منتدى المحتوى المحلي يختتم أعمال اليوم الثاني بتوقيع 19 اتفاقية وإطلاق 5 برامج    اعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم    «الصحة الفلسطينية» : جميع مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل    المملكة توزع 530 قسيمة شرائية في عدة مناطق بجمهورية لبنان    «طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    انطلاق مهرجان الحنيذ الأول بمحايل عسير الجمعة القادم    فيتنامي أسلم «عن بُعد» وأصبح ضيفاً على المليك لأداء العمرة    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    «الزكاة والضريبة والجمارك» تُحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة كبتاجون في منفذ الحديثة    باص الحرفي يحط في جازان ويشعل ليالي الشتاء    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    المنتخب السعودي من دون لاعبو الهلال في بطولة الكونكاكاف    الذهب يتجه نحو أفضل أسبوع في عام مع تصاعد الصراع الروسي الأوكراني    الكشافة تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية المراحل    الملافظ سعد والسعادة كرم    استنهاض العزم والايجابية    المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    فعل لا رد فعل    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    ترمب المنتصر الكبير    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بحائل يفعّل مبادرة "الموظف الصغير" احتفالاً بيوم الطفل العالمي    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    استضافة 25 معتمراً ماليزياً في المدينة.. وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة    «المسيار» والوجبات السريعة    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مزارع تصدّر الموت..!
عمالة تستخدم مبيدات سامّة ومجهولة المصدر لزيادة إنتاج التمور بعيداً عن عين الرقيب
نشر في الرياض يوم 10 - 08 - 2015

تعد النخيل أحد أهم مصادر الغذاء، وتشكلت منذ القدم علاقة ود وإكرام متبادلة بين الإنسان والنخلة، مما جعل لها دوراً اقتصادياً واجتماعياً مهماً فأصبحت ثمارها إحدى السلع الاستراتيجية التي تحتل مكانة بارزة في أولويات الأمن الغذائي، ورغم أهمية قطاع النخيل والتمور إلا أنه يعاني من معوقات كثيرة منها ضعف الرقابة من الجهات المختصة على جودة التمور ومدى سلامتها من الملوثات خصوصاً مع ظهور استخدام المبيدات الحشرية التي تعرض على رفوف المحلات الزراعية وتُباع وتُشترى من دون رقابة أو إشراف على استخدامها إضافة إلى أنها تُستعمل بدون أي خبرة من قبل المستخدمين لها مما يشكل خطأً كبيراً لتأثيراتها شديدة السمية والمهلكة لجميع أنواع الحشرات النافعة منها والضارة خاصة أن تحللها بطيئ وبالتالي يزداد تركيزها من عام إلى عام، وتعطي نتائج عكسية مما أدى إلى مقاومة الآفات الحشرية لها وإلى ظهور سلالات جديدة متنوعة من الآفات لم تكن معروفة سابقاً ولها القدرة على مقاومة تلك المبيدات الضارة، مما يتطلب تضافر جميع الجهود لحضر بيع واستخدام المبيدات التي تباع وتشترى بدون قيود مسببة كارثة على صحة الإنسان وتلوث التربة والتمور ومياه الشرب وحتى الآبار الجوفية.
جولة في المحلات والمزارع
ولمعرفة أنواع تلك المبيدات الحشرية وطريقة استعمالها توجهنا إلى محلات بيع المبيدات الحشرية في المحلات الزراعية في أحد شوارع الرياض، ولكن لم نجد منهم من يحقق لنا مرادنا ويجيب عن استفساراتنا ورفضوا التحدث أو الإدلاء بأي معلومات حولها رغم تواجدها على رفوف محلاتهم بل وقيام البعض منهم بتصنيعها، وكأن في الأمر سراً أو أن وراء الأكمة ما وراءها، بعد ذلك توجهنا إلى من يقومون باستخدامها في المزارع حيث التقينا سيد رجب والذي قال بأنه يعمل في مجال الزراعة منذ 30 عاماً وأنه يستخدم المبيدات على كل شيء من سوس وفطريات، وقال بأن علبة المبيد تكفي لمرة واحدة قبل أن يطلع التمر لعدد 5 نخلات، وأنواعها مختلفة وأسعارها تتراوح ما بين 20 – 30 ريالاً لعلبة المبيد الواحدة.
وفي إحدى المزارع أوضح أحد العمالة الموجودين بها بأنه يستخدم الكبريت الأصفر وهو متوفر في المحلات الزراعية، ويقوم ب(تعفير) عذوق التمر به ووضعه في قلب النخلة كما يضع على التمور كميات كبيرة من الكبريت وخصوصاً عندما يكون الجو مغبراً حتى لا يخسر المحصول - على حد قوله - لأنه قد قام باستئجار المزرعة كاملة من صاحبها.
وفي مزرعة أخرى قال أحد العمالة بأنه يعتمد على زراعة النخيل واستثمارها لأنها مربحة - على حد قوله - وقال: إن عبوات المبيدات تتواجد في السوق بأنواع مختلفة وكثيرة، موضحاً بأنه يتعرف عليها فقط من خلال ألوانها لأن معظمها مكتوب عليه بلغات لايفهمها، وأضاف: بأن أصحاب محلات المبيدات الحشرية لا يقومون بعرض جميع أنواع المبيدات التي لديهم في المحلات بل يقومون بتخزينها في مخازن محلاتهم ولا يبيعونها إلا للزبون الذي يعرفهم ويعرفونه جيداً، وبسؤاله عن أضرار تلك المبيدات الحشرية التي يتم رش التمور بها أجاب: "هي مضرة طبعاً بس أكيد الناس هتغسل البلح قبل ما تاكله"! وأضاف بأنه لا يوجد أي رقابة بخصوص المبيدات التي يستخدمونها، وبمعاينة بعض المتبقيات لديه من علب المبيدات الحشرية اتضح بأنها تخلو من تاريخ الإنتاج وكذلك تاريخ انتهاء الصلاحية وأيضاً تخلو من كتابة أماكن الصنع واسم المستورد أو المصنع ودون عليها باللغة الإنجليزية بأنها سامة جداً وكذلك تم تدوين نسب تركيزات مكوناتها.
بضائع تالفة
بدوره أكد سامي عاصم -بائع في شركة تمور منذ 10 سنوات- أن للمبيدات أضرار سلبية على التمور وعلى جودتها وعلى طعمها وأوضح بأن التمور تظهر عليها قشرة وبالتالي يخرب شكل التمور وطعمها وكذلك تضر بالصحة، وفي بعض المواسم تأتي التمور وقد انتهت جودتها مما يتسبب في تعب المزارع والمحرج والتاجر والبائع والموزع والمنتج وأشار إلى أن بعض الشركات تستعمل مبيدات لتكبير حجم حبوب تمور النخيل لكي تعطي شكلاً، وبأن بعض البضائع تكون تالفة ويكون الجزء الأسفل من الكرتون منتهي الصلاحية ويتم اكتشافه أثناء كبس التمور، وتقوم بعض المصانع باستعماله كعجينة تمور، مشدداً على أهمية استخدام أصحاب المزارع للسماد العضوي والابتعاد عن التقنيات العالية كالليزر وغيره.
كارثة
وفي أحد محلات بيع التمور كان هناك أحد الزبائن الذي كان يبحث عن نوع محدد من أنواع الرطب، وبسؤاله عن مدى معرفته عن سلامة التمور بشكل عام وخلوها من بقايا المبيدات، قال: الحقيقة لا أعرف إن كانت التمور ملوثة بالمبيدات أوأنها غير ملوثة، وقال بأنه لا يعلم لماذا يقوم المزارعون بوضع المبيدات على التمور، وأنه يهتم فقط بسؤال البائع عن النوعية والسعر لاغير، مضيفاً أن المبيدات جزء من حياتنا اليومية ونقوم بإرادتنا بإدخالها لبيوتنا لمكافحة الحشرات المنزلية لكن كون تلك المبيدات تصبح جزءاً من طعامنا؛ فتلك كارثة بمعنى الكلمة.
المبيدات الحشرية
وقال عبدالله بن سالم - مهتم بالشأن الزراعي ومزارع سابق - أن هناك عشوائية في استخدام المبيدات الحشرية على التمور وذكر بأن بعضها ليس مدون عليها بلد المنشأ كما أنها غير معروفة الصنع بالإضافة إلى تزايد أعداد العمالة داخل مزارع النخيل، حيث تقوم برش المبيدات الحشرية على التمور في مواسم لا يجوز فيها الرش قطعياً لما له من آثار سمية شديدة تؤدي إلى الإضرار بصحة المستهلك بشكل كبير، وأغلب المزارعين لا يوجد لديهم وعي ولا يدركون أضرار المبيدات الحشرية على صحة الإنسان مع عدم وجود رقابة من الجهات المختصة كما أن هناك بعض العمالة يقومون بالمرور على مزارع النخيل بصهاريج بداخلها مبيدات حشرية مجهولة المصدر وتعرض الخزان سعة 1000 لتر بسعر 500 ريال ويتم ذلك بدون أي رقابة من الجهات المعنية، وذكر بأن تلك العمالة تشكل خطراً على مهنة الزراعة ولا تهتم بصحة المواطن ولا البيئة مؤكداً بأن تلك المبيدات سموم خطرة جداً ويمكن أن تحدث كارثة، وبعض الدراسات في مجال المبيدات ذكرت بأن مبيد الملاثيون المستخدم في مزارع النخيل بكثرة قد أدى إلى طفرات وراثية في خلايا عظام الفئران واصبحت المبيدات الحشرية خطراً يهدد الحياة البشرية والمواشي والطيور والحيوانات لأنها صنعت للقتل والتدمير لأي كائن حي.
مراقبة الأسواق
ودعا عبدالله بن سالم الى القيام بعمليات تحليل لعينات من تمور المزارع ومراقبة آثارها في التمور خاصة والتأكد من مدى أمانها، مطالباً بمتابعة مزارعي النخيل بشكل مستمر في المناطق كافة ومراقبة أسواق التمور ومحلات بيعها وأخذ عينات عشوائية للتأكد من سلامتها وصلاحيتها للاستهلاك الآدمي، مؤكداً أن الاستعانة بالضمير الأخلاقي لا تنفع دائماً، حيث ان مفعول هذه المواد تمتد لعقود وتهدد الموروث الحضاري والجيني لكل الكائنات الحية وتأثيرها لايميز بين الحشرات الضارة والنافعة مما يتسبب خللاً خطيراً في التوازن البيئي الطبيعي وانتشار الحشرات الضارة.
حرق التمور
وأضاف بأن رش المبيدات الحشرية له تأثير محرق على عذوق التمر ويؤدي إلى إحداث أضرار ملفتة للنظر على الثمار ويستمر ظهور أعراضها وتأثيرها حتى مرحلة النضج الكامل للتمور بل وحتى بعد كنزها، اذ إن المبيدات الحشرية عند رشها على عذوق التمر تحدث بقعاً دائرية غير منتظمة وتكون بهيئة مناطق محروقة وكأنها قد حرقت بماء ساخن ويكون لها لون مختلف عن لون الثمرة ويبقى تأثيرها واضحاً حتى بعد نضج التمور، وتحقق نسبة مقاومة عالية وبعد أسبوع واحد من المعاملة بالمبيدات والمكافحة تنخفض الإصابات ثم تعود كثافتها بالارتفاع بعد شهر واحد فقط ويصبح المزارع يدور في حلقة مفرغة لأنه لم يستفد شيئاً بل بالعكس أحدث أضراراً كبيرة على التمور وعلى البيئة والصحة العامة، فيصاب بالحيرة ويلجأ بعض المزارعين إلى استخدام صابون غسيل الملابس وسوائل غسيل الصحون لغسيل التمور لكي يحصل على تمور لامعة وهو لا يعلم بأنه بذلك قد دمر محصوله تماماً منذ أن بدأ باستخدام المبيدات وبعد أن استخدم الصابون أوغيره.
نظافة النخيل
وعن التعامل مع النخيل أكد ابن سالم ان ذلك يحتاج إلى خبرة وإلى دقة ملاحظة حيث إن اكتشاف الإصابات منذ بدايتها يعطي النخيل حماية إذ يكفي الغسيل بالماء العادي أسبوعياً حتى بداية نضج التمور(تنقيط البسر) لقتل جميع أطوار الحشرات المختلفة، موضحا أن النخيل المخدوم جيداً تكون إصابته أقل أو لا يصاب، لأن نظافة المزارع هي خط الدفاع الأول للحماية من كافة الآفات الزراعية، وذكر بأن الأجداد كانوا يستأجرون عمال لقطع الأشواك من النخيل وتكريبها وتنظيفها من بقايا التمور المتساقطة لأنها إذا تُركت تسبب العفن ومن ثم تكاثر الحشرات، موضحاً بأن العمالة السائبة أصبحت الآن هي التي تعطي الخيط والإبرة في معظم المزارع وأصبحت هناك فوضى في المزارع وأصحابها مشغولون عن مزارعهم وأعطوا كامل الصلاحيات لتلك العمالة الذين يقومون بوضع مبيد الكبريت على التمور من أجل الإسراع في نضج التمور وهم لايعلمون ماتسببه من مخاطر على حياة الإنسان مشددا على وجوب انتباه أصحاب المزارع لهذا الأمر إذا كانوا لا يعلمون أما إن كانوا يعلمون بما تقوم به عمالتهم فتلك مصيبة.
تأجير المزارع
وقال محمد بن جماز - تاجر تمور- أن بعض التمور يوجد فيها طعم غريب فيه نوع من الحموضة، معتقدا أن ذلك بسبب تلوثها بالمبيدات، لافتاً الى أن بعض التمور يكون شكلها الخارجي متغيراً وأنسجتها متهتكة مع وجود بقايا حشرات رغم رش المبيدات عليها، واضاف: إن كثيراً من المزارع مؤجرة على عمالة وهي - مع الأسف الشديد - غير مدربة وغير مؤهلة وليس لها أي معرفة أو دراية وقد تفتقر إلى القراءة والكتابة وتفتقر إلى ثقافة استخدام المبيدات الزراعية وهي لم تتلق التدريب اللازم في بلدانها، وبين أن بعض العمالة لا تراعي التعليمات التي تلصق على المبيد عند استخدامه في ظل ضعف الرقابة على استخدام المبيدات في المزارع، والمزارعون يتجاوزون التركيزات لزيادة فاعلية المبيد على التمور، والكثير منهم يستخدم المبيدات منذ سنوات طويلة مع أن تلك المبيدات مواد كيميائية سامة جداً وتؤثّر على العمليات الحيوية للعديد من الكائنات الحية، وإذا دخلت في الجسم فإنها تبقى فيه ولا تتلاشى.
تقارير مفصلة
وقال محمد البراهيم: إن أسهل الطرق للحد من استخدام المبيدات هي مطالبة محلات بيع التمور بتوفير شهادات تثبت خلو المعروض من تمورهم من بقايا المبيدات، ويتم إصدار تلك الشهادات من قبل الأمانات والبلديات وصحة البيئة وهيئة الغذاء والدواء، ويقوم المختصون في المختبرات الكيميائية بكتابة تقارير سريعة ومفصلة عن كل عينة على أن تحمل رقماً خاصاً بها يرتبط باسم المحل الذي جُمعت منه وبرخصة المحل أو رقم سجله التجاري، اذ إن التحليل هو الطريقة الوحيدة لمعرفة إن كان المحصول يحتوي على متبقيات مبيدات أو لاتوجد فيه أي آثار منها، وهذا النظام مطبق في عدد من البلدان وأثبت فعاليته بشكل كبير.
تخزين السموم
وأوضح رمزي أنور - مهندس زراعي - أن سوء استخدام المبيدات يؤدي إلى أضرار على الإنسان والنبات أيضاً، وأن هناك معايير لاستخدام المبيدات والإفراط في استخدامها أو زيادة المعايير تؤدي إلى حرق الأوراق في النبات أو موت النبات بالكامل، وبين أن الأضرار على الإنسان تكون بتخزين سموم المبيدات في الجسم مما يساعد على انتشار الأمراض كأمراض الفشل الكلوي والسرطان في جسم الإنسان، ويُنصح عند رش المبيدات بالالتزام بالمعايير المنصوص عليها وكذلك الالتزام بفترة التحريم بعد رش المبيد على النبات وغالباً ما تكون 15 يوماً، وعدم رش المبيدات عند نضوج الثمار أو عند بدء التلوين في التمور، واتباع رش المبيدات كوقاية للنبات في بداية المراحل الأولى للنمو وذلك لمنع إصابة النبات أو تحديد إصابة النبات في المراحل المتقدمة.
خطورة المبيدات
وأكد د. علي العيثان - طبيب- أن المبيدات تشكل خطورة على العاملين في تصنيعها والقائمين على نقلها وعلى المزارعين والمستهلكين، وشدد على أنه يجب أخذ الحيطة والحذر تجاه ما تحدثه المبيدات من أذى للإنسان كالتسمم والتشويه أو المرض كمرض السرطان.
وأضاف أن تحديد أعراض الإصابة بالتسمم الحاد الناجم عن المبيدات ليس بالأمر السهل إذ إن تلك الأعراض تشبه الأعراض العامة التي تعتري الإنسان في حياته اليومية (صداع، غثيان، تشنجات وغيرها) أما التسمم الجلدي فيصاب به العامل بطرق عديدة كأثناء جمع أوراق النبات الملوث بالمبيدات أو الاحتكاك بها أثناء جني المحصول أو خدمة الأشجار لذلك يُنصح العمال بعدم دخول المناطق التي تمت معالجتها بالمبيدات الكيميائية لفترة زمنية معينة حيث حُددت المدة لمبيد Azinphosmetyl ب24 ساعة ولمبيد Parathion ب30 يوماً لأن هذا المبيد يتفكك ببطء على أوراق النبات في المناخ الجاف إلى مادة Parayon ولما كان هذا المبيد شائع الاستعمال على أنواع عديدة من الأشجار فإن العمال أكثر عرضة للتعرض له عن طريق جني الثمار والعناية بالأشجار وغيرها.
تأثيرات سرطانية
وأضاف أن العديد من الكيميائيات الزراعية لها تأثيرات سرطانية على الإنسان كمركبات الزرنيخ التي ثبت علمياً تسببها بداء سرطان الكبد والجلد ومركب " الأمينوترأيازول " المستخدم في مكافحة بعض الأعشاب في مزارع الذرة والفواكه يسبب سرطان الغدة الدرقية وهناك العديد من المركبات مثل DDT و"الأندرين" و"الديلدرين" التي لها القدرة على إحداث السرطان، وللمبيدات تأثيرات جانبية أيضاً كإحداث التشوهات الخلقية والأورام، بالإضافة إلى التسمم المزمن نتيجة تراكم المبيدات في الجسم بكميات قليلة وعلى فترات طويلة.
منظمة الصحة العالمية: مبيدات الآفات الزراعية تسبب السرطان!
أعلنت الوكالة الدولية لبحوث السرطان IARC ووكالة السرطان المتخصصة التابعة لمنظمة الصحة العالمية رسمياً في 20 مارس الماضي تصنيف 5 مواد من مبيدات الآفات الزراعية ضمن المبيدات المقيد استخدامها "الجليفوسات" مبيد الحشائش الحولية والمعمرة، والملاثيون والديازينون مجموعة A2.
وتم تصنيف المبيدات الحشرية بتراكلورفنفوس والباراثيون ضمن المجموعة 2B بناء على أدلة قطعية أكدت تسببه في الإصابة بسرطان الغدة الليمفاوية وسرطان البروستات وأغلبها ناتج عن استخدام تلك المبيدات.
وأدرجت المنظمة بناء على تقرير صادرعن المركز الدولي للأبحاث السرطانية 5 أنواع من المبيدات التي تسبب الإصابة بالسرطان، ويتطلب منع استخدامها نهائياً وتتضمن "الجليفوسات، الملاثيون، باراينون، ديازينون، بتراكلورفنفوس، وكانت دراسة بالولايات المتحدة الأمريكية وكندا والسويد نُشرت منذ عام 2001 أشارت إلى أن مبيد الميلاثيون تسبب في إصابة القوارض بالسرطان، وأن سرطان الغدد الليمفاوية وسرطان الرئة وبالأدلة القاطعة هو نتيجة التعرض لتلك المبيدات خلال الدراسة التي أجريت بالولايات المتحدة الأمريكية.
كما نُشر في كندا عام 2001 أدلة قاطعة تؤكد أن الجليفوسات يمكن أن يسبب السرطان في حيوانات المختبر بعد ظهور الأورام في الفئران.
وبحسب التقرير فإن الملاثيون يستخدم في الزراعة ومكافحة الحشرات والصحة العامة ولايزال ينتج بكميات كبيرة في جميع أنحاء العالم، وقد يتعرض العمال خلال استخدام وإنتاج الملاثيون للمخاطر بسبب التعرض للرذاذ أو تناول الأغذية، كما أشار التقرير إلى أن استخدام الجليفوسات زاد استخدامه بجميع أنحاء العالم في الزراعة.
قانوني: المبيدات الزراعية شديدة السُمّية ومحظورة في أغلب دول العالم
أوضح صالح الصقعبي - نائب رئيس اللجنة الوطنية للمحامين الأسبق - أن المعالجات الكيميائية تعد أكثر أدوات إدارة الآفات شيوعاً، وهناك عدد من المواد الكيميائية شديدة السمية التي تم حظر استخدامها في بلدان نصف الكرة الشمالي، أو تتطلب معدات وقاية وشروط استخدام، وهي متطلبات غير متاحة للمزارعين في بعض الدول، وبناء على الاعتقاد الخاطئ يقوم المزارعون بمعالجة محاصيلهم بالمبيدات بشكل روتيني بغض النظر عن وجود أي تهديد خطير يتعلق بالآفات، وقال إن هذا بحد ذاته جريمة تضر بالمجتمع ككل.
وأكد أن كل جريمة يعاقب عليها وفق قوانين كل دولة، وقد أظهرت الأدلة العلمية أن الغالبية العظمى من هذه المبيدات لا يكاد يكون لها أي تأثير على زيادة الإنتاج وغالباً ما تقل من أرباح المزرعة وتتسبب في آثار جانبية سلبية كبيرة على صحة الإنسان والصحة البيئية.
وأوضح أن قوانين وأنظمة الدول جعلت للسلطة المختصة تسجيل المبيدات التي يجوز استيرادها أو تصديرها أو تصنيعها أو تداولها أواستخدامها في الدولة، وأن اللائحة التنفيذية لقانون (نظام) المبيدات في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أوضحت أنه لا بد من تسجيل المبيد ويتم إدراجه في سجلات السلطة المختصة تحت رقم معين وإصدار شهادة تسجيل له حسب نموذج معين.
وأوضح أنه ورد في منطوق المادة الثامنة من نفس اللائحة أن للوزارة حق التفتيش على جميع الواردات والصادرات ومرافق التصنيع والتداول لأي مبيد من قبل موظفيها المعنيين في المحاجر الزراعية ونقاط التفتيش الجمركي على الحدود أو من توكل إليه الوزارة هذه المهمة وذلك لغرض التأكد من تنفيذ أحكام هذا النظام (القانون) وضبط الحالات المخالفة له، كما أنه يحق للموظفين الرسميين الذين لهم صفة الضبطية القضائية دخول الأماكن التي يدخل نشاطها في أحكام هذا القانون (النظام) وذلك لغرض التأكد من تنفيذ أحكامه وضبط الحالات المخالفة لأحكامه أو لأحكام أخرى مشابهة.
استخدام المبيدات يجب أن يخضع لرقابة وخبرة
الدراسات العلمية أثبتت علاقة كثير من المبيدات بأمراض السرطان
الرش العشوائي في المزارع يخلف آثاراً خطيرة وطويلة المدى
يجب زيادة الرقابة على أسواق التمور ومزارع النخيل
صالح الصقعبي
رمزي أنور
سامي عاصم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.