عندما ينصفنا العالم ويشيد بجهود دولتنا ومسارها التنموي نحو التحديث، والتطوير، وبناء الإنسان؛ نجد من بعض أبناء هذا البلد من ينتقد ويقلّل من تلك الإنجازات، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول أسباب ردة الفعل السلبية في مواقع التواصل الاجتماعي من تلك المنجزات، والتقليل منها، بل والإساءة إليها. وأكد مختصون أن الانتقاد - وليس النقد الإيجابي البناء - يعود إلى جهل المُنتقد بحقيقة الإنجاز وأهدافه التي عملت عليها الدولة عدة سنوات تخطيطاً وتنفيذاً، إلى جانب غياب المعلومة الواضحة، وقلة الوعي، إضافة إلى الصورة الذهنية السلبية عن بعض الجهات التي لم تتغيّر رغم المنجزات، مضيفين أن وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام التقليدية التي تنقصها الاحترافية ساهمت بشكل سلبي في نقل المعلومات بطريقة غير صحيحة، موضحين أن مسؤولية الخطأ في إيصال المعلومة الصحيحة للرأي العام وجهود القطاعات الحكومية والأهلية تقع على وسائل الإعلام، مشيرين إلى أن غياب المعلومة في هذه الحالة يفتح المجال للتنبؤات والاجتهادات الخاطئة التي تنعكس سلباً على كثير من أفراد المجتمع عند تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لافتين إلى أن الشفافية والصدقية هما السبيل إلى قطع الطريق على المتربصين بإنجازات وطننا على كل الأصعدة، مبينين أن مشاركة المواطن في هذه الحالة هي نجاح مشترك بين الطرفين. حساسية النقد لدى بعض المسؤولين تجعلهم يفكرون في الرد والتصحيح أكثر من معالجة الخلل غياب المعلومة وقال "عبدالله الزهراني" - مختص في مجال أمن المعلومات: "يواجه كثير من الجهات والمؤسسات الحكومية والأهلية عددا من الانتقادات على انجازاتها الداخلية والدولية، ومعظم هذه الانتقادات عارية عن الصحة"، مضيفاً أن ذلك يعود لجملة من الأسباب، ومنها جهل المُنتقد لحقيقة الإنجاز والأهداف التي عملت عليها تلك الجهات سنوات وسنوات، إلى جانب غياب المعلومة الواضحة، وكذلك قلة الوعي الثقافي، إضافة إلى عدم الإلمام بدور هذه الجهات. وأضاف أن أعداء النجاح يتربصون في مواقع التواصل الاجتماعي، مشدداً على ضرورة الحذر من التعاطي معهم في كل الأحوال، مشيراً إلى أن النقد الهادف والبناء يجب أن تتعامل معه الجهات الحكومية، لافتاً إلى أن هناك تجاهلا كبيرا من هذه الجهات تجاه الرد على كثير من الانتقادات أو المقترحات البناءة، مؤكداً أن المعلومات المتبادلة بين المواطن والجهات الحكومية وأسلوب الرد الواضح والصريح يعزز من ثقافة الشراكة المجتمعية في البناء والوصول إلى مخرجات يستفيد منها الوطن والمواطن. مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في نقل المعلومة بطريقة غير صحيحة وأشار إلى أن تغييب المعلومة عمداً ثم إظهارها في الملتقيات الدولية في الوقت الذي يحتاج إليها فيه المواطن طريقة غير صحيحة، مضيفاً أن غيابها في هذه الحالة يفتح المجال للتنبؤات والاجتهادات الخاطئة التي تنعكس سلباً على أفراد المجتمع عند تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، موضحاً أن الشفافية والصدقية هي الطريق السوي لقطع الطريق على المتربصين بإنجازات وطننا على كل الأصعدة، مبيناً أن مشاركة المواطن في كل صغيرة وكبيرة هي نجاح مشترك بين الطرفين. عبدالله الزهراني قصور واضح وقال "د. سراي بن حمود الشمري" - مشرف بعمادة المكتبات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - إن عدداً من المؤسسات الحكومية والأهلية اهتمت بالشأن الدولي في إبراز انجازاتها الداخلية وأُشيد بها من قبل المنظمات العالمية في الخارج، في حين أنها لم تهتم بإشعار المواطن بذلك في الداخل، الأمر الذي نتج عنه ردات أفعال سلبية عبر مواقع التواصل الاجتماعية. وأضاف أن هناك قصورا واضحا من جانب هذه الجهات في الجانب التثقيفي والإعلامي وإيصال المعلومات والانجازات لدى المتلقي من المواطنين بكافة شرائحهم، ما جعل بعض الوسائل الإعلامية تجتهد في نقل المعلومة بشكل ضبابي وغير واضح، لافتاً إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت مواقع إخبارية لنقل الحدث في حينه وقبل بثه عبر وسائل الإعلام الرسمية، داعياً الجهات والمؤسسات الرسمية والخيرية والحقوقية إلى إعادة النظر في التعامل مع وسائل الإعلام بشكل احترافي وبكل شفافية، إلى جانب الإفادة من قنوات التواصل الاجتماعي في الكشف عن الانجازات والمعوقات بكل شجاعة لقطع الطريق على المتربصين بنجاحات وجهود الدولة، مشدداً على أهمية عدم انسياق المواطن خلف الدعايات المغرضة من دون تكليف نفسه عناء البحث عن المعلومة الحقيقية وأخذها من مصادرها الموثوقة، لافتاً إلى افتقاد بعض المواقع الالكترونية للصدق في بث الخبر. د. سراي الشمري وعي المجتمع ولفت "د. يحيى بن عبدالله الصمعان" - عضو مجلس الشورى - إلى أنه يجب على المؤسسات والهيئات الحكومية والأهلية التعامل مع النقد البناء والموضوعي المجرد من أهداف الشوشرة وقبوله بصدر رحب، إلى جانب الإفادة منه إذا كان يستند إلى مسوغات، موضحاً أن كثيراً من الانتقادات التي تصدر من المواطن سببها عدم وضوح الصورة وتغييب المعلومة عنه في كثير من الأحيان، مؤكداً أن الوعي لدى أفراد المجتمع يؤدي دوراً كبيراً في هذا الشأن، إلى جانب الدور الذي يمكن أن ينتج عن وسائل التواصل الاجتماعي عند المبالغة في نقل الصور والأخبار أو نقلها بطريقة غير مقبولة من الممكن أن تجد لها رواجا كبيرا بين الأوساط المحلية. د. ممدوح الشمري وقال إن الجهات الحكومية التي لديها رسالة وتواجه انتقادات حادة من المجتمع فإنه يجب عليها أن تطور من خدماتها وتتعامل مع الجمهور بشكل أفضل، مشيراً إلى أنه ليس هناك أحد معصوم من الخطأ، إذ إن الخطأ وارد، بيد أنه من المهم أن يتم النظر إلى كيفية التعامل معه، لافتاً إلى أن النقد البناء سينعكس إيجابياً على أداء هذه الجهات، مبيناً أن شفافية القطاعات الأهلية والحكومية تظل خير وسيلة في مواجهة الدعايات المغلوطة التي تهدف إلى "الشوشرة" فحسب. وأضاف أن وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام التقليدية التي ينقصها الاحترافية ساهمت بشكل سلبي في نقل المعلومات بطريقة غير صحيحة، موضحاً أن مسؤولية الخطأ في إيصال المعلومة الصحيحة للرأي العام وجهود القطاعات الحكومية والأهلية تقع على وسائل الإعلام، مشيراً إلى أن العديد من القطاعات الحكومية والأهلية لا تزال مقصرة في إيصال المعلومة الحقيقية وتبني الشفافية، مبيناً أنها تتحفظ بشكل غير مُبرر على العديد من المعلومات، مستشهداً بتكتم كثير منها على بعض تفاصيل نظام معين في الوقت الذي يتم نشرها بشكل كامل في الصحف الرسمية للدولة، ومع ذلك فإن الإعلامي في حال حاول الاستفسار عن معلومة ما فإنه يجد أن الشخص المسؤول لديه تحفظ حول إبداء المعلومة. وأشار إلى أن متابعة ما يتم تناوله في إطار المنظمات الحكومية والمنظمات غير الحكومية في المجتمع الدولي، مثل المنظمات الخاصة بحقوق الإنسان، موضحاً أن تأثير التغطية الإعلامية لهذه الجهات التي تنظر للموضوع الدولي كموضوع سياسي بحت يخرج به عن دائرة اهتمام المواطن العادي، منتقداً مثل هذا التوجه، مشيراً إلى أن العالم أصبح الآن أشبه ما يكون بقرية صغيرة في ظل ثورة تقنية المعلومات وشبكات التواصل الاجتماعي، إلى جانب ما يطرح في المنظمات الدولية مما له انعكاس سلبي على الفرد العادي. د. يحيى الصمعان واستشهد في هذا الشأن بالإشادة التي تلقتها "المملكة" من منظمات دولية حول تقرير حقوق الإنسان، ومع ذلك فإن بعض المواطنين للأسف انتقدوا دور هذه الجهة، مرجعاً ذلك إلى أن المعلومة وكذلك التقرير الذي رفع تم بعيداً عن أنظار المواطن، مؤكداً أنه يجب على كل الجهات الحكومية أن تشرك المواطن في مثل هذه الأمور، مشيراً إلى أن المواطن بات يملك وعياً ثقافياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً كبيراً، وبالتالي فإنه حينما ينتقد سينتقد بكل موضوعية، لافتاً إلى أنه من هذا المنطلق يجب أن يشرك في الخطط الإستراتيجية وغيرها؛ حتى لا يتفاجأ عند صدورها ويواجهها بسيل من الانتقادات. رأي المواطن وقال "د. الصمعان" إن بعض الدول توظّف دور بعض الأجهزة الحكومية سياسياً لتحقيق مصالح معينة، مؤكداً أنه يجب على الجهات الحكومية أن تأخذ في الحسبان رأي المواطن؛ لقطع الطريق عمن يريد توظيف الانتقادات لمصالح شخصية أو سياسية، موضحاً أن من بين الحلول المقترحة لقطع دابر الانتقادات التي تهدف إلى "الشوشرة" فيما يتعلق بالقطاع العام ومؤسسات المجتمع المدني، أن يكون الإعلام شفافاً وصريحاً وأن يتم التعامل معه بكل صدق بحسبانه الجسر والوسيلة السهلة لنقل المعلومة، موضحاً أن المسؤولية مشتركة بين جميع الأطراف، سواء المواطن أو المسؤول أو الجهات الحقوقية التي يقع على عاتقها الجانب التوعوي، إلى جانب الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه التعليم في سبيل خلق الوعي لدى الطلاب والطالبات في شتى المراحل التعليمية، داعياً المواطن إلى تحكيم عقله قبل الانتقاد، وألاَّ تؤثر فيه الدعاية المُغرضة. متابعة القرارات وأشاد "د. ممدوح الشمري" - مستشار حقوقي - بالجهود الكبيرة للمملكة في خدمة القضايا الإنسانية، مشيراً إلى وجود العديد من البحوث المُحكمة عن جهود المملكة في القضايا الإنسانية وحماية حقوق الإنسان، إلى جانب جهودها المبذولة في مكافحة الفساد والاتجار في البشر، وغيرها من الجهود، لافتاً إلى أنه من المؤسف أن يكون هناك انتقادات للإنجازات التي يحققها عدد من المؤسسات والهيئات الأهلية والحكومية، موضحاً أن السبب في ذلك يرجع إلى القائمين على النشر وتوضيح الجهود التي تبذلها الدولة وتقاعسهم عن تفعيلها، فعلى سبيل المثال "هيئة حقوق الإنسان" لديها "برنامج خادم الحرمين الشريفين في التوعية والتثقيف" الذي صدر منذ حوالي ثلاث سنوات ومع ذلك فهو لم يفعَّل بالشكل المطلوب. وقال إن هناك مشكلة حقيقية في المتابعة، حيث يصدر توجيه أو قرار ويبقى حبيس الأدراج مدة طويلة، مضيفاً أن هناك حاجة لاستحداث إدارة لمتابعة القرارات والتوجيهات والإشراف على آلية تنفيذها، موضحاً أن هذا الأمر ينطبق على جميع الجهات الحكومية والجمعيات والمؤسسات الأهلية للوصول إلى تفعيل جهود الدولة بشكل مرض للجميع، مؤكداً أن هناك قصورا واضحا وصريحا في تفعيل جهود "المملكة" في الداخل والخارج من القائمين على ذلك، لافتاً إلى أن المجتمع يُعوِّل كثيراً على وسائل الإعلام الرصينة المُرخصة والرسمية في المساهمة بشكل أشمل في نشر التوعية والثقافة بين أطياف المجتمع.