أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني على أن السياحة والتراث الوطني يمثلان بديلا اقتصاديا فاعلا ورئيسا في المستقبل بجوار النفط الذي لا يمكن الاعتماد عليه كمصدر وحيد للاقتصاد، مشيرا إلى تأكيد خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بعدم الاعتماد على النفط بشكل مستمر وضرورة دعم البدائل الاقتصادية الأخرى. وأوضح سموه في تصريح صحفي بعد رعايته في مقر الهيئة امس الثلاثاء، توقيع عقد تأجير حي سمحان بالدرعية التاريخية من الهيئة إلى الشركة السعودية للضيافة التراثية لإقامة مشروع فندق سمحان التراثي، وأن هذا المشروع يمثل هدية تقدمها الهيئة وشركة الضيافة التراثية لخادم الحرمين الذي تبنى مشروع تطوير الدرعية التاريخية، ورغب بأن يكون أول نزيل في فندق حي سمحان التراثي. وقال سموه: "بالنسبة لي شخصياً هذا المشروع كان حلما يراودني كوني من أحد سكان المنطقة التي جاءت فترة نرى فيها البيوت التراثية تتهدم، والآن تحقق الحلم وتحول التراث العمراني الاندثار إلى الازدهار، وبلاشك أشعر بكل الاعتزاز بإقامة هذا المشروع كأول مشروع اقتصادي متكامل، يتمثل في الفندق التراثي والخدمات التي يقدمها لأول مرة في تاريخ المملكة، وهو انطلاقة حقيقة لشركة الفنادق والضيافة التراثية برعاية كريمة من سيدي خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي هو أول من بدأ مشروع تطوير الدرعية وتبناه منذ بدايته، ولي ذكريات اعتز بها في هذا الموضوع وبمبادرته -يحفظه الله- بتبني هذه الريادة في تطوير الدرعية التاريخية والمناطق التاريخية على مستوى المملكة، لذلك نحن نقدم هذا المشروع هدية لمقامه الكريم، وقد ذكر لي -يحفظه الله- بأنه سيكون أول من سيسكن في هذا الفندق التراثي بإذن الله". ونوه سموه إلى تأكيد خادم الحرمين حفظه الله على الاهتمام بمشروعات التراث العمراني وعدم القبول بإهانة التراث أو التعدي عليه. وقال: "اليوم أصبح الاهتمام بمواقع التراث الوطني حقيقة واقعة وهذا ما قاله خادم الحرمين يحفظه الله وهو رجل التراث الأول، وحقيقة هو لا يقبل ولا يرضى أبداً -كما قال- بأن يمتهن أي من تراث هذه البلاد، وتكليفه لنا هو بمباشرة مشروعات تأهيل وتطوير المواقع التراثية بشكل عاجل والعمل مع شركاء مميزين بهذه المشروعات". وأضاف: "لا يجب كما قال سيدي خادم الحرمين أن يكون اعتمادنا على النفط بشكل مستمر، فتقلبات اقتصادنا تكون مرتبطة بأسعار النفط بشكل مستمر، والسياحة والتراث الوطني أصبحتا اليوم خيارا اقتصاديا حقيقيا، ونريد أن نسرع من مساهمة هذا التراث الوطني والسياحة الوطنية لتكون عنصرا اقتصاديا بديلا عن النفط في المستقبل". وأبان أن هذا المشروع سيكون بداية وباكورة لمشروعات متعددة في مناطق المملكة، مؤكدا على أن الأهم ليس ترميما أو إحياء المباني التراثية، ولكن إعادتها بطريقة نموذجية. وأشار رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني: "سنعمل على أن يكون معظم ما يدخل في مشروع الفندق التراثي من المفروشات والتزيين هو بأيدي سعودية، إضافة إلى تشغيل الحرفيين المميزين من الرجال والنساء بالعمل على تجميل هذا المكان وزخرفته وتقديم خدماته، وأيضاً الأسر المنتجة ستستفيد مستقبلاً إن شاء الله من هذا المشروع من خلال وجود موقع لبيع الحرف، وبيع الأطعمة السعودية ليكون مذاقا سعوديا بالكامل. ونوه إلى أن سمو أمير منطقة الرياض هو في مقدمة الداعمين لمشروع الفندق التراثي وبقية المشروعات التراثية في المنطقة، مثمنا ما تحظى به مشروعات التراث من دعم من سموه، كما عبر عن تقديره للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وبقية الجهات المشاركة في مشروع تطوير الدرعية التاريخية. ووقع عقد تأجير موقع حي سمحان للشركة كل من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ممثلا عن الهيئة، ود. حمد بن محمد السماعيل رئيس مجلس إدارة الشركة ممثلا عن الشركة، بحضور أعضاء مجلس إدارة الشركة. يشار إلى أن مدة عقد تأجير الموقع تصل إلى أربعين عاما تبدأ اعتبارا من تاريخ 16/11/1436ه وتقدر مساحة الأرض التي سيتم تطويرها لإقامة الفندق التراثي عليها بأكثر من 14،000 متر مربع. ويقع حي سمحان ضمن حدود الدرعية التاريخية، ويتشكل الموقع من عدد من المباني الطينية المملوكة للدولة ويقدر عددها 36 مبنى ذات طابق أو طابقين. ويعد فندق سمحان التراثي الذي تفضل خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز بوضع حجر أساسه لدى رعايته -أيده الله- حفل افتتاح حي البجيري بالدرعية التاريخية الخميس 20 جمادى الآخرة 1436ه، باكورة مشروعات الشركة السعودية للفنادق والضيافة التراثية، وأحد المشروعات المهمة لبرنامج خادم الحرمين للعناية بالتراث الحضاري، وتم التنسيق لإعادة تأهيل الموقع بالاستعانة ببيوت الخبرة العالمية وفق المعايير الدولية. وقد أنهت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني من خلال المكاتب العالمية المتخصصة إعداد دراسات المرحلة الأولى "الدراسات الميدانية" والتي شملت الرفع المساحي والمعماري ورفع الانقاض وكشف الأساسات والحالة الإنشائية للمباني التراثية وتحليل التربة والدراسات التاريخية، فيما تشمل المرحلة الثانية التي سيتم طرحها لعمل التصاميم المعمارية والمخططات التنفيذية والتفصيلية للمشروع، وذلك من خلال الشركة السعودية للضيافة التراثية. وتمثل "الشركة السعودية للضيافة التراثية" إحدى أهم شركات الاستثمار السياحي التي عملت عليها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وتم إقرارها مؤخرا من الدولة، لتتوج مسيرة طويلة للهيئة في تطوير السياحة الوطنية واستكمال البنية التنظيمية لهذا القطاع، وتحفيز وتطوير الاستثمار فيه، وتنظيم وإطلاق شركات الاستثمار السياحي. كما تأتي الشركة ضمن مرحلة جديدة من دعم الدولة واهتمامها بالاستثمار في مواقع التراث العمراني ترسيخا لأهميتها في الذاكرة الوطنية، ولتحويلها إلى قطاع اقتصادي منتج.