أكد مستشار اقتصادي أن التعامل مع القرارات الرسمية والأخبار الاقتصادية يفترض أن تحظى بكثير من الاحترافية الإعلامية التي تساعد على إيصالها بوضوح وشفافية للمتلقين؛ بعيداً عن اللبس؛ أو سوء الفهم؛ أو خطأ التفسير؛ خاصة إذا ما كانت على علاقة مباشرة بهموم المواطنين كالسكن والعمل والأجور والنمو الاقتصادي والموازنة. وقال المستشار الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين في حديثه ل"الرياض" إن عملية التشويق أو التسويق لقرار قادم مهما كانت أهميته قد يفقده قيمته الحقيقية بسبب رفع التوقعات لدى المواطنين، وبالتالي ربما يتحول القرار الإيجابي إلى سلبي في نظر المواطنين بسبب سقف توقعاتهم التي بنوها على حملة التشويق والتسويق التي سبقت القرار؛ وهم غير مخطئين في ذلك بل أخطأ من لم يحسن التعامل الإعلامي مع تلك القرارات المهمة والإيجابية، مشيراً إلى أن آلية التعامل الحكومية مع الإعلام لم تصل حد الاحترافية بعد وهذا يؤثر كثيراً في مؤشر رضا المواطنين ويضعف من ثقتهم ويتسبب في إحباطهم أيضاً. وأوضح أنه لا بد أن تكون للحكومة آلية واضحة للتعامل الإعلامي؛ تخضع لمعايير محددة ويلتزم بها الجميع وأول تلك المعايير أن يكون مصدر المعلومات الوزارة أو المؤسسة الحكومية لا حسابات تويتر والتصريحات المفاجئة، إضافة إلى ذلك لا بد أن يكون لدى الحكومة مركز لمتابعة البيانات الإعلامية وتحليلها بما يضمن تحقيق الكفاءة والالتزام، ولمتابعة ما يصدر من أخبار مؤثرة قد تكون شائعة فتتحول مع مرور الوقت وصمت الجهة المسؤولة إلى حقيقة تتناقلها الركبان. واستشهد البوعينين ببعض البيانات الاقتصادية المؤثرة التي كان للتعامل الإعلامي الخاطئ معها أثراً سلبياً، الأول مرتبط بإصدار السندات الحكومية لتمويل العجز؛ حيث تسبب عدم التمهيد الإعلامي لإصدار السندات وتوضيح أهميتها وإنعكاساتها على الاقتصاد، إضافة إلى التأكيد على أن الحكومة تمتلك احتياطيات تقدر ب2.5 تريليون ريال تستطيع من خلالها تمويل العجز دون الحاجة للاقتراض تسبب بالعديد من السلبيات. وأشار إلى أن الإعلان المفاجئ عن إصدار السندات الحكومية تسبب في الضغط على سعر الريال في عقود الصرف الآجلة؛ وهو أمر كان من الممكن تجاوزه بقليل من التمهيد الإعلامي؛ والتصريحات المتخصصة من مسؤولي المالية ومؤسسة النقد، إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث فتسبب في إشاعة القلق داخلياً وخارجياً. وتابع بأن الخبر الثاني كان مرتبطاً بتقرير صندوق النقد الدولي وتوصيته ذات العلاقة ب"إحكام السيطرة على فاتورة الأجور في القطاع العام" والتي فُسِّرت في بعض وسائل الإعلام على أنها توصية لخفض الرواتب؛ بخلاف معناها الحقيقي الذي يحث الحكومة على عدم التوسع في التوظيف وتحمل أعباء رواتب إضافية؛ إلا في حدود ضيقة. وقال إنه للأسف الشديد لم يتصدَ لذلك التفسير الخاطيء متحدث رسمي ليوقف سيل الشائعات والتكهنات؛ ولم يظهر أحد من الفريق الاقتصادي لمناقشة التقرير وتوضيحه ونشر شيء من التفاؤل بدلاً من التشاؤم غير المبرر. وتابع بأنه على علاقة بالتقرير نفسه فقد صدرت توقعات الصندوق حول تباطؤ نمو الناتج المحلي الحقيقي السعودي إلى 2.8% خلال العام الجاري وانخفاضه إلى 2.4% في عام 2016، وهي توقعات تحتاج دائماً إلى تفنيد وتوضيح من قبل الفريق الاقتصادي لما تنضوي عليه من أهمية كبرى للمستثمرين والقطاع الخاص والاقتصاد بشكل عام. وأوضح أنه فيما يتعلق بالقرارات المهمة؛ وتفريغها من إيجابيتها بسبب التعامل الخاطئ معها؛ هو ما حصل بتغريدة مدير عام صندوق التنمية العقارية م. يوسف الزغيبي عبر حسابه بموقع "تويتر"، التي بشر بها المواطنين أن لديه خبر جميل سيعلنه في الغد، ثم أعلن قرار "إعفاء المتوفين المتعثرين" من القروض وفق ضوابط محددة؛ ما تسبب في ردة فعل عنيفة من المواطنين الذين كان أكبر همهم القرارات ذات العلاقة بحصولهم على المسكن أو القرض. واعتبر البوعينين أن الأمر لا يتوقف عند ذلك بل يتجاوزه إلى استخدام الحسابات الشخصية في تويتر للإعلان عن القرارات الرسمية بدلاً من البيان الرسمي الذي تبثه وكالة الأنباء السعودية وتتناقله وسائل الإعلام عنها. ودعا البوعينين إلى مراجعة آلية تعامل الوزراء والمسؤولين مع الإعلام؛ الذي تحول إلى صناعة؛ تتطلب الاحترافية التامة ليس في الإعلام فحسب بل في مختلف التخصصات التي تعين المتحدث على إيصال الرسالة الدقيقة للمتلقين، مشيراً بهذ الخصوص إلى أن حاجتنا تكمن في أن نستثمر الإعلام في مواجهة الشائعات ونشر الحقائق؛ ورفع الوعي والثقافة لدى المتلقين.