مع ثناء الجميع على جهود وزارة التجارة والصناعة في تتبعها لشكاوى المستهلكين وتطبيق العقوبات الفورية على المخالفين والمضللين في إعلانات التسويق، مازلنا ننتظر خطوات أكثر فاعلية من متابعة أسعار الأسواق ومحلات البيع بالتركيز على مصادر الغلاء للمواد والخدمات والمتحكم في التسعير والاحتكار كوكلاء استيراد لمواد غذائية أو أجهزة وسيارات ومعدات.. تفرض على محلات التجزئة والموزعين أسعار البيع وفق نسبة ربح عالية وبعيدا عن الرقابة التي تستهدف عدم تجاوز نسبة الربح المعقولة. وعلى الرغم من أهمية الرقابة على عدالة أسعار البيع وبحيث تكون على المنبع استثمارا للكفاءات القليلة المكلفة بالتفتيش وضبط ممارسات التلاعب بالأسعار، فانه من الغريب أن رفع الأسعار المفاجئ من قبل بعض الوكلاء فور استلامهم لوكالات بعض الماركات بعد الوكلاء السابقين لم يكن محل رقابة مفتشي الوزارة حيث لم نر أن الوزارة راجعت مع الوكلاء أسعار تكلفة الاستيراد والفواتير التي يتم بموجبها دفع رسم الاستيراد وأسعار البيع التي حددت من قبلهم ومقارنتها مع الأسواق المجاورة، بل إن معظم تجار البيع بالتجزئة كانوا يستغربون من جرأة الوكيل في رفع أسعاره بشكل كبير ودون وجود أدنى أنواع الرقابة، فعندما نجد أن وكيل أجهزة منزلية يسارع برفع أسعار الأجهزة بعد حصوله على وكالتها بدلا من الوكيل السابق لها فإننا مع الأسف لا نرى أي تفاعل من المستهلكين أو مفتشي الوزارة بسبب أن الراسخ في الأذهان أن للوكيل الحق في تحديد أسعار البيع لكون مصلحته تتحقق في ارتفاع المبيعات، وعندما نشتكي من جشع الوكلاء في الحصول على أرباح تتجاوز ال(50%) تأتي الإجابة بأنه وكيل لتلك الأجهزة والملبوسات والبضائع وأن الرقابة يجب أن تكون على محلات البيع بعدم المغالاة في رفع الأسعار، والأمر أيضا لا يتعلق فقط بالمواد والسلع المستوردة أو المنتجة محليا المبالغ بأسعارها بل بالخدمات التي تقدم من بعض الشركات وترفع أسعارها بدون مبررات واضحة مثل شركات التأمين وغيرها!. إننا في حقيقة الأمر نشجع ككتاب ومحللين كبار الشركات على رفع الأسعار من خلال الثناء على ارتفاع ربحيتها وأداء إداراتها والتي منها مايتم تداول أسهمها بالسوق كشركات لاتملك سوى وكالات متعددة لماركات تجارية أصبحت أسعارها تتزايد بعيدا عن أعين الرقابة، فتلك الشركات كل ماتفعله هو استيراد تلك الماركات وبيعها بالسوق المحلي لتحصل على نسبة الربح العالية، ومع ذلك نجد أن رقابة وزارة التجارة تركز على أسعار مواد ومستلزمات قليلة القيمة في حين أن المنتجات العالمية مع احتكارها وقيمتها العالية لاتوجد رقابة عليها، مع أن القوائم المالية ونسبة التخفيضات التي يعلن عنها تكشف مبالغة الوكلاء بأسعار البيع، وخصوصا أن هناك ملاحظات تتعلق بتباين الجودة بالماركة الواحدة وأن مايباع بأسواقنا بأسعار عالية للملبوسات على سبيل المثال لايقارن بما يباع بأسواق أوروبية لنفس الماركة والموديل من ناحية الجودة والسعر، إضافة إلى بيع سيارات ومعدات على أنها موديل العام الجديد في حين أنها بدول أخرى تعتبر إحدى دفعات السنة الحالية، علاوة على أن جزءا من مكونات الأجهزة والسيارات والمعدات المستوردة يصنع في شرق آسيا ويركب بمستودعات الوكيل والجميع يعلم بفارق السعر الذي يحصل عليه مقارنة بالدول المجاورة التي تستورد السيارة كاملة المواصفات من بلد المنشأ، وهو الأمر الذي يستلزم احترافية في تركيز جهود مفتشي وزارة التجارة والصناعة على جميع المنتجات والمواد المحلية والمستوردة لضبط الأسعار والجودة معا ومن خلال الرقابة على المصدر سواء شركة استيراد أو مصنع.