قال المستشار الاقتصادي فادي بن عبدالله العجاجي ان فرض الرسوم على الأراضي البيضاء ليس حلاً بذاته؛ وإنما هو طريق لتصحيح اختلالات السوق العقارية التي نشأت نتيجة تراكمات رسخت الاعتقاد السائد بانعدام مخاطر الاستثمار في السوق العقارية. واوضح في حديث سابق ل "الرياض" حول هذا الموضوع ان الفقاعة في أسعار الأصول تعرف بأنها ارتفاع حاد ومستمر في سعر أصل أو مجموعة من الأصول مع توقعات باستمرار ارتفاع الأسعار للدرجة التي تجذب مشترين جددا (مضاربين) يرغبون في تحقيق أرباح من إعادة بيع الأصول بدل استخدامها أو تحقيق العوائد من استثمارها. هذا أشهر تعريف للفقاعة في أسعار الأصول للاقتصادي "كيندلبِقر" Kindleberger (1987) ، مؤكدا في هذا الصدد ان ما تشهده السوق العقارية في المملكة يتطابق إلى حد كبير مع هذا التعريف. واضاف هناك عدة عوامل تلعب دوراً في تشكيل الفقاعة العقارية مثل توقعات نمو الأسعار، وانخفاض أسعار الفائدة، والتسهيلات الائتمانية، وارتفاع عوائد الاستثمار (الإيجار)، ونمو الكتلة النقدية في الاقتصاد، وعد وجود ضريبة على الأراضي البيضاء. لكن أقوى العوامل تأثيراً في خلق فقاعة العقار في المملكة هو انخفاض درجة المخاطرة لدى المتعاملين في الأسواق العقارية خصوصاً في عقارات المضاربة. وقد أدى انخفاض مستوى الوعي بدرجة المخاطرة في السوق العقارية إلى جعل أسعار بعض القطاع السكنية يتجاوز 3000 ريال للمتر المربع وهو أكثر من ضعف الحد الأعلى للأسعار التي يمكن أن تستوعبه المستويات العامة للأجور في المملكة. واشار العجاجي الى ان ضعف الوعي بدرجة المخاطرة هو المحرك الرئيس لتكوّن الفقاعة في السوق العقارية، أما انخفاض أسعار الفائدة فالأرجح أن يكون تأثيره محدودا في السوق السعودية بالرغم من قوة تأثير أسعار الفائدة في الأسواق العالمية. فقد وجد "بن برنانكي و كوتنر" Bernanke and Kuttner (2005) أن الانخفاض غير المتوقع في سعر الفائدة بنسبة 0.25% يؤدي إلى ارتفاع قيمة الأصول بنسبة 1%. واكد ان الفقاعة في السوق العقارية موجودة وإن كان بعض القادرين لا يراها بوضوح، لكن حتماً ستكون واضحة للجميع مع معدلات النمو الحالية في أسعار القطع السكنية. فآليات السوق العقارية القائمة في المملكة غير كافية لدعم حركة تصحيحية تبدد الفقاعة، وبالتالي فإن الفقاعة ستتمدد وتضغط لرفع تكلفة الإيجارات، مما سينتج عنه تجدد الضغوط التضخمية في مجموعة السكن وتوابعه وارتفاع معدل التضخم العام في المملكة. والبيانات الرسمية الصادرة عن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات تؤكد ذلك. واشار ان فرض ضريبة على الأراضي البيضاء قد يساهم في تبديد الفقاعة في السوق العقارية، وقد يكون للسياسة المالية المتحفظة دور في تخفيف حدة التضخم في أسعار العقارات، لكن تأثيرها محدود في تبديد فقاعة العقار. أما السياسة النقدية فهناك خلاف واسع بين الاقتصاديين بشأن جدوى استخدامها لتبديد الفقاعة من خلال رفع أسعار الفائدة وتشديد منح القروض. فالاقتصاديون المحافظون يرون أن السياسة النقدية يجب أن تركز على خفض التضخم وتحقيق النمو المستقر للاقتصاد (برنانكي و قِرتلر Bernanke and Gertler – 2001)، وتصحيح الأوضاع لكن بعد تبدد الفقاعة، وهم يرون أن تفجير الفقاعة ينطوي على مخاطر تزعزع استقرار القطاع المالي، كما أن ردة فعل السياسة النقدية لتقلبات أسعار الأصول معقدة وقد تؤدي إلى قلب سياسات الاستقرار إلى سياسات زعزعة الاستقرار. أما دعاة تدخل السياسة النقدية في التعامل مع الفقاعة في أسعار الأصول فيرون أن عدم التدخل سيؤدي إلى تضخم الفقاعة وارتفاع مخاطرها على معدل نمو الاقتصاد. كما أن الإجراءات الاستباقية تعزز من الاستقرار على المستوى الكلي للاقتصاد، وهم يرون أن السياسة النقدية يجب أن تراعي (لكن لا تستهدف) تقلبات أسعار الأصول (سُشاتي Cechetti 2002)، وأن تشديد السياسة النقدية مفيد لكبح جماح التوقعات غير الرشيدة (ديتكن و سميتس Detken and Smets 2003). وفي نهاية حديثه اكد ان فرض الرسوم على الأراضي البيضاء ليس حلاً بذاته؛ وإنما هو طريق لتصحيح اختلالات السوق العقارية التي نشأت نتيجة تراكمات رسخت الاعتقاد السائد بانعدام مخاطر الاستثمار في السوق العقارية. وبالتالي فلن تكون أدوات السياسة الاقتصادية (المالية والنقدية) ذات جدوى في تبديد فقاعة العقار في السوق السعودية، بل قد ينتج عنها استجابة عكسية توجه المزيد من السيولة للسوق العقارية باعتبارها الملاذ الآمن لمعظم المستثمرين. أما السماح بتعدد الأدوار فقد يكون له بعض الآثار الإيجابية، لكنه يندرج ضمن المسكنات أو الحلول الوقتية التي ستعكس على ارتفاع أسعار العقار في الأجل المتوسط.