جاء التفجير الإجرامي الذي استهدف المصلين في مسجد قوات الطوارئ في منطقة عسير ليتبع مقبوحا سابقيه في تفجيرات القديح والعنود، وقبلها تفجير بلدة الدالوة، تلاحقه الدعوات بأن يقتص الله من فاعليه، لفرط ما أجرموا بحق المصلين في بيوت الله، وليثبت الحادث من جديد لكل متشكك أن بوصلة اتجاهات التكفير لدى هذه الجماعات المتطرفة لا تستثني أحدا، ولا تراعي حرمة المساجد ولا الدماء المعصومة، فبعد التفجير شرقا امتدت الخارطة الدموية للإرهاب إلى الجنوب. ولم تفلح هذه العمليات الإرهابية في زعزعة الأمن أو إثارة الفتنة بين أطياف المجتمع، وإنما زادت أبناء الوطن ترابطا وتلاحما مع قيادته الرشيدة، وتأييدا لخطوات الحكومة في استئصال شأفة الإرهاب إلى غير رجعة. عندما حدث تفجير مسجد بلدة القديح وأتبعه التكفيريون بتفجير مسجد حي العنود في الدمام، وكانوا قبل ذلك استباحوا حرمة مسجد بلدة الدالوة، توقع البعض أن الأمر يتعلق بتأجيج طائفي بغيض، على خلفية النظرة المتطرفة لهذه الجماعات، ولكن العارفين ببواطن الأمور علموا أن الأمر لن يتوقف، وأن الأيام حبلى بمحاولاتهم الانتحارية، وهو ما حدث في عسير أول من أمس، ليثبت مرة أخرى أن مثل هذه التنظيمات لا تنشد سوى الفوضى والخراب، وأنها منفصلة عن الواقع، ولا تمت للإسلام بصلة. السواد الأعظم من أطياف المجتمع ضج باستنكار تفجيري القديح والعنود، ولم يتقبل كل ذي عقل أن يتم استهداف المصلين الأمنين أيا كان مذهبهم لتنفيذ أجندة متطرفة، ولذا كان أغلب الجناة من صغار السن، الذين يمكن تم خداعهم بسهولة تحت شعار نصرة الدين. وأثبتت التفجيرات أن وعي الناس صار مختلفا، فلم يعد بالإمكان تمرير أفكار العنف والتكفير، فصارت هذه الفئة الضالة منبوذة من الجميع، ولم يتبق لهم مساحة للتحرك إلا عبر مواقع التواصل، وحتى في هذه المواقع كشفت عوراتهم للكثيرين وصاروا من المقبوحين. لقد جاء تفجير عسير ليقدم مثالا حيا آخر على مدى ما تتعرض له المملكة من أطراف خارجية، تتلاعب ببعض من انجرفوا إلى أكاذيبهم من أبناء الوطن، فالعدو ليس واحدا، ولكن تشابهت أهدافهم بالنيل من أمن واستقرار المملكة، لذلك لم يبالوا إن كان المصلون سنة أو شيعة، وهو ما يصطدم في كل مرة بثبات ورسوخ ولاء الشعب لقيادته التي ما فتئت تعمل على حفظ وصون دم كل من يعيش على هذه الأرض المباركة.