وسط تشعب اهتمامات ومسؤوليات القادة في مجال إدارة الأعمال، وجد قياديون أن السيطرة على كافة الأمور في وقت واحد تعد أمراً صعب المنال، مما حدا بهم مضطرين إلى منح تفويض الصلاحيات لموظفين في الشركات والمؤسسات الخاصة بغية تسيير الأعمال، إلا أن سوء استغلال تلك الصلاحيات أو التصرف بشكل سلبي من قبل أولئك الممنوحين تلك الصلاحيات يحيل الأمر برمته إلى كارثة أخلاقية في نظر العديد من رجال الأعمال، وينطوي على الخيانة واستغلال السلطات الممنوحة مما يعرض المنشأة لخسائر ومشكلات قانونية مع أطراف أخرى، إلا أنه رغم ذلك تبقى عملية سيطرة رجل الأعمال على كل أمر في المنشأة التجارية أمراً مستحيلاً. ترى كيف يمكن أن يمنح تفويض الصلاحيات بشكل يعمل على تسيير الأعمال دون المجازفة بثقة قد لا تكون في محلها أحياناً. يشير المحامي عبدالناصر السحيباني إلى ان طبيعة الأعمال تحتم على رب العمل أن يمنح الصلاحيات للقيادات في فريق العمل، مؤكداً أنه لا يمكن لرجل الأعمال أن يسيطر على جميع الأعمال في آن واحد مهما كان مركزياً، وشدد على أن مسالة الثقة في مجال الأعمال يجب ألا تكون مطلقة، مشيراً إلى أن التقنية اليوم توفر فرصة لأصحاب الأعمال للتحكم والسيطرة على كثير من جوانب تلك الأعمال. وقال:"... إنه في السابق حين يسافر صاحب الشركة أو المؤسسة تتعطل كثير من الأعمال، مما يجعله مضطراً لمنح صلاحيات لآخرين بغية تسيير تلك الأعمال"، مؤكداً أن التفويض له مخاطره ومحاذيره، وأضاف : ".. إن التقنية اليوم توفر لرجال الأعمال فرصة كبيرة لمتابعة أعمالهم عن بعد وأينما كانوا، سواء حسابات الشركة البنكية، او كافة التعاملات التي تتمكن التقنية اليوم من رصدها وتزويده بتقرير مختصر عنها بشكل يومي". وأشار إلى أن سلبية التفويض أو منح الوكالة لموظف ليست دائماً في تجاوز تلك الصلاحيات أو سوء استخدامها، وإنما أحياناً يكون في التقصير في تنفيذ تلك الصلاحيات مما يفقد المنشأة فرصة أو مشروعاً ما. وأكد على أهمية تجاوز فكرة مخاوف منح الصلاحيات وهواجس سوء استغلالها إلى أهمية مبادرة رجال الأعمال إلى استحداث نظام رقابي داخلي شامل ، مشيراً إلى أن ذلك سيكون كفيلاً بالحد من أي تجاوزات يمكن أن تكون نتيجة سوء استغلال صلاحيات التفويض، وشدد على أن تكون تلك الرقابة شاملة من الناحية المالية والقانونية ومراقبة الجودة، مؤكداً على أن ذلك سيحد من أي تجاوزات في مجال الأعمال، مما سيجعل رجل الأعمال حينها غير قلق من مسألة تفويض الصلاحيات. وأشار إلى أن الإعلانات التي تنشر بين فينة وأخرى بالصحف حول إلغاء شركات ورجال أعمال لوكالات لأفراد والتحذير من التعامل معهم من خلال تلك الوكالات هي تجسيد حقيقي لمسألة الإفراط في الثقة، مضيفا إنه في مجال الأعمال وفي المرحلة التي أصبحت التقنية قادرة على التحكم في كثير من مناحي الأعمال المختلفة ،فإنه يجب على رجال الأعمال أن يضعوا الثقة في مجال الأعمال هي الخيار الأخير . وأكد أن هذه الإعلانات هي مؤشر على اختراق عنصر الثقة من بعض الذين تم منحهم ثقة وصلاحيات تجاوزوها بشكل سلبي، مشيراً إلى حتمية وجود نظام رقابي قوي في المنشأة، وهو ما يتطلب الاستثمار في هذا الجانب بالنظر إلى مردوده الايجابي على الأعمال.