كان بيلي كاسبارينو وجينا ديلون - كاسبارينو ذكيين للغاية إلى حد أنهما ظلا كمستأجرين طوال فترة الانتعاش العقاري قبل عقد من الزمان وبقيا على هذا الحال حتى عام 2010عندما قاما بشراء منزل في حي فينيسيا بلوس أنجلس، على بعد نصف ميل من الشاطئ، مقابل 810 دولارات. وفي فورة انتعاش جديد لسوق العقار بعد مضي أربع سنوات، قرر الزوجان العودة إلى الاستئجار مجددا بعد أن أوشكا على إكمال صفقة لبيع منزلهما بمبلغ 1,35 مليون،بمكسب مجزي يصل إلى 67 بالمئة. ويقول كاسبارينو،المدير التنفيذي بشركة سان دييغو بادريس،" يبدو أن سوق العقار عاد بقوة وبسرعة كبيرة. ربما أننا أمام فقاعة." ويعكس قرار الزوجين حقيقة معاشة في العديد من المناطق الحضرية الكبرى بالبلاد.فقد وجد تحليل لصحيفة "نيويورك تايمز" أن شراء منزل مجددا في أغلى المناطق مثل نيويورك وخليج سان فرانسيسكو ولوس أنجلس بدا كاستثمار محفوف بالمخاطر، اعتمادا على العلاقة بين أسعار المنازل وبين عائدها من الإيجارات. وفي مناطق مثل بوسطنوميامي وواشنطن، ارتفعت الأسعار إلى حد أن الشراء لم يعد مجزيا كما كان منذ بضع سنوات خلت. وقامت الصحيفة أيضا باستحداث حاسبة على الانترنت online calculator تمكن المشترين والمستأجرين من تحليل قراراتهم الشخصية. وكمثال إذا فكر شخص عادي في شراء منزل بمبلغ 500 ألف دولار ليسكن فيه لمدة سبع سنوات فانه من الأجدى له أن يستأجر إذا كان هناك منزل مماثل متاح للإيجار بمبلغ 1,956 دولار أو أقل شهريا. ويقول مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في شركة موديز اناليتيكس:" يبدو أن تقييم العقارات في الكثير من هذه الأسواق الساحلية مبالغ فيه بالمقارنة مع الإيجارات. وعليه فانه يتضح بصفة عامة أن الاستئجار أفضل من الشراء حتى وان بدا السوق على المستوى القومي أكثر توازنا" وكمثال فان حي فينيسيا حيث يسعى الزوجان كاسبارينوس الى بيع منزلهما، استفاد كثيرا من تدفق الصناعات التقنية بما في ذلك قيام شركة غوغل بافتتاح مكتب لها في لوس أنجلس في عام 2011، الأمر الذي ترتب عليه قدوم مهندسين وخبراء التأثيرات البصرية ومهنيين يكسبون مئات الآلاف من الدولارات أو أكثر سنويا إلى الحي. ونظرا لانخفاض معدلات الفائدة وأسعار المساكن بنسبة 13 بالمئة عما كانت عليه في عام 2006، فان الشراء يظل يبدو وكأنه صفقة رابحة في معظم أنحاء البلاد. وفي مناطق اشتهرت بالغلاء سابقا مثل فونيكس ولاس فيغاس واورلاندو على سبيل المثال، مازال سعر المنزل العادي يقل بنسبة تتراوح بين 30 و40 بالمئة عن مستوى أسعار 2006. أما في معظم أنحاء كاليفورنيا والشمال الشرقي، فان الأسعار مازالت مرتفعة حاليا إلى حد أن تكلفة امتلاك منزل – بكل ما تتضمنه من ضرائي عقارية وصيانة وعملات للوكلاء العقاريين وفوائد الرهونات- قد تفوق كثيرا الفوائد المادية، بما في ذلك التخفيضات على الضرائب. ويشكل هذا الاتجاه احدث تغيير في صعود وهبوط أسعار العقار خلال العقد المنصرم.ففي الفترة من 2004 إلى 2006،فان الرياضيات كانت تحبذ كثيرا الاستئجار أكثر من الشراء في جميع أنحاء البلاد، على الرغم من أن الكثير من الأميركيين اعتقدوا خطأ أن أسعار المساكن ستنخفض.بل حتى الأسواق التي شهدت ارتفاعا في الأسعار كانت بعيدة كل البعد عن ظروف الفقاعة الاقتصادية التي حدثت في منتصف عام 2000. وقد ارتفعت أسعار المنازل في منطقة سان فرانسيسكو بنسبة 33 بالمائة منذ مطلع عام 2011 وبنسبة 30 بالمائة في منطقة ميامي و بنسبة 24 بالمائة منذ مطلع عام 2011 بنسبة 33 بالمائة في منطقة لوس أنجلوس وزادت النسبة في بعض الأحياء المرغوب فيها في هذه المناطق. ففي منطقة خليج سان فرانسيسكو-موطن أشد الزيادات الأخيرة في الأسعار - تضاعف سعر بيع منزل بنحو 20 مرة عن كلفة استئجار منزل من نفس الحجم لمدة عام. هذه النسبة استناداً إلى تحليل بيانات من موقع زيلو هي نفسها كما كانت في عام 2003 عندما لم يكن سوق العقار في سان فرانسيسكو قد دخل مرحلة الفقاعة الخارجة عن السيطرة غير أنه كان في الطريق إلى هناك. وعندما تؤخذ انخفاض معدلات الرهن العقاري في الاعتبار، تبدو فكرة شراء منزل في سان فرانسيسكو أكثر جاذبية إلى حد ما -لكن مع نسبة 10 بالمائة دفعة أولى وأسعار الفائدة السائدة- يصبح شراء منزل 6 بالمائة أكثر كلفة من استئجار منزل من نفس الحجم، نفس قسط الشراء هناك خلال فترة الازدهار في عام 1999. قبل عامين فقط كان شراء منزل في منطقة سان فرانسيسكو أرخص بنسبة 24 بالمائة عن استئجار منزل من نفس الحجم. فالأسواق التي شهدت مبالغة في الأسعار كان ذلك بسبب ثلاثة عوامل. فهذه الأسواق وجدت في اقتصاديات محلية لم تعاني سوى من الحد الأدنى من الأضرار خلال فترة الركود التي بدأت في عام 2008 وشهدت نمواً قوياً في الوظائف منذ ذلك الحين. وشهدت الأسعار في هذه الأسواق مزيداً من الزيادات بسبب سياسات أسعار الفائدة المنخفضة التي تهدف إلى دعم الاقتصاد الوطني بشكل عام لكنها لم تميز بين المناطق على أساس جغرافي. وحتى سوق الإسكان في سان فرانسيسكو الذي كان في خطر من ارتفاع أسعاره، حصل المشترون هناك على نفس معدلات الرهن العقاري الفائقة الانخفاض المقدمة من مجلس الاحتياطي الاتحادي مثلهم مثل المشترين في ديترويت أو كليفلاند اللتين عانتا من الركود. كما أن الطفرات الجديدة في الأسواق حيث القيود المفروضة على البناء تعيق المطورين من الاستجابة لارتفاع الطلب عن طريق بناء المزيد من المساكن. وهذا ما يميز الأسواق الرئيسية في كاليفورنيا عن الاقتصاديات المحلية القوية في تكساس وغيرها من الأماكن. وقد أضافت مناطق مثل دالاس وسان فرانسيسكو أعداد مماثلة من فرص العمل في العام الماضي لكن الحكومات المحلية في دالاس أصدرت تصاريح لتشييد حوالي أربعة أضعاف وحدات سكنية جديدة. هناك محاذير هامة بطبيعة الحال عندما يتعلق الأمر بالشراء والاستئجار. فحكمة الشراء مقابل الاستئجار تعتمد بشكل كبير على الوضع المالي لكل شخص وخططه وما يفضله. ويمكن أن يكون لكل حي ما يميزه عن غيره حينما تكون المفاضلة بين الشراء والاستئجار والمزايا الفريدة التي يتمتع بها كل حي والتي يجب أخذها بعين الاعتبار. يمكن لمشتري المنازل حتى في الأسواق الأعلى سعراً أن يجدوا بعض العزاء في حقيقة أن الأسعار ليست مرتفعة بشكل مبالغ فيه كما كان الحال بالنسبة للإيجارات في عام 2006 ولكن عليهم أن يعوا أيضاً أن المنازل يتم تسعيرها بدقة كافية لا تترك أي مجال للخطأ. ومثلما يجمع الاقتصاديون حالياً على قيمة سوق الأسهم وأنه ليس بالضرورة في فقاعة كذلك الحال بالنسبة لسوق العقار لكن بالتأكيد الأسعار مكلفة بما يكفي لجعل المشتري يتخذ جانب لحيطة والحذر. وفي حين يمكن أن تبقى أسعار المساكن مرتفعة لعدة أشهر أو سنوات قادمة، يبقى المشترون عرضة للانخفاض نحو من المزيد من القيم التاريخية الطبيعية. المستأجرون تجنبوا هذا الخطر حتى لو حدث صعود لسوق المنازل في أماكن مثل سانتا مونيكا ونوب هيل وترايبكا. ويرى ستان همفريز كبير الاقتصاديين في زيلو أن الأسعار الحالية معقولة ومبررة لكنه يقر بأنها مرتفعة بما يكفي لترك المشترين عرضة للخطر.