طالب اقتصاديون بحماية سوق الأسهم المحلي من المؤثرات الخارجية لتحقيق الاستقرار النفسي للمتداولين، ولحفظ مدخرات المواطنين للنأي بهم عن موجات الهلع غير المبررة التي قد تستغل من قبل ضعاف النفوس للأزمات الخارجية التي لا علاقة لنا بها. وقال ل»الرياض» الاقتصادي فضل البوعينين ان تراجع مؤشر سوق الأسهم السعودية يوم السبت قبل الماضي بنحو 431 نقطة أو ما يعادل 6.4 في المئة أصاب المتداولين والمواطنين بهلع غير مسبوق، فالعامة ينظرون إلى سوق الأسهم كمرآة تعكس الاستقرار الاقتصادي، وقدرة الجهات المسئولة على التصدي للمؤثرات الخارجية، كما أن العالم أجمع يراقب الأسواق المالية ويربط حركتها بالمتغيرات الدولية خاصة في أوقات الأزمات، ما يجعلها مؤشرا دوليا للاستقرار. وتابع بأن تدافع المستثمرين للتخلص من أسهمهم مع افتتاح جلسة يوم السبت الماضي أكد على أن رجال المال دائما ما يكونون في مقدمة القافزين من ظهر السفينة حماية لمصالحهم، ودون التمعن بالمصلحة العامة التي تستوجب تعاملهم بعقلانية مع الأحداث الخارجية حماية للسوق، وتأكيدا على الاستقرار المالي والاقتصادي. الفايز وأضاف أنه في دقائق معدودات تسربت أخبار السوق للعامة، ونسجت حولها الأقاويل والتوقعات الخاطئة، وتسابقت وكالات الأنباء لعرض الأخبار العاجلة عن تداعيات السوق السعودية لأسباب (خارجية)؛ قامت على إثر ذلك البنوك الغربية بمراجعة مراكزها المالية ذات العلاقة بالريال السعودي، وكذلك فعل المستثمرون الأجانب الذين بدأوا في مراجعة استثماراتهم في صناديق الأسهم السعودية؛ فالثقة قد تهتز بتصريح خاطئ، أو تصرف يقود إلى تداعيات خطيرة. ولفت إلى أن خسارة السوق الحادة بعثت رسائل خاطئة للمراقبين، والمستثمرين وهي رسائل كان من الممكن تحويلها من السلبية إلى الإيجابية بقليل من الحكمة والإدارة الحذقة لسوق الأسهم؛ والذي كان الأكثر خسارة بين الأسواق الخليجية. وشدد البوعينين على أن حماية السوق في أوقات الأزمات لا تعني حفظ أموال المستثمرين ومدخرات المواطنين من الضياع، بل تعني تحقيق الأمن الشامل للوطن والمواطنين؛ فرسائل الثقة والاستقرار كفيلة بصد الكثير من الأخطار المحدقة وقت الأزمات، في الوقت الذي قد تحدث فيه رسائل الهلع المنفرة تغيرا من حال الاستقرار إلى الفوضى، وما حدث من بيوع جائرة في سوق الأسهم كان تنفيرا وتخويفا لم يقتصر تأثيره على المتداولين والمستثمرين فحسب، بل تجاوزهم إلى عامة المجتمع. وأبان بأن السوق لم تعد محمية من أي خطورة قادمة كما يعتقد بعض المسئولين، بل هي أضعف من أن تنجح في مواجهة المؤثرات الخارجية بمعزل عن الحماية الحكومية، أو على الأقل حماية «صانع السوق» القادر على ضبط حركتها والنأي بها عن التذبذبات الحادة في أوقات الأزمات؛ ويؤكد ذلك انكشافها المفاجئ ل «اختبار الجهد» النفسي الذي تعرضت له السبت ما قبل الماضي، وتأثرها الحاد بسحب «الأموال الساخنة» للمستثمرين المحليين، التي كانت أغلى وأنفس لديهم من استقرار السوق وأمن الوطن؛ مفيدا بأن أموال بعض كبار المستثمرين باتت أكثر خطرا على السوق المحلية من أموال المستثمرين الأجانب التي تخشى هيئة السوق المالية حتى الآن من دخولها وتحولها إلى أموال ساخنة قد يتسبب سحبها المفاجئ في انهيارات حادة. وأكد البوعينين أن الوقت قد حان لتأسيس صندوق صانع السوق الرسمي الذي يمكن له أن يضبط حركة السوق صعودا وهبوطا، وبخاصة في أوقات الأزمات، كما أن المحافظة على استقرار السوق يمكن أن يكون من المؤشرات الإيجابية الداعمة للاستقرار الاقتصادي والأمني على حد سواء، بالإضافة إلى أنه يمكن استثمار جزء بسيط من الاحتياطيات المالية في تكوين صندوق صانع للسوق الذي لن يكون صندوقا خيريا، بل صندوقا استثماريا من الدرجة الأولى يحقق الأرباح ويضمن ضبط حركة السوق. وأضاف «إدارة الصندوق بشكل احترافي سيحقق هدفين رئيسين الأول استقرار السوق، خاصة في أوقات الأزمات، والثاني أرباح رأسمالية قد تفوق بكثير أرباح عوائد سندات الخزينة التي تستأثر بجزء لا يستهان به من الاحتياطيات المالية». من جهته، قال المحلل الاقتصادي عبدالمجيد الفايز: انه من الطبيعي أن يكون هناك تأثير لما يحدث في جمهورية مصر على الأسواق المالية العربية والخليجية بشكل خاص نظرا لما تمثله مصر من ثقل عربي واقتصادي في المنطقة، وهذا ما رأيناه فعلا مع بدء الأحداث عندما انخفض مؤشر السوق بشكل كبير لدينا، لكن ما لبثت السوق أن استوعبت الصدمة وبدأت في العودة إلى ما كانت عليه. وأفاد بأن أسباب انخفاض سوق الأسهم المحلي يعود معظمه للصدمة التي أثارت الذعر في نفوس المتعاملين وخصوصا الصغار منهم، لكنهم بعد أن رأوا أسعار النفط العالمية ارتفعت وبعد أن امتصت معظم الأسواق العالمية الصدمة بدأوا في الدخول للسوق مجددا وهو ما ساهم في رفع الأسعار. وقال الفايز بأنه عند سبر تأثير الأحداث السياسية على الأسواق المالية بشكل عام نجد أنها تؤثر بشكل كبير عليها خصوصا في البداية لكن الأمر لا يلبث حتى تعود الأسعار والمؤشرات إلى طبيعتها التي كانت عليها وهذا ما يمكن إرجاعه لحالة الذعر التي تنتاب المستثمرين وخاصة الصغار منهم في مثل تلك الظروف. ولفت إلى أن مستوى تأثر الأسواق المالية بالأحداث السياسية يخضع لأمرين الأول يتعلق بتأثيرها المباشر على السوق، أما الثاني فيتعلق بثقافة المتعاملين خصوصا إذا كانت فئة الأفراد هي الطاغية على السوق كما هو حاصل فعلا في سوق المال السعودية.