رجل يحكم قبضته على الشركة، يتهادى بين يدي الشيخ أينما حل وارتحل، وكلما فتح موظف في الشركة فاه أمام الشيخ ليتحدث عن أمر يخصه أو يخص العمل، أشار إليه الشيخ قبل أن يكمل حديثه بأن يوجه ما لديه إلى الرجل القوي، فيزداد وصيف الشيخ قوة ونفوذاً، حتى يكاد أن يصبح هو الآخر شيخاً. وتبدو الثقة في الرجل المقرب، والخوف من بقية فريق العمل هي منبع تلك الصلاحيات المطلقة التي يتمتع بها كل قيادي أصبح وصيفاً للمالك في شركات ومؤسسات القطاع الخاص، إلا أن تقييد كل شيء في الشركة وإخضاعه للمرور بين يدي ذلك الرجل له مردوده السلبي، فكم رجل أعمال أغمض عينيه ومنح وصيفه كل الصلاحيات ردهة من الزمن، ثم شهر به ذات يوم في إعلان في الصحف محذراً من التعامل معه، إضافة إلى حالة العزل التامة التي يقيمها ذلك الرجل المتنفذ بين المالك وبقية فريق العمل في الشركة، الأمر الذي يؤثر سلباً على ولاء الموظفين للمنشأة، إضافة إلى تمكين المقربين من الرجل القوي من تبوؤ مناصب قد لا يكونون أهلاً لها. وحسب د.إبراهيم السليمان – الخبير في الموارد البشرية – فإن بعض رجال الأعمال يعمدون إلى الاستعانة بموظفين قياديين ينالون ثقتهم، ويولونهم قيادة شركات بأكملها، ويمنحونهم صلاحيات مطلقة ليديروا تلك الشركات بالنيابة عنهم، الأمر الذي يجعل من أولئك الرجال متنفذين ومنفردين بكل صغيرة وكبيرة في تلك الشركة. وبين أنه من الطبيعي أن يعين رجل الأعمال مديراً تنفيذياً يتولى إدارة المنشأة، ولكن ذلك لا يلغي مبدأ التفويض والصلاحيات المحددة بالضوابط التنظيمية، وأن يكون لبقية القيادات في الشركة صوتها وحضورها، مشيراً إلى أن انفراد قيادي واحد بأي منشأة له نتائج سلبية ستطال تلك المنشأة بشكل أو بآخر. وأكد أن الضرر المباشر يطال الموظفين في الشركة، من خلال شعور عام بأنهم جميعاً تحت وصاية ذلك الرجل، خاصة في ظل سلوكه الإداري إن كان مرتبطاً بتفضيله موظفين على آخرين على اعتبارات شخصية أو مصالح ذاتية. وأشار إلى أن كفاءات من الموظفين المنتجين غادروا كثيرا من الشركات بسبب تلك السياسات التي يطغى خلالها حضور رجل واحد، ويكون بين الموظفين وبين مالك الشركة حاجز قد وضعه القيادي المتنفذ، مما يشيع الشعور بالظلم والهيمنة أحياناً كثيرة. وشدد على أن وسائل التقنية اليوم كفيلة بفتح قنوات من التواصل بين المالك وموظفي شركاته من خلال تعيين وسيلة اتصال كالبريد الالكتروني، مما يتيح للموظفين متنفساً يعبرون من خلاله عن وضعهم الإداري، الأمر الذي قد يكشف للمالك أموراً عن ذلك القيادي لم يكن يتوقع حدوثها أحياناً كثيرة. وبين السليمان أن القيادات المهيمنة من المقيمين هم أشد عزلاً للموظفين عن صاحب المنشأة، وذلك في سياق ثقافة الصراعات الإدارية التي تؤمن لذلك القيادي البقاء في المنشأة أكثر وقت ممكن.