من المستفيد من استهداف واحد من أقوى قطاعاتنا الأمنية في المملكة؟ هذا هو السؤال الذي يتبادر إلى الذهن عند سماع خبر التفجير الانتحاري الذي وقع في مسجد قوات الطوارئ يوم الخميس الماضي في مدينة أبها. بلا شك أن المستفيد الأول هو الإرهاب الذي تعرض لأقسى الهزائم على يد هولاء الأبطال الذين افتدوا الوطن بدمائهم في أكثر من مواجهة خلال السنوات الماضية، ويندرج تحت هذا العنوان جميع القوى الظلامية الإقليمية والمحلية ومن يقف وراءها، مهما اختلفت المسميات والأهداف والتي لم تتوقف يوما عن محاولات نشر الفوضى في بلادنا من خلال استدراج شبابنا ليصبحوا أداة تخريب باسم الدين في دولة احتضنت ورعت أطهر المقدسات الإسلامية. وبالحديث عن تلك المقدسات لابد من الإشارة الى دور إنساني بالغ يقوم به اولئك الأبطال كل عام، فهم إلى جانب قدراتهم العسكرية وتأهيلهم العالي الذي يتطلب خضوعهم لظروف تدريبية صعبة مكنتهم من إدخال الرعب إلى قلوب أشرس المتطرفين وأكثرهم عنفاً -إلى جانب ذلك- هم غاية في اللطف والإنسانية عندما يتعلق الأمر بخدمة ضيوف الرحمن. جندي يرش الماء البارد للتخفيف من شدة الحر على مجموعة من الحجيج والمعتمرين، وآخر يحمل على كتفه امرأة عجوزا لترمي الجمرات، وثالث يحتضن طفلا أضاع أباه .. وغير ذلك من الصور التي حفلت بها الذاكرة عند مشاهدة اللقطات الأولى للحادث الذي استهدف رجال القوات الخاصة وهم ركع سجود في بيت من بيوت الله، وهو ما حدث قبل ذلك في هجمات طالت إخوة لنا في الدالوة بالأحساء وحي العنود في الدمام. ومثل كل مرة ومع كل محاولة لاستهداف كياننا.. تدافع شباب الوطن نحو مستشفيات عسير لبذل دمائهم لإخوانهم من المصابين في وقفة تقدير لجنودنا البواسل ورسالة رفض صريحة للتطرف ومن يدعو له ويحرض عليه في أوساطنا. في الأخير .. لا بد من التأكيد على أن المواجهة مع الإرهاب ليست محصورة في منطقة أو طائفة أو جهة بل هي حرب مفتوحة نخوضها معاً إلى جانب قواتنا الأمنية، وليس من المستبعد أن يكون الهجوم المقبل -لاقدر الله- في مدرسة أو مستشفى أو حتى في بيوتنا، فمن يبرر تفجير المساجد وقتل المصلين فيها لن يعجز عن اختلاق أي تبرير لاستهدافنا جميعا دون استثناء.