«هيئة الطرق»: مطبات السرعة على الطرق الرئيسية محظورة    هل اقتربت المواجهة بين روسيا و«الناتو»؟    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    أرصدة مشبوهة !    حلول ذكية لأزمة المواقف    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    فعل لا رد فعل    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البيئة والمبيدات الزراعية
نشر في اليوم يوم 23 - 12 - 2003

بعد شربي عصير جزر هذا الصباح تساءلت مع نفسي: هل أضرني هذا العصير ام أفادني؟
هذا السؤال يراودني مع كل وجبة طعام ومع كل حبة فاكهة أو خضار أتناولها , فخبراء التغذية دأبوا النصح بضرورة الاعتماد على الغذاء الصحي والطازج والابتعاد عن الطعام المعلب أو المحفوظ , فهل نحن بخير من كل هذا؟
الجواب في هذا الشرح الموجز عن المبيدات التي باتت تدخل في كل شيء.
لقد بدأ استخدام المبيدات على نطاق واسع في السبعينات من القرن الماضي وتطورت منذ ذلك الحين وبشكل كبير تركيباتها , فقد استعملت في بادئ الامر مبيدات تتركب من الزرنيخ أو الكبريت أو الكلس أو أملاح النحاس , وبعد الحرب العالمية الثانية بدأ استخدام المركبات العضوية المكلورة ومن أشهرها مركب ال( DDT ) التي اكتشفت في سويسرا لأغراض طبية للقضاء على بعض الأمراض كالتيفوئيد والملاريا وغيرها , فوجدوا لها أثرا واضحا في زيادة كميات المحاصيل الزراعية المختلفة.
كذلك كان لاستخدام المبيدات الشأن الكبير في تلويث وتخريب النظام البيئي والإخلال بالتوازن الطبيعي للبيئة والأحياء التي تعيش فيها , وحاليا لدينا اكثر من (10000) نوع من المبيدات وتصنف حسب عملها وفق ما يلي:
مبيدات الحشرات
مبيدات الفطور
مبيدات الأعشاب
مبيدات اخرى
وتصنف حسب تركيبها الصناعي العضوي الى:
مركبات الهيدروكربونات المكلورة
المركبات الفسفورية العضوية
الكاربامات
حموض الكلوروفينوكسي
وتشير الإحصائيات العالمية الى أن المبيدات العشبية هي الأكثر استعمالا حيث تبلغ النسبة (34 %) في حين تبلغ (32%) للمبيدات الحشرية و(19%) للمبيدات الفطرية و(6%) للمبيدات الاخرى.
اما التوزيع العالمي لاستخدام المبيدات فيوضح أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الأكثر استخداما وتصل النسبة الى (54%) اما في أوروبا الغربية (25%) اليابان (12%) وبقية دول العالم(18%)
* المبيدات الحشرية:
وتشمل المركبات الهيدروكربونية المكلورة والمركبات الفسفورية العضوية.
تمتاز المركبات الهيدروكربونية المكلورة ربانها مستقرة وثابتة في البيئة وغير قابلة للتحلل والتفكك البيولوجي في الطبيعة وتتراكم في الأنسجة الدهنية للكائنات الحية الحيوانية وخاصة مركب ال(DDT )
اما المركبات الفسفورية العضوية: فقد زاد استخدامها لأنها اقل تلويثا للبيئة بسبب عدم ثباتها وتحللها بيولوجيا في التربة وسرعة انحلالها في الماء وعدم تراكمها في الجسم ولكن سميتها كبيرة وذلك لسرعة انتقالها في الجسم حيث أن (28) غراما منها قد تقتل 500 شخص.
@ مبيدات الفطور: الفطور نباتات بدائية متطفلة على الأشجار والأوراق والثمار بصورة عفن فطري وفطريات مفسدة والتفحم والصدأ والبقع وتظهر بوضوح في الخشب المستعمل في البناء ولها القدرة على إتلاف ما مقداره (10 %) من محصول العالم من الغذاء.
ومن أشهر مبيدات الفطور مركبات الزئبق مثل فينيل الزئبق وهو سريع الانحلال بالماء لذلك يعد تلوث المياه كبيرا بمركبات الزئبق وخاصة مياه الانهار والمياه الجوفية.
@ المبيدات العشبية:
لها مفعول واسع وقوي في القضاء على الاعشاب الضارة في المزارع والحدائق وبين قضبان سكك الحديد ومن أشهرها مركبات حموض الكلور وفينوكسي 2,4,5 - T MCPA 2,4 - D وتسمى قاتلات الأعشاب الضارة الهرمونية او ما يعرف منظمات النمو لأنها تغير سلوك النمو الطبيعي للنبات فهي تسبب زيادة في سرعة النمو بشكل غير طبيعي مما يؤدي الى هلاك النبات.
وهناك الكاربامات حيث تقوم بمنع حدوث عملية التركيب الضوئي للنبات وبالتالي عدم تركيب مركبات الكربوهيدرات (السكريات) اللازمة لنمو النبات.
@ مبيدات أخرى: كمبيدات القوارض , الأرانب , القردة , الطحالب.
المبيدات وقابلية بقائها في البيئة:
عند اضافة المبيدات فانها تتعرض للانحلال في الماء او لعمليات تحلل وتفكك أي ان المبيد يخضع لتحولات بيولوجية بيئية بحسب تركيزه وتركيبه الكيميائي.
ويعرف بقاء المبيد في البيئة بأنه الزمن اللازم للمبيد ليفقد (95%) من فعاليته وذلك في الظروف البيئية الطبيعية و بتركيز معتدل حسب المواصفات , حيث يتم تفكيك المبيد إلى الجزيئات المركبة له لتمتصها التربة.
أو يتم انحلاله في الماء ليعطي عناصره المعدنية المكونة له لتجرى عليها تحولات بيولوجية وكيميائية, وان بقاءه في البيئة يعتمد على نوع المبيد ونوع التربة ونسبة الرطوبة بها ودرجة حرارتها وحركة الرياح ونوع المحصول وعدد مرات زراعة نفس المحصول وعدد مرات حرث الارض (التربة) وكيفية استخدام المبيد ونسبة تركيزه وانواع العناصر المكونة له.
وتبقى المبيدات ذات العمر القصير في البيئة فترة زمنية تمتد من (1 12) أسبوعا والمبيدات ذات العمر المتوسط من (1 18) شهرا أما المبيدات طويلة الأمد فتبقى في البيئة سنتين.
فمثلا مبيد ال(DDT ) يبقى في البيئة حتى تحلله في التربة فترة تزيد على (12) عاما كذلك مبيدات الهيدروكربونات المكلورة أما مركبات الفسفورية العضوية والكاربامات تحتاج لأسابيع حتى تتحلل المبيدات في التربة بواسطة انحلالها بالماء (الحلمهة).
انتقال المبيدات الى عناصر البيئة:
إن المبيدات تبقى عموما في التربة سواء أجريت عليها التحولات البيولوجية او لم تجر فتنتقل هذه المبيدات الى الهواء والمياه وتكون آلية انتقالها كالتالي:
1. كثير من مصانع المبيدات تفرغ تدفقاتها الصناعية في البحار والأنهار دون معالجة.
2. الأراضي الزراعية والقروية حيث يكثر رش المحاصيل الزراعية المختلفة بالمبيدات فتنتقل عبر مياه الأمطار او مياه الري السطحية إلى مجاري الأنهار ثم البحار ولا تفوتها المياه الجوفية.
3. انتقال مباشر للمبيدات الى البيئة المائية وذلك عن طريق الإضافة المباشرة للبحيرات او المسطحات المائية بغية التخلص من الحشرات المائية والنباتات الطافية والأحياء المائية غير المرغوب فيها.
أما الهواء فإن المبيد منتشر فيه بأبخرة المبيد وخاصة أثناء الرش أو بفعل هبوب الرياح وسرعان ما تسقط جزيئات المبيد بفعل الترسيب الثقالي للجزيئات الى التربة أو بفعل الأمطار والثلوج ثم إلى البيئة المائية.
تأثير المبيدات المتبقية على البيئة المائية:
يبقى تركيز المبيدات ضئيلا في المياه وذلك بسبب التمدد الحاصل لها فهو في حدود اجزاء البليون في المياه العذبة و أجزاء من التريليون في مياه البحار, وتركيز المبيدات الزراعية وخاصة الأقوى استهلاكا في المناطق الزراعية مثل ال(DDT ) تجرى في المسطحات المائية والأنهار وتكون نسبة انحلاله في الماء ( 1,2) ميلغرام / لتر أي انحلالها ضعيف في الماء بالمقارنة مع انحلالها في الدهون , والمشكلة هنا انها تنحل في المواد الدهنية للثدييات والأكثر خطورة هو وجود المبيد في المياه بتركيز عال بسبب الصب المباشر للمبيد في الماء بغية إبادة الأحياء الضارة المتواجدة في المياه او المحيطة بها مثل يرقات البعوض والذباب الأسود والحلزون أو حشائش الماء , وتتم مثل هذه العملية في البحيرات , ولكن التلوث يكون على اشده للبيئة , والكائنات الحية في البحيرة , فالمبيدات تؤدي الى قتل الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في الماء والتي لها دور هام في التوازن الطبيعي للبيئة المائية حيث تسهم في تنقية الماء من التلوث لأنها تساعد في الحفاظ على نسبة الأوكسجين الذائب في المياه , وسيكون من المستحيل تنظيفها و حتى ان الطبيعة ستأخذ وقتا طويلا للتخلص من المبيد فحتى تستطيع إزالة (90% ) من هذا التلوث ستحتاج الى (500) سنة في بحيرة مثل البحيرات الكبرى في أمريكا والى (100) سنة في بحيرة متوسطة مثل بحيرة ميشيغان.
تأثير المبيدات المتبقية على التربة :
إن أحد أهم أسباب خصوبة التربة هو وجود الكائنات الحية التي تعيش فيها الجراثيم والبكتيريا والديدان والحشرات والفطور والطحالب ووحيدات الخلية كل هذه الكائنات ضرورية للتربة لأنها تساعد على تفكيك الصخور والأحجار وبالتالي تعوض النقص الحاصل في الطبقة السطحية للتربة وتأمين التهوية والتخلخل اللازم لحياة النبات وهي السبب في حدوث تفاعلات عضوية كيميائية بين المواد المكونة للتربة لتحرير العناصر المعدنية اللازمة لنمو النبات . إن زيادة تركيز المبيد يؤدي إلى حرمان التربة من مركباتها الذاتية لموت كثير من تلك الكائنات الحية والتي تقوم بعمل تحولات بيولوجية تعتمد على تركيز المبيد وتركيبة الكيماوي، فتقوم بتحويله إلى مركب ذي خواص مختلفة عن خواصه الأولية، حيث أن كثيرا من المبيدات تحتوي على عناصر معدنية سامة كعنصر الكبريت والكلور والزرنيخ وغيرها، وعند زيادة تركيز المبيد لا تستطيع الكائنات الحية في التربة أن تسيطر على هذه الكمية الكبيرة فتبقى جزيئات المبيد في التربة دون تفكك أو تحلل .
تأثير المبيدات على النباتات :
إن النباتات هي المتضررة الأولى من المبيدات ومن هذه التأثيرات:
1 ان مبيدات الأعشاب تؤثر على الفطريات الموجودة حول جذور النباتات هذه الفطور تساعد النباتات على مقاومة الأمراض فمثلا : مبيد الأعشاب (ثلاثي فلورالين) يعمل على تثبيط تكون الأحماض الأمينية والسكريات اللازمة لنمو بادرات الفول والتي تبلغ من العمر ثمانية أسابيع، والمبيد العشبي (اللينورين) يعمل على إعاقة تكون الفطريات التي تحيط بجذور نبات الذرة وفول الصويا. وهناك مبيدات أعشاب تتحلل بالتربة لتعطي عناصر كربونية ونيتروجينية تساعد على نمو البكتيريا والفطور المتطفلة على النباتات والضارة بها .
2 تتأثر النباتات بحسب نوعها بالمبيدات، فعند رش مبيد حشري (الألدرين) بمعدل رطل بالفدان على نباتات مكونة من بطاطا وفجل وجزر، وجد أن البطاطا لا يوجد فيها نسبة تذكر من المبيد في حين وجدت نسبة (0.03) جزء بالمليون في الفجل و (0.05) جزء بالمليون في الجزر.
3 إن استخدام المبيد يحدث ضرراً كبيراً في النباتات صغيرة الحجم والغضة، كما يحدث حروقا للأوراق أو تحويرا في شكل النبات مما يؤدي إلى جفافها ثم موتها . وقد يكون الضرر نتيجة لنفوذ المبيد إلى العصارة النباتية فيؤثر على هرمونات النبات وأنزيماته ثم خلل في عملية التركيب الضوئي ثم موت النبات . وقد كان تأثير المبيدات كبيراً عندما رشت القوات الأمريكية مركب هو( 2,4,5-T) لتعرية أشجار الغابات في فيتنام الجنوبية فقد تم رش هذه المبيدات على مساحة (1400) كم مربع ولم ينبت فيها أي نبات حتى عام 1972.
تأثير المبيدات على الحياة البرية :
بما أن أغلب المبيدات تتصف بالثبوت الكيميائي وبقدرتها على الانتقال والتراكم عبر السلسلة الغذائية فإن جميع الأحياء تتأثر بها فتبدأ بالتراكم بنسب ضئيلة جداً في رتبة دنيا من السلسلة الغذائية صعوداً إلى الرتب الأعلى .
فمثلا : عند رش بحيرة كلير بولاية كاليفورنيا من مبيد (DDD) شبيه بالمبيد (DDT) بتركيز ضئيل (0.014) جزء بالمليون للقضاء على الذباب الكثيف في مياه البحيرة ومع مرور الوقت لوحظ ان الأسماك والطيور والبط البري قد ماتت، وبالتحليل تبين أن ماء البحيرة يحتوي على (0.014) جزء بالمليون من المبيد وانتقل إلى العوالق (البلانكتون) وهي كائنات حية مجهرية تعيش طافية في البحار والمياه العذبة بنسبة (5) اجزاء بالمليون ثم إلى نسيج الأسماك الصغيرة التي تتغذى على العوالق بنسبة أعلى ثم إلى الأسماك المفترسة بتركيز (22221) جزءا بالمليون في العضلات و (40 2400) جزء بالمليون في الدهن وفي نهاية السلسلة الغذائية وصل التركيز إلى طير الغطاس بنسبة (1500 2500) جزء بالمليون أي أن المبيد زاد تركيزه حوالي ( 180000 100000) مرة ونتيجة لذلك لم يبق من الألف زوج من الطائر سوى ثلاثين زوجا أصيبت كلها بالعقم وأيضا كان لها تأثير على الطيور كالنسر الأمريكي والصقر والعقاب والباز، حيث أدى تركيز ال (DDT) التراكمية إلى التدخل في العمليات الكيماوية المؤدية إلى تكوين عنصر الكالسيوم في أجسام الطيور وأدى ذلك إلى وضع بيوض رقيقة هشة غير قادرة على حمل وزن الأم أثناء فترة الحضن فتكسرت قبل فقسها وقد تأثرت منطقة الخليج العربي بهذه الظاهرة حيث كانت تشتهر بطيور الصقر والعقاب غالية الثمن لجمالها وقوتها ومازالت تمثل رمزا من رموز التقاليد والتراث الخليجي .
كذلك تؤثر المبيدات على الكائنات النباتية المائية فهو يقلل من قابلية النباتات على القيام بعملية التركيب الضوئي اللازمة لإطلاق الأوكسجين اللازم للكائنات الحية الموجودة في المياه وبما أن معظم هذه النباتات متواجدة في المياه الضحلة فهي أول الطريق الذي تصله المبيدات .
كما تأثرت حشرات مفيدة كالنحل والحشرات الملقحة مما أدى إلى انخفاض معدل التلقيح في الأزهار بالإضافة إلى ضعف قوة طواف النحل نتيجة لموت عدد كبير من النحلات العاملات فضعف محصول العسل والمحاصيل البستانية بسبب عدم تلقيح أزهارها .
التأثير في التوازن الطبيعي :
أدى الإسراف في استخدام المبيدات إلى إحداث خلل في الدورة الطبيعية للبيئة بما فيها من أحياء فأدى إلى انقراض بعضها وتكاثر أعداد أخرى بل وظهرت كائنات جديدة من نوع معين لها صفات مكتسبة مقاومة للمبيد كظهور حشرات ذات طبقة كيتينية سميكة تمنع وصول المبيد إلى أحشائها وبالتالي عدم موتها وتكاثرها بأجيال لها الصفات الجديدة وبالتالي وجب تطوير مبيدات اقدر وأكثر فتكا .
كذلك ادى الإسراف في استخدام المبيدات إلى فقدان التوازن بين الآفة واعدائها الطبيعيين وإلى زيادة كبيرة وغير متوقعة لبعض أنواع الآفات ومن الأمثلة:
1 هاجم مرض خطير محصول الكاكاو في غرب أفريقيا بسبب فيروس يحمله النمل وعندما استخدم مبيد ضد النمل انخفضت الإصابة بالمرض ولكن ظهرت أربع حشرات جديدة وتكاثرت لتصبح أخطر على المحصول .
2 ظهور حشرة النطاط الكبير في كينيا على محصول البن كان سببه مبيد (الباراثيون) حيث استعمل للقضاء على حشرات أشجار البن فكانت النتيجة أن المبيد قتل احدى الطفيليات التي تتغذى على النطاط الكبير مما جعله يتكاثر بشكل كبير ليلحق الضرر في أشجار البن .
3 رش المبيد على حشرة المن التي تصيب كثيراً المحاصيل الزراعية كالقمح والقطن والحمضيات وتكرار الرش ادى إلى القضاء على حشرة البوالعيد عدو حشرة المن .
4 انتشار العنكبوت الأحمر ودودة اللوز في مصر بأعداد كبيرة جداً بسبب موت أعدائها الطبيعيين حيث كانت قبل استخدام المبيدات بأعداد ضئيلة وغير ضارة بالنباتات .
5 تهديد بعض الحيوانات بالانقراض كالحدأة والغراب والغزلان وغيرها من الحيوانات الآيلة للانقراض . 6 بعض الحشرات تستفيد من المبيدات كما حدث للجنادب حيث أنها تفرز مادة رغوية كريهة لطرد النمل المقترب منها، فاستعانت بالمبيد لتزيد من شدة فعالية الرغوة .
تأثير المبيدات على الإنسان :
لقد وجدت آثار المبيدات في دهون جسم الإنسان ففي عام 1961 بلغ متوسط المبيدات الهيدروكربونية المكلورة في الأنسجة الدهنية عند الفرد الواحدة (925) مليغراما في الولايات المتحدة الأمريكية وفي فرنسا (370) مليغراما والنسبة آخذة بالارتفاع. ان المبيدات اصبحت موجودة في كل كائن حي نباتي أو حيواني وبما أن الانسان هو المستهلك الأخير في الهرم الغذائي فإن هذه المبيدات ستنتقل إليه بالتراكم عبر غذائه .
فمثلا: ان رش (0.1) ملغ / ليتر من المبيد على النباتات يتضاعف بمعدل (10) مرات عند الانتقال من رتبة إلى اعلى في السلسلة الغذائية لتصبح (1) ملغ / ليتر في الحشرات ثم (10) ملغ / ليتر في الطيور الصغيرة ثم (100) ملغ / ليتر في الطيور الجارحة لتنتقل في النهاية لجسم الانسان بنسبة (1000) ملغ / ليتر وهكذا نجد أن الانسان هو المتضرر الأكبر من المبيدات . في عام 1961 وعام 1967 منعت أمريكا دخول أكثر من 300 ألف رطل من لحوم البقر من نيكاراجوا لاحتوائها على مبيد ال (DDT) أكثر من الحد المسموح، حيث أن وجود مركب ال (DDT) بمقدار (64) ملغ لكل كيلو غرام من الجسم يمكنها أن تزيد من الأورام السرطانية، في الكبد والرئتين والأنسجة الرخوة والنسبة تتضاعف إلى أربع مرات عند الحيوانات وقد تبين أن مرضى السرطان يحتفظون في دهونهم ما يعادل مرتين ونصف من ال (DDT) من الأشخاص العاديين، وهناك مبيدات لا تستطيع أن تنحل بالدهون لذلك يتم تحويلها إلى مركبات قابلة للانحلال بالماء فتطرد من الجسم بالبول. وكان للمبيدات تأثير على معدل الخصوبة عند الرجال في إحدى الدول الأوروبية مسببة العقم فانخفضت نسبة الخصوبة إلى (35%) منذ عام (1956 إلى 1992) وللمبيدات الهيدروكربونية المكلورة تأثير سمي قاتل وذلك لقابليتها الانحلال في الأغشية الدهنية المحيطة بالألياف العصبية مما يحدث خللاً في تبادل الشوارد من وإلى الليف العصبي وبالتالي حدوث الارتجاف ثم التشنج ثم الموت أيضاً المبيدات الفوسفورية العضوية لها نفس الأعراض السابقة بسبب اتحادها مع انزيم استيل كولين استيراز الموجود في التشابك العصبي العضلي الذي يساعد على نقل السيالة العصبية من نهايات الأعصاب إلى العضلات وهذا الاتحاد يثبط عمل الانزيم وحدوث التسمم المميت ومن أكثر المبيدات إثارة للرعب هي مركبات الدايوكسين ويرمز له (tcdd) ويوجد بشكل شوائب في المبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب ويوجد في المطهرات والمواد الحافظة للطعام، ويسبب أمراضا جلدية لا علاج لها أحياناً تسمى بالطفح الجلدي الكلوري، والدايوكسين من أكثر المواد سمية حيث أن نصف غرام من الدايوكسين قادر على قتل 350 شخصا وهي المادة المسؤولة عن احداث التشوهات الخلقية والتي كثرت هذه الأيام وخاصة في البلدان التي استخدمت المبيدات بكثرة كمصر وأندونيسيا، حيث يقوم الدايوكسين بتفكيك جديلة الحمض النووي منقوص الأوكسجين (dna) المسؤول عن نقل الصفات الوراثية وأن تفككه وعدم التحامه مرة أخرى يؤدي إلى حدوث هذه التشوهات الخلقية وما التوائم الملتصقة إلا حالة منها لذلك قام المسؤولون عن الصحة العامة في كندا وأمريكا بتقدير الدايوكسين الموجود في الأسماك التي تعيش في بحيرة أونتاريو وهي من البحيرات العظمى فكانت نسبته من 3 إلى 8 أجزاء من التريليون وأكبر كمية موجودة منه في تربة ومياه فيتنام بسبب رش الجيش الأمريكي مبيدات الأعشاب لكشف الغطاء النباتي لسهولة القضاء على قوات الفيت كونج الفيتنامية. تنتقل المبيدات بطرق الاستعمالات المباشرة للمبيد كالملامسة أو من أبخرة المبيد أثناء الرش سواء في الاستعمالات المنزلية أو الصناعية أو الزراعية. ومن الأمثلة البارزة على ذلك ما حدث في نيكاراجوا حيث وقعت أكثر من 3000 حالة تسمم وما يربو على 400 حالة وفاة بين العمال الذين يعملون في حقول القطن سنوياً على مدى عشر سنوات بين (1962- 1972)، وفي الهند بلغت عدد حالات التسمم 100 حالة عام 1958 و74 حالة عام 1967 وفي سورية 1500 أوائل الستينات ومازالت المبيدات تحصد المزيد.
بدائل طبيعية للقضاء على الآفات:
عندما اكتشف الإنسان خطورة المبيدات الكيماوية الصناعية بدأ يبحث عن بدائل طبيعية قادرة على تخفيف أضرار الآفات فعمد إلى المكافحة البيولوجية وهي استعمال كائنات حية لخفض الأضرار التي تسببها الأحياء الضارة بالإنسان والحيوان وبالمحاصيل الزراعية وبذلك يكون هدف المكافحة البيولوجية هو عدم إزالة نوع معين من الآفات إزالة تامة بل جعله يصل إلى عدد معين يمكن السيطرة عليه وعلى أضراره وذلك حتى لا نقضي على الأعداء الطبيعيين وعلى التوازن الحيوي البيئي، وهناك أمثلة كثيرة على المكافحة البيولوجية:
1- عمدت الحكومة الأسترالية إلى جلب أكثر من 3000 مليون بيضة لحشرة العث الأرجنتينية عام 1930 للقضاء على نباتات الصبار التي تغطي مساحات تزيد على (240) هكتارا للاستفادة منها في الزراعة فتمكنت هذه الحشرات من القضاء على نباتات الصبار خلال سبع سنوات.
2- الخنفسة الحسناء تساعد على مكافحة حشرة المن التي تصيب أشجار الحمضيات في كاليفورنيا.
3- استخدام النمل المفترس للقضاء على النمل العادي الذي يصيب أشجار النخيل ويتلف ثمار البلح.
4- استعمال حشرة من كولومبيا تسمى الزنبور وهي حشرة صغيرة الحجم استطاعت أن تبيد نحو 80% من خنافس البطاطا في ولاية كولورادو الأمريكية.
5- هناك أنواع من الفطريات للقضاء على ذبابة الزيتون التي تنتشر في مناطق البحر الأبيض المتوسط وأيضاً بعض الكائنات الدقيقة من جراثيم وبكتيريا وفيروسات تلعب دوراً مهماً في القضاء على الآفات الزراعية وهي غير ضارة للإنسان والحيوان والنبات والطيور والحشرات النافعة فهناك أنواع من البكتيريا تؤخر الإصابة بمرض العفن الأبيض في ثمار الفواكه ذات النوى مثل المشمش والخوخ ونوع آخر من البكتيريا ينتج مادة بللورية شبيهة بالبروتين تؤثر على الديدان الضارة بالفواكه والخضار حيث تتسبب بإصابة أمعاء الديدان بقروح فتفقد شهيتها عن الطعام ثم تموت. كذلك نوع من الجراثيم تفرز مادة أنزيمية سامة للقضاء على يرقات حرشفيات الأجنحة. الفيروسات تلعب دوراً مهماً حيث تكون بشكل مساحيق تنثر على الحشرات مثل حشرة جراد الصنوبر وبعد أكل الحشرة للمسحوق تتضاعف الفيروسات فيها وتقتلها ثم تنتشر لتقتل حشرات أخرى ولا تستطيع الحشرات الضارة أن تكتسب مناعة ضد الفيروسات كما هو الحال في المبيدات الكيماوية وبالتالي تبقى الفيروسات فعالة مع مرور الوقت. هناك أسلوب مكافحة عملي جداً حيث يتم جمع الحشرات الميتة ثم تطحن وتخلط بمياه ضحلة من برك مكشوفة وترش على ثمار الفواكه والخضار مباشرة فيؤدي للقضاء على الحشرات الضارة لأن الخليط المرشوش مشبع بالبكتيريا القاتلة للحشرات. تلعب الطيور دوراً هاماً في القضاء على الحشرات الضارة لأنها تتغذى على يرقاتها مثل طير سن المنجل ( الزمير) وطير نقار الخشب. لقد أوجد العلماء طرقا ووسائل حيوية تقنية لتطوير الأعداء الطبيعيين للحشرات الضارة، ومن هذه الأساليب:
1- استخدام الأشعة السينية أو أشعة جاما المتولدة من الكوبالت المشع لإحداث عقم في ذكور الحشرات مما يؤدي إلى وضع الإناث بيوضاً غير مخصبة ثم انقراض سلالات تلك الحشرات وقد استعملت للقضاء على ذبابة الفاكهة والذبابة الحلزونية.
2- تمر الحشرة بعدة مراحل في نموها: بيضة ثم يرقة ثم عذراء ثم حشرة بالغة، ان استخدام بعض أنواع الهرمونات على يرقة الحشرة يؤدي إلى إحداث خلل في النمو ثم موتها واستعملت هذه في مكافحة ذبابة المواشي والبعوض حيث منع نمو اليرقة إلى مرحلة العذراء أيضاً تقوم بعض الهرمونات بتحفيز الحشرات على وضع بيوض غير مخصبة وبالتالي انقراضها.
3- استخدام المواد الجذابة أو الطاردة: تعتمد هذه الطريقة على وضع مواد جاذبة للحشرات مثل مادة ( الفيرومون) في لاقطات خاصة، وقد استخدمت الأشعة فوق البنفسجية لجذب فراشة الكرنب واستخدام وسائل فيزيائية للجذب كالصوت واللون والضوء أو إطلاق شحنات كهربائية أو موجات كهرومغناطيسية جاذبة للحشرات. وهناك بعض المواد الطاردة للحشرات لحماية الإنسان والحيوان على شكل مراهم أحياناً.
ضرورة الوعي البيئي والرقابة على المبيدات:
أن المبيدات تباع اليوم في الجمعيات الفلاحية أو المحلات والصيدليات الزراعية تحت أسماء تجارية دون الإفصاح عن أسمائها العلمية، لذلك يجب أن ترفق مع كل علبة مبيد نبذة عنه على شكل كتيب أو لصاقة توضح فيها محتوى المبيد من العناصر الكيميائية المكونة له وتراكيزها ومقدار سميتها على الإنسان والحيوان وقدرتها على قتل الحشرات ومدى فعاليتها ومدة بقائها في البيئة والتربة والنباتات وكيفية استعمال المبيد وطرق الوقاية منه ويجب أن يكون ذلك بلغة البلد الموجود فيه المبيد ليكون واضحاً ومفهوماً للمستخدم. يجب تشديد الرقابة الحكومية على دخول المبيدات لمنع دخول مبيدات محرمة دولياً لأن هناك الكثير من ضعاف النفوس يحاولون إدخالها لتحقيق أرباح مادية حيث يشترونها بأسعار بخسة ويكون هو المستفيد الوحيد من هذه الصفقة بغض النظر عن الأضرار الصحية والاقتصادية والبيئية التي يخلفها هذا المبيد. أيضاً يجب إجراء إحصائيات لفحوص دورية للسكان وخاصة السكان الأكثر عرضة للمبيدات في المزارع والقرى الزراعية لمعرفة مقدار كميات المبيدات المتراكمة في أجسامهم ومعرفة أسبابها ومصادرها لأخذ الاحتياطات اللازمة لتجنب أضرارها، كذلك الامتناع ما أمكن عن الأغذية والمشروبات المصنعة أو المعلبة لاحتوائها على مواد حافظة ومسرطنة وعدم إضافة الأصباغ ( الملونات الغذائية) والمنكهات الاصطناعية لأنه لم يعرف مدى تأثيرها السمي على المدى البعيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.