لاحظت مؤسسات بحوث إقليمية أن المشهد الحالي في سوق العقارات الخليجي، أفرز تبدلاً في شكل العلاقة بين المستأجر والمؤجر، لمصلحة الأول لجهة الخيارات المتاحة من الشقق والفيلات وغيرها من الوحدات السكنية، إضافة إلى الوحدات التجارية والمكاتب، التي باتت متوافرة بعد سنوات من شح في المعروض دفع أسعارها وإيجاراتها إلى مستويات أنتجت معدلات تضخم كبيرة على الاقتصاد الكلي. وتوقع تقرير أصدرته مؤسسة «المزايا القابضة» أمس، أن تواصل السوق العقارية تصحيح أوضاعها في الظروف الراهنة التي يعيشها قطاع العقارات، في حالة من الحذر والترقب، معتبراً أن المرحلة المقبلة تركز على إعادة النظر في هيكل أسعار العقارات وإيجاراتها السكنية أو التجارية. وبيّن التقرير أن تباطؤ النمو الاقتصادي في دول الخليج وتأثرها بأزمة المال وانعكاساتها الداخلية والخارجية، أدى إلى تناقص الأعداد الكبيرة الساعية وراء استئجار الشقق والوحدات السكنية أو المكاتب والوحدات التجارية، في ظل التباس الرؤية في مستقبل الأسعار والتطوير العقاري على المدى القصير. وأشار التقرير، الذي يرصد تطورات القطاع العقاري في المنطقة، إلى أن أسعار العقارات التي انخفضت بين 20 و50 في المئة، أفضت إلى انخفاض في إيجارات الشقق السكنية أكثر من 25 في المئة في دول الخليج. ولفت التقرير إلى أن إيجارات المكاتب في منطقة شارع الشيخ زايد في دبي وما يحيط بها، تراجعت (مركز دبي المالي العالمي) خلال الأشهر الماضية بنحو 40 في المئة، بحسب تقرير لمؤسسة «ريتشارد إيليز للاستشارات العقارية». وأشار إلى تراجع سعر القدم المربعة من 750 درهماً إلى 450 درهماً (200 إلى 120 دولاراً)، إضافة إلى تخفيضات أخرى من مالكي العقارات، على رغم أنها لا تزال أعلى من مثيلاتها في مناطق أخرى من دبي. وانخفضت إيجارات محلات التجزئة في دبي وأبو ظبي للمرة الأولى منذ عشرة أعوام على الأقل في الربع الأول من السنة الحالية. وهبطت تكلفة استئجار محل جديد 11 في المئة في دبي، و3.5 في المئة في أبو ظبي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، وفقاً لمؤشر إيجارات التجزئة الذي تعدّه شركة «سي بي ريتشارد اليس». ويتوقع أن يصل إجمالي المساحات المخصصة لتجارة التجزئة إلى 4.25 مليون متر مربع بحلول السنة المقبلة، مقارنة ب 1.17 مليون عام 2006، وفقاً لشركة البحوث «آر أن سي أو أس». وتمتلك أبو ظبي نحو 700 ألف متر مربع مساحات محال للإيجار، وتخطط لزيادتها إلى 1.2 مليون متر مربع، وفقاً لشركة «إي تي كيرني». وبيّن التقرير أن السعودية أعلنت عن تسجيل مستوى تضخم بنسبة 5.5 في المئة، ما يمثل نصف مستوى التضخم الذي سجل في الفترة ذاتها من العام الماضي، وبلغ 11 في المئة، وهو أعلى مستوى على الإطلاق. أما في الإمارات فشكلت الإيجارات العنصر الأبرز في رفع معدلات التضخم في السنوات الأخيرة، مع نموّ زيادة الأسعار إلى أعلى مستوى في 20 عاماً بلغ 14 في المئة في 2008. وأشار تقرير لمصرف «اتش اس بي سي»، إلى أن انخفاض التضخم في الإمارات يعود إلى الانخفاض السريع في الطلب الذي دفع أسعار الإيجارات إلى الصعود في شكل حادّ في 2007 و2008، ولا ينعكس التغير النزولي فقط على انخفاض الإيجارات، بل أيضاً على ضغوط نزولية لأسعار سلع وخدمات في الإمارات. ويتوقع أن تصل معدلات التضخم إلى 5 في المئة. ولا تزال السعودية، «تظهر مستويات أعلى من الطلب على المنازل، سواء للتملك أو للإيجار، مرده التزام الحكومة السعودية إنفاق ما يزيد عن 400 بليون دولار في تطوير البنية التحتية والمرافق خلال السنوات الخمس المقبلة. وأفاد تقرير، صدر أخيراً بأن السوق العقارية في مدينة الرياض تتمتع بمستوى من الاستقرار هو الأعلى بين مدن دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى. وتوقع تقرير ل «جونز لانغ لاسال»، أن تشهد السوق في العاصمة السعودية تحقيق فرص عقارية ضخمة، إذا تحققت عوامل رئيسة مختلفة هي: تمويل شراء المنازل، اللوائح التنظيمية، المستثمرون، زيادة شركات التطوير العقاري ذات الخبرة وتيسير تكاليف العقارات. ويرى التقرير أن الطلب على المساكن في المملكة العربية السعودية لم يتأثر نسبياً بأزمة السيولة العالمية، وتوقع أن ترتفع أسعار الإيجارات في 2010 مع احتمال تعرضها لضغوط في 2013 لدى دخول مشاريع ضخمة مثل المركز المالي ومنشآت المؤسسة العامة للتقاعد إلى السوق. وفي قطر أعلنت شركة «لاندمارك للاستشارات العقارية» أن زيادة المعروض المتوقعة في السوق العقارية لسنة 2010، تتسبب في مزيد من خفض أسعار العقارات. وأضاف التقرير، أن العجز في المعروض من العقارات سيتراجع في صورة سريعة على المدى القصير إلى المتوسط، ومع انخفاض معدل النمو السكاني المتوقع 2 في المئة، يحتمل أن تشهد السوق زيادة في المعروض بحلول 2010. ولفت التقرير إلى أن زيادة المعروض إيجابية نهاية الأمر، لأنها تسمح بتصحيح الأسعار في ظل نقص شديد أدى إلى ارتفاعات في الإيجارات. وأشار التقرير إلى أن متوسط أسعار مبيع العقارات انخفض من 25 إلى 30 في المئة بين منتصف الربع الأخير من العام الماضي ونهاية الربع الأول من هذه السنة، فتراجع متوسط الإيجارات في قطر من 5 إلى 10 في المئة، وبحلول أيار (مايو) الماضي انخفضت إيجارات الفيلات من 15 إلى 20 في المئة، بينما ظلت أسعار الشقق مستقرة نسبيّاً. في المقابل، دفعت أزمة المال العالمية وتراجع أسعار النفط وانخفاض أسعار مواد البناء الأساسية مثل الحديد والإسمنت، إلى رواج النشاط العقاري في سلطنة عمان وزيادة المعروض من الوحدات السكنية، ما أدى إلى تراجع إيجارات المساكن بين 10 و 15 في المئة.