أكد عبدالرحمن الجريسي رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض أن رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله لمنتدى الرياض الاقتصادي الثاني يمثل أقوى دعم يمكن أن يحصل عليه المنتدى الذي نجح في دورته الأولى بفضل الدعم القوي من لدنه، وتمخض عن توصيات وجدت طريقها إلى التنفيذ بفضل الرعاية التي حظيت بها منه يحفظه الله. وقال إن المليك يولي الشأن الاقتصادي اهتماماً كبيراً بإعتباره عصب الحياة ومحور التنمية المستدامة واعتبر أن محاور المنتدى الثاني تمثل خلاصة القضايا التي تشغل بال المعنيين بالشأن الاقتصادي وأبرز التحديات التي ينتظر أن يواجهها اقتصادنا الوطني في المستقبل المنظور. واعتبر الجريسي أن الإسهامات النسائية في الاقتصاد الوطني تمثل قوة كبيرة لازالت بعيدة عن التفعيل وينتظر أن تسهم في إحداث تحولات كبرى لو دخلت نطاق التوظيف الأمثل كطاقات مالية كبرى مهمشة. واعتبر أن الشراكة بين القطاعين الخاص والحكومي تمثل جحرالزاوية في المرحلة المقبلة التي تتطلب تكاملاً أكبر في الأدوار واستكمالاً لأدوار أخرى لازالت تؤدي بشكل منفرد، ورأى أن القوى البشرية الوافدة لعبت دوراً مهماً في تنمية الاقتصاد الوطني وتطويره إلا أن التحديات المستقبلية تفرض الاستفادة منها ولو بشكل مرحلي في نقل الخبرات للكوادر الوطنية تمهيداً لإحلال العمالة الوطنية محلها. '' ما الجديد في منتدى هذا العام وهل ثمة محاور جديدة وما وجه التشابه والاختلاف بين المنتديين الأول والثاني؟ - ليس من الضروري أن يوجد اختلاف جوهري بين المنتديين ولكن العبرة بالتكامل بين مخرجات المنتديين الأول والثاني، وأن يكون هناك استدراك لما استحدث من قضايا وما طرأ من تحديات بحيث يتم إخضاعها في المنتدى الجديد للدراسة والتقصي والتوصية بحلول ناجعة لها. وانطلاقاً من هذا المبدأ واصلت محاورالمنتدى الثاني في جانب منها ما بدأه المنتدى الأول وبخاصة فيما يتعلق بالشراكة بين القطاعين الخاص والعام، والبنية التحتية (مع اختلاف التسميات وشمولية الطرح)، وكذلك مساهمة المرأة في التنمية الاقتصادية. لكن المنتدى الثاني ارتأى التطرق لموضوعات أعمق وأكثر إلحاحاً وتستطيع أن تعتبرها بمثابة تحديات ومن أبرزها القوى البشرية الوافدة التي أصبحت تمثل واقعاً لا يمكن تجاهله ومن ثم جاء المنتدى ليناقش كيفية تطويعها بحيث تعزز من دور القوى العاملة الوطنية في الأداء الاقتصادي وهي قضية ملحة تمثل عنصر التحدي الحقيقي في المرحلة المقبلة. كما يناقش المنتدى محورالشفافية والمساءلة في القطاعين الخاص والحكومي ويركز على دور مناطق التقنية في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والاطلاع على التجارب الناجحة في الدول الأخرى. '' نود أن نلقي الضوء باختصار على فكرة المنتدى كيف بدأت وصولاً إلى المنتدى الثاني وما صاحب ذلك من نجاحات وإخفاقات وكيف تم التغلب عليها؟ - لم تعد فكرة انطلاق المنتدى لأول مرة سراً فقد تابعها الجميع، ولكن باختصار نقول إنها بدأت بمبادرة من الغرفة التجارية الصناعية بالرياض التي ارتأت آنذاك أن النمو الاقتصادي في المملكة محدود بشكل يدعو لبحث أسباب ذلك من خلال آلية جماعية يشارك فيها جميع رجال وسيدات الأعمال. ولأن الفكرة حظيت بدعم ومباركة سمو ولي العهد آنذاك فقد حققت زخماً كبيراً ولكن بقي علينا تطويرها وصولاً إلى آفاق تتجاوز ما طرأ من سلبيات وتعمل في الوقت نفسه على تطوير الإيجابيات التي تحققت وتعزيزها لننتقل إلى مستوى آخر من الطرح لقضايانا الاقتصادية الملحة. وقد كانت بالتأكيد تجربة ناجحة بمقاييس وقتها وحققت كثيراً من الطرح وإن صاحبها بعض الإخفاقات التي عالجناها في المنتدى الثاني والذي يأتي هذا العام بصورة أكثر شمولية وإدراكاً للظرف الذي يمر به اقتصادنا وما طرأ على الساحة المحلية والدولية من تطورات أهمها انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية وهو حدث يغير أي مقاييس سابقة ويطرح تساؤلات عديدة حول جاهزيتنا لخوض التجربة ومدى استعدادنا للخروج منها بنجاحات أكبر. '' كيف تنظرون إلى رعاية خادم الحرمين الشريفين لمنتدى الرياض الاقتصادي الثاني؟ - لاشك أن رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله لمنتدى الرياض الاقتصادي يمثل قوة الدفع الحقيقية لهذا الحدث الاقتصادي المهم. إذ يستمد المنتدى قوته وإلهامه من توجيهاته يحفظه الله. وقد كان المليك دائماً خير داعم للمبادرات الاقتصادية التي يعد المنتدى احد ابرزها وكان لرعايته - حفظه الله - لمنتدى الرياض الاقتصادي الأول أقوى الأثر في نجاح المنتدى وتفعيل رسالته في خدمة الاقتصاد السعودي من خلال. وقد تجلى أثر هذه الرعاية بصفة خاصة حين أصدر المنتدى توصياته حيث رفعت لراعي المنتدى الذي تكرم بالتوجيه برفعها للجنة الاستشارية بالمجلس الاقتصادي الأعلى ومن ثم أحالها بعد دراستها على جهات الاختصاص حيث تم تبني الكثير منها. إذاً.. هذا هو مانحتاجه بالفعل فمادام المنتدى قد تمخض عن توصيات مهمة فإن هذه التوصيات لن تجد طريقها الأمثل بإتجاه التنفيذ إلا برعاية صانع القرار الاقتصادي ومباركته للجهود الوطنية التي تستهدف تنمية الاقتصاد الوطني وتعزيز مبادرات تطويره. '' تمثل الارصدة النسائية المتراكمة في البنوك قوة اقتصادية هائلة لم تستثمر بالشكل الملائم حتى الآن. فكيف سيتناول المنتدى هذه القضية الملحة؟ - أعتقد أن قضية الأرصدة النسائية في البنوك ليست بالجديدة فهي موجودة منذ سنوات عديدة لكن الحلول المطروحة لها لم تكن على القدر الملائم بحيث تعيد تأهيل هذه الأرصدة الضخمة وتستثمرها في قنوات مميزة بما يمثل رافداً حقيقياً للاقتصاد الوطني. والمنتدى يطرح هذه القضية ضمن محور مساهمة المرأة في الاقتصاد الوطني. والمعروف أن صاحبات الأرصدة لجأن إلى الاحتفاظ بها في البنوك وعدم تشغيلها ربما لعد وجود آليات مضمونة تستثمر أموالهن بما لا يعرضهن لمخاطر كبيرة. ولكن يلاحظ أن الشهور الأخيرة شهدت اهتماماً متزايداً من النساء بتجارة الأسهم حتى ولو من خلال وسيط نظراً لما تتمتع به هذه التجارة من مزايا رغم عنصر المخاطرة. ورغم المكاسب الضخمة التي عادت على من قمن بتشغيل أموالهن في تجارة الأسهم أو شاركن بها في محافظ استثمارية فإن الإسهام الحقيقي لهذه الرساميل الضخمة لم يتم بعد توظيفه لخدمة اقتصادنا الوطني. وربما كان من المناسب مستقبلاً تهيئة آليات جديدة لاستقطاب هذه الارصدة من خلال التشجيع على استحداث المزيد من المصانع النسائية وتوفير المناخ الأمثل للمرأة كي تباشر أعمالها بنفسها ودون وسيط. وأعتقد أن بلادنا تسير في هذا الاتجاه منذ فترة وإن كنا بحاجة إلى مزيد من التعزيز لهذا الفكر المستنير. '' لماذا تكرر طرح محور الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص في هذا المنتدى؟ - المسألة ليست تكراراً لأن قضية الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص ليست من البساطة بحيث تطرح للنقاش لمرة واحدة ثم تغلق.. ذلك لأنها متشبعة أكثر مما نتصور.. وفي كل يوم يطرأ جديد عليها يجعلها بمثابة الموضوع الأكثر سخونة على الساحة الاقتصادية. وينطلق الحوار في هذا الصدد من حقائق محددة.. بعضها يمثل ثوابتاً والبعض الآخر يمثل متغيرات.. ومن أبرز الثوابت التي يفترض أن ينطلق منها الحوار ويستمر هي التكامل في الادوار بين القطاعين فيما يتعلق بإنتعاش الاقتصاد الوطني الذي يحتل فيها القطاع الخاص موقعاً لا يستهان به انطلاقاً من توجهنا الاقتصادي القائم على تشجيع مبادرات القطاع الخاص وتهيئة كافة الأجواء له وتذليل العقبات التي تعترضه. كما أن من المتغيرات في علاقة الشراكة بين القطاعين الحكومي والأهلي المزايا الممنوحة للعاملين في كلا القطاعين والفرص العملية المتاحة امام الخريجين في كلا القطاعين وكذلك منطلقات التوظيف وآلياته وبرامجه خاصة وأن القطاع الخاص حتى الآن يمثل محور التنافس بين القوى العاملة الوطنية والوافدة ومحط أنظار صناع القرار الراغبين في تشغيل الشباب واستثمار طاقات الخريجين من خلال الفرص الواعدة امامهم في القطاع الخاص وسبل الإحلال والإبدال من خلال التدريب والتأهيل. ويعد القطاع الخاص هو الرهان الحقيقي للمستقبل بما يمثل من ثقل في الاقتصاد الوطني وفرص هائلة لدفع عجلة التنمية للأمام. لذلك تبقى العلاقة بين القطاعين علاقة شراكة حتمية قائمة على توزيع عادل للأدوار والفرص والسياسات بما يخلق قوة دفع جديدة للاقتصاد الوطني. ٭ القوى البشرية الوافدة. كيف تنظرون الى وضعية القوى البشرية الوافدة وتأثيرها سلباً وايجاباً في اقتصادنا؟ ٭٭ تتحمل القوى البشرية الوافدة نصيباً كبيراً في انجاز الأعمال وتشكل اسهاماتها قوة دفع كبيرة للاقتصاد الوطني. ولا يستطيع احد ان ينكر هذا الدور المهم في الوقت الراهن. لكن استمرار هذا الدور رهن بنمو الكوادر الوطنية التي اصبحت متوفرة بأعداد كبيرة ولها من الخبرات ما يبشر بالخير في ظل رعاية الدولة وعنايتها الشديدة بتدريب وتأهيل الخريجين وتوظيفهم. وثمة تحديات على هذا الصعيد تختص بآليات الإحلال ومدى تقبل القطاع الخاص للاستعانة بالكوادر الوطنية بكل ما تمثله القوى البشرية الوافدة من عنصر منافسة ومزايا متعددة. ولكن طرح هذه القضية عبر المنتدى يمثل عنصراً رئيساً لا يمكن اغفاله عند مناقشة سبل تحقيق التنمية المستدامة فاقتصاد يعتمد على الوافدين لا ينتظر ان يتطور بالمعدلات المأمولة خاصة في ظل وجود القوى العاملة الوطنية المؤهلة والخبيرة. ولكن مسألة الانتقال من واقع لآخر هي ما يبحثه المنتدى بمعنى ان هذا الإجراء يتطلب نقل الخبرات التي يتمتع بها الوافدون الى شبابنا وهذا يتطلب وقتاً وجهداً وبرامج مدروسة ومراعاة لكافة الاحتمالات والتأثيرات السلبية قبل الإيجابية. ٭ عودة الى ما سيناقشه المنتدى حول جاهزية القطاع الخاص للانضمام لمنظمة التجارة العالمية. ماذا يقصد بهذه الجاهزية وهل القطاع الحكومي مستثنى من الاستعدادات الخاصة بهذا الانضمام ام انه استكمل جاهزيته لذلك؟ ٭٭ تعلم ان اقتصادنا يعتمد بصفة اساسية على القطاع الخاص والدولة تنتهج منذ فترة سياسة الخصخصة التي وضعت القطاع الخاص امام مسؤولياته.. وبمرور الوقت ستجد ان القطاع الخاص يدير دفة اقتصادنا بشكل شبه كامل خاصة بعد خصخصة القطاعات الاقتصادية المهمة في الدولة كالاتصالات والبريد والكهرباء وغيرها واتجاه الدولة الى ادارة القطاعات الخدمية على اسس اقتصادية. ولهذا فعندما نتحدث عن جاهزية القطاع الخاص للانضمام الى منظمة التجارة العالمية فنحن نتحدث عن المستقبل بمفهومه الواسع. وهذه الجاهزية يفترض انها استكملت لدى القطاع الحكومي بشكل رئيس في صورة اتفاقيات ومعاهدات وأنظمة اقتصادية تمهد الطريق امام القطاع الخاص للتواصل مع متطلبات المرحلة القادمة بمساراتها المتعددة. فالدولة هيأت البيئة الصالحة للاستثمار ولجذب الرساميل الأجنبية ووضعت الأطر التي ستعيد ترتيب الصورة على النمط القادم حيث تزول الحواجز وتشتد المنافسة وتفتح الأسواق في الداخل والخارج امام جميع المنتجات دون قيود. ولابد ان هذه التحولات ستلزم القطاع الخاص بتغييرات سيجري بحث احتمالاتها وأشكالها من خلال هذا المنتدى الذي يستشرف المستقبل بعيون واقعية ولكن طموحة.