أقر الجيش الأمريكي أمس السبت أنه ربما يكون مسؤولا عن ضربة جوية أصابت مستشفى تديره منظمة أطباء بلا حدود في مدينة قندوز الأفغانية مما أدى إلى مقتل تسعة أشخاص على الأقل وإصابة 37. وقد يجدد الحادث المخاوف من استخدام القوة الجوية الأميركية في أفغانستان وهي مسألة مثيرة للجدل في أطول حرب خاضتها الولاياتالمتحدة، واختلف الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي مع داعميه في واشنطن بشأن عدد المدنيين الذين قتلوا بسبب القنابل. واحتدم القتال حول عاصمة إقليم قندوز الواقع في شمال أفغانستان خلال الأيام الستة الماضية بعد استيلاء مقاتلي طالبان على المدينة في أكبر انتصار لهم منذ تمردهم الذي بدأ قبل نحو 14 عاما. ورغم مزاعم الحكومة بأنها سيطرت على المنطقة فإن المعارك مع طالبان متواصلة، وشقت القوات الأمنية الأفغانية طريقها إلى قندوز قبل ثلاثة أيام لكن المعارك مستمرة في الكثير من الأماكن في ظل اختباء طالبان في منازل السكان. وقال الكولونيل بريان تريبس وهو متحدث باسم التحالف الذي يقوده حلف شمال الأطلسي في بيان أمس السبت إن القوات الأميركية شنت غارة جوية في المدينة الساعة 2.15 صباحا بالتوقيت المحلي. وتابع أن "الهجوم ربما أسفر عن وقوع أضرار جانبية بمنشأة طبية قريبة" مضيفا أن "هذه الواقعة قيد التحقيق". قال سعد مختار مدير الصحة العامة في قندوز إن جدارا في المبنى الرئيسي للمستشفى انهار وتناثرت شظايا الزجاج وإطارات الأبواب الخشبية بينما اشتعلت النيران في ثلاث غرف. وأضاف بعد زيارة للمستشفى "أمكن مشاهدة دخان أسود كثيف وهو يتصاعد من بعض الغرف.. لا يزال القتال مستمرا لذا اضطررنا للمغادرة". وقالت أطباء بلا حدود إنه لا يزال الكثير من المرضى والموظفين مفقودين بعد الهجوم الذي حدث في وقت كان لا يزال فيه قرابة 200 مريض وموظف في المستشفى وهو الوحيد في المنطقة الذي يمكنه التعامل مع الإصابات البالغة. وقالت مدير العمليات في المنظمة بارت جانسنز في بيان "صُدمنا بشدة بسبب الهجوم وقتل موظفينا والمرضى والخسارة الفادحة التي لحقت بالرعاية الصحية في قندوز". قالت المنظمة أمس إنها قدمت إحداثيات المستشفى للجانبين عدة مرات خلال الأشهر القليلة الماضية والأسبوع الماضي أيضا لتفادي أن يقع المستشفى في مرمى النيران، وقالت إن القصف استمر 30 دقيقة بعد إطلاع مسؤولين عسكريين أفغان وأمريكيين. وقال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد إن غارات جوية أمريكية استهدفت المستشفى وقتلت مرضى وأطباء وممرضين. وقالت طالبان إنه لم يكن يعالج بالمستشفى أي من مقاتليها وقت الهجوم. وشن الجيش الأمريكي عدة غارات جوية الأسبوع الماضي دعما للقوات الحكومية في المدينة حيث استمر مقاتلو طالبان في الصمود في مواجهة القوات الأفغانية أمس الجمعة. وقال كبير الأطباء في المستشفى الدكتور مسعود نسيم الأسبوع الماضي إن المستشفى على الخط الأمامي لصراع يزداد عنفا فيما دارت المعارك خارج بواباته. وقال خوديداد وهو أحد سكان قندوز ويعيش قرب المستشفى إن مقاتلي طالبان الذين كانوا يختبئون داخل المستشفى أمس الجمعة كانوا يطلقون النار على قوات الحكومة. وقال "أمكنني سماع أصوات إطلاق نار كثيف وانفجارات وطائرات خلال الليل.. وقعت عدة انفجارات مدوية وبدا أن السطح سيسقط فوقي". وقالت منظمة أطباء بلا حدود إنها عالجت قرابة 400 مريض في المستشفى الذي لا يملك سوى 150 فراشا منذ اندلع القتال في قندوز قبل ستة أيام، وكانت معظم الإصابات من الرصاص أثناء المعارك. وتدفق عدد كبير من المرضى على المستشفى الذي اضطر لوضعهم في المكاتب وعلى الأرض. وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها تشعر "بصدمة عميقة" بسبب الواقعة. وقال جان نيكولاس مارتي مدير الصليب الأحمر في أفغانستان "هذه مأساة مروعة.. مثل هذه الهجمات تقوض قدرة المنظمات الإنسانية على مساعدة الشعب الأفغاني في الوقت الذي يكون فيه بأمس الحاجة لها".