علاقة الملك سلمان بوسائل الإعلام والقائمين عليها من الإمارة إلى إدارة الحكم في البلاد؛ هي علاقة صداقة تتكامل فيها الأدوار والمسؤوليات تجاه الوطن وقضاياه، والمواطن واحتياجاته، كما تتكامل فيها القيم المهنية للممارسة، من خلال المصداقية في الحصول على المعلومات من مصادرها، والدقة في نقل الحقائق، والموضوعية في الطرح الذي ينفصل معه الخبر عن الرأي، إلى جانب حق الرد والتصحيح فيما يُنشر من معلومات أو أرقام أو آراء جانبها الصواب. الملك سلمان متابع يومي ودقيق لما يُنشر في وسائل الإعلام، والصحافة تحديداً، ولا يكتفي بما يصل إليه من ملخصات إعلامية، بل هو يمارس مهمته في قراءتها، ولا ينقطع عنها حتى لو كان خارج البلاد، والأكثر من ذلك أنه يتواصل مع مسؤولين ومثقفين ورؤساء تحرير وكتَّاب لتقديم وجهة نظره، وتصحيح ما يتطلب الموضوع الرد عليه، والشواهد على ذلك كثيرة، حيث يرى -حفظه الله- أن الصحيفة التي تنشر معلومات غير دقيقة تمنح المسؤول فرصة الرد والتجاوب بالمساحة والموقع ذاته للرد وتبيان الحقيقة. الملك سلمان دائماً ما يردد عبارته الشهيرة: "رحم الله من أهدى إلى عيوبي"، وهي إشارة بالغة الأهمية نحو الانفتاح على الرأي الآخر، والإفادة منه، ومنح المجتمع خصوصية التعبير عن الآراء المسؤولة التي تنقد الفعل لتصويبه وتحسينه وتقديم الحلول لمعالجته، وليس انتقاد الأشخاص أو البحث عن الإثارة والجدل تجاه موضوعات لم تُحسم بعد، كما يؤكد دائماً على ثوابت هذه الدولة وتمسكها بالكتاب والسنة، وخدمة الحرمين الشريفين، ومشروعها الوحدوي الذي أرسى دعائمه الملك عبدالعزيز، ونحصده اليوم أمناً واستقراراً ومسؤولية تجاه تثقيف الأجيال بأهمية وطنهم، وتاريخه، وجغرافيته، ومنجزاته، ودورهم الكبير في تحمل مسؤولياتهم في الحفاظ على ما تحقق، والسير نحو الأمام المتحضّر وعياً وقدرة على التغيير للأفضل. الملك سلمان في لقائه قبل أيام بنخبة من المثقفين ورؤساء التحرير والإعلاميين والفنانين يرسم ملامح سياسة إعلام جديدة قائمة على الثوابت أولاً، ومصالح الوطن، وخدمة المواطن، وتحصين المجتمع فكراً ومنهجاً وسلوكاً في التصدي لمحاولات الإساءة والتأزيم وترويج الأكاذيب. الملك سلمان الذي عرفناه صديقاً للإعلاميين وقريباً منهم ومقدراً لرسالتهم، ومسؤولياتهم، لا يزال يتطلع إلى دور أكبر من وسائل الإعلام للشراكة مع بقية مؤسسات الدولة في صيانة رسالة وعي وإنجاز بما تحقق وسيتحقق، إلى جانب الخروج من الممارسات التقليدية إلى ما ينسجم مع وعي الجماهير وقدرتهم الحالية في التأثير على الرأي العام، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يرى -حفظه الله- ضرورة الانفتاح على الآراء التي تخدم المجموع، وتعكس قيم المجتمع وتماسكه ووحدته، وتبرز الجانب الحضاري لما وصل إليه من شراكات دولية هي محل تقدير الجميع. وهو فعلاً ما عبّر عنه وزير الثقافة والإعلام د.عادل الطريفي في كلمته المميزة خلال اللقاء؛ بأهمية الشراكة بين جميع المؤسسات الإعلامية والثقافية لتحقيق تلك التطلعات والرؤى، والسير معاً نحو مشروع وحدوي نهضوي نابع من بناء الإنسان ليكون سنداً لدولته ووطنه وقيادته، وراعياً لحقوق مجتمعه، إلى جانب تعزيز الوحدة الوطنية ومكافحة الإرهاب، والانفتاح على شعوب وحضارات العالم، وهي شراكة عمل يعتز بها الجميع، وتعاهدوا على تنفيذها واقعاً، وهم على قدر الثقة والمسؤولية، حيث ستبقى وزارة الثقافة والإعلام مع خططها وبرامجها ومشروعاتها التنويرية والمهنية والتقنية والتنظيمية هي أساس الانطلاق لإعلام القرن الواحد والعشرين، بما ينسجم مع المتغيرات والمغريات، ويعبّر عن أصالة المملكة، ومكانتها، وإمكاناتها، ودورها العربي والإسلامي، وهو ما سيتحقق؛ لأن الإعلام السعودي سيبقى رسالة للعالم بثوابته وقيمه ومهنيته من دون أن يبتزه أحد، أو يساومه، أو حتى يقلل من حضوره، وهو ما يعني أن الجميع مدعو للمشاركة في مهمة التنوير والتحصين والانفتاح على الآخر وعياً ومسؤولية.