ربما أدت حدة النقاش واختلاف الرؤى في أحد الاجتماعات الحاسمة في إحدى ردهات شركة أو مؤسسة إلى أن يلملم مدير أو موظف مؤثر أوراقه عاقداً العزم على الرحيل بعدما شعر أن عليه أن يفعل ذلك، ربما لا يتضح لتلك الشركة الدور العظيم الذي كان يقوم به ذلك الرجل إلا بعد رحيله، وربما أدت تجارب من أتوا بعده أو الاثنين معا إلى الوصول إلى قناعة تتمثل في أن ذلك الرجل الذي ضيق عليه ليرحل، كان رجلاً معطاء، وقيادياً، ومنتجاً، قلما جادت بمثله إدارات الموارد البشرية، ولأن الخلافات دائماً في مجال الأعمال هي خلافات عمل، ولا يتخللها بالضرورة أمور شخصية، فقد تقود شجاعة مدير مؤثر إلى أن يتصل بذلك الموظف عارضاً عليه أن يعود إلى عمله، وما بين محاذير أن تؤدي هذه الدعوة إلى غرور الموظف العائد، وربما ظهور الشركة بموقف أقل قوة، إلا أن مختصين يزكون هذا التوجه، ويقولون بأنه سلوك إداري ذكي، متجرد من شخصنة الأمور، وحصرها في إطارها العملي. ترى ماذا يحدث حين يعود موظف إلى مكان عمله القديم بعد تقديم استقالة بزمن؟ هل يعد ذلك انهزاماً منه، وانكسار؟ أم أنه عاد بعد ما سعت إلى عودته الشركة وقدرت مكانته بعد ما رحل؟ وهل يعود قوياً أكثر مما يجب، مما يضعف موقف الشركة؟ عبدالله الحربي المختص في مجال الموارد البشرية، يرى أن عودة الموظف المستقيل إلى عمله مرة أخرى بعد التفاهم مع إدارة المنشأة يؤدي في الغالب إلى عملية تصحيحية في وضع الموظف في تلك المنشأة، مما يعطي مزيداً من المكاشفات، وقال إن غالبية الأسباب التي تؤدي إلى استقالة الموظف من عمله تعود لنوعين من الخلافات، إما خلاف شخصي، وإما خلاف في وجهات النظر حول طبيعة العمل، وشدد على أن الخلاف الخاص بطبيعة العمل، والبعيد عن الأمور الشخصية، حتى لو أدى إلى استقالة الموظف، فإن عودته لعملة مرة أخرى فيها الكثير من الايجابيات، وأكد أن عودة الموظف إلى عمله، وظهور فراغ معين بعد رحيله مما يتبين للإدارة العليا الدور الذي كان يقوم به، هو أمر يعزز من الثقة في التعامل بعد عودته، ويضفي كثيراً من الثقة بينه وبين الإدارة، وأكد أن ذلك لو حدث على مستوى مدراء الإدارات مثلاً، لا يمكنه أن يخلق شعور بالتعالي لدى ذلك المدير، مشيراً إلى أن من يصل إلى هذه المكانة في الغالب لديهم فهم لطبيعة عمل الموارد البشرية، وأشار إلى أن الإدارة ليست كبقية التخصصات، وإنما هي أفكار قد تناسب شركة ولا تناسب أخرى، مما يخلق خلافات في وجهات النظر، وشدد على أن جلوس القيادات للتفاوض والمكاشفة، يعزز من علاقاتهم مع قيادة الشركة، وبالتالي كسر الحواجز التي ربما كانت في المرحلة السابقة، وأكد أن عودة الموظف الفاعل والجيد لشركته القديمة أفضل من تعيين موظف جديد سيستغرق وقتاً طويلاً ليفهم طبيعة العمل ، وأشار إلى أن هناك موظفين عادوا وكانت فترة عملهم الثانية أفضل بكثير من عطائهم في الفترة الأولى.