواقعي والافتراضي. دعني أؤكد لك أننا لسنا في حاجة إلى تقعير الحديث وجعله ملتبساً على الناس، ليكن مثل هذا السؤال مطروحاً في الندوات الخاصة. ألست معي أن السؤال أصلاً في حاجة إلى تفسير شارح لمفردات كلماته قبل الإجابة. وقد يكون الرد باستخدام تلك المصطلحات منفراً للقارئ العادي أو تعالياً عليه.. والمسألة ليست كذلك!!
«الرياض»: عندما تتم طباعة الرواية الرقمية هل تفقد خواصها الإبداعية وبالتالي قد لا تجد القبول من المتلقي؟
محمد سناجلة: الرواية الرقمية التفاعلية عموماً هي رواية مكتوبة لتنشر رقمياً، ومن الصعب إن لم يكن من المستحيل إعادة إنتاج هذه الرواية ورقياً، وقد حاولت أنا ذلك في ظلال الواحد، حيث تم طباعتها في كتاب ورقي، لكني الآن أقول لك إن هذا كان تصرفاً غير حكيم مني، فقد اساءت النسخة الورقية لظلال الواحد وكان الأفضل أن تبقى منشورة نشراً رقمياً. الآن أقول إن من المستحيل تحويل الرواية المكتوبة لوسيط رقمي إلى كتاب مطبوع، هذا سيقتل الرواية تماماً، ولنعلنها صراحة.. لقد انتهى عصر الورق.
السيد نجم: بالفعل طبع الروائي «محمد سناجلة» روايته الأولى «ظلال الواحد» بعد أن نشرها على النت، وأنا شخصياً قرأتها رواية ورقية قبل أن أطلع عليها في النت. أقول ذلك، إن الرواية عندما تطبع ورقية، تصبح غير رقمية، وربما لو سألت أخونا «سناجلة» عن ذلك سوف يوافقني. فخصوصية الرواية الرقمية وفي الدرجة الأولى، في جملة الآليات التي شكلتها.. الكلمة، الصورة، التقنية الفنية الفاعلة مع المؤثرات الأخرى مثل صوت الموسيقى وتوظيف الينكات والفلاشا وغيرها.. بالتالي فإن فقد أحد تلك العناصر يقلل من القيمة الفنية للعمل. وبالمناسبة قد يُطلق على العمل اسم آخر غير الرواية!! لذا نتنبأ بمولد فن جديد بنشر الرواية الثانية للروائي «محمد سناجلة» المسماة «شات».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.