تبذل فنزويلا التي يخنقها النقص في العملات الاجنبية، بسبب تراجع عائداتها النفطية، جهودا كبيرة لتأمين السيولة، حتى لو اضطرت الى القيام بحسومات كبيرة لزبائنها ورهن احتياطاتها من الذهب. وقامت حكومة الرئيس نيكولا مادورو في الاشهر الاخيرة بخفض الديون التي تناهز مليارات الدولارات في مقابل الحصول بصورة فورية ونقدا على المبالغ المتبقية العائدة لها، فقد اسقطت فنزويلا التي تمتلك اكبر احتياطات نفطية في العالم، لكنها غارقة في ازمة اقتصادية حادة، مليارا دولار من الديون النفطية المتوجبة على جامايكا، و1,5 مليار دولار من الديون المتوجبة على جمهورية الدومينيكان، ومنحت شركة انكاب النفطية (العامة) في الاورغواي، خفضا بنسبة 38% على ال 400 مليون دولار المستحقة. من جهة اخرى، رهنت السلطات الفنزويلية ب 1,5 مليار دولار احتياطاتها من الذهب، واصدرت سندات خزينة، واجرت مفاوضات على قروض تبلغ 2,5 مليار دولار عبر سيتغو، فرع شركة النفط الفنزويلية العامة للتكرير في الولاياتالمتحدة، والتي تعتبر المصدر الاول للتمويل في فنزويلا. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال الخبير الاقتصادي اورلاندو اوشوا، ان ما حصل "يشبه عملية انتحار، فحكومة مادورو تقوم بكل بساطة بتبديد الاصول حتى تصل الى 2016، من دون اي خطة للانعاش الاقتصادي". وتحدث من جهة اخرى عن "صفقات تتسم بقدر كبير من الغموض بالاصول النفطية". وبعد مواقف ملتبسة استمرت اشهرا، حددت الحكومة اخيرا، السادس من ديسمبر موعدا للانتخابات النيابية المقبلة التي تبدو المعارضة الاوفر حظا للفوز بها، وذلك للمرة الاولى منذ وصول تيار الرئيس الراحل هوغو تشافيز الى السلطة في 1998. وعلى رغم الوضع الاقتصادي الكارثي -التضخم يفوق 100% ونقص السلع والادوية والمواد الغذائية والعجز الكبير والركود (دون 7% هذه السنة كما يقول صندوق النقد الدولي)، ترفض الحكومة اتخاذ ادنى التدابير لخفض الانفاق الذي لا يؤيده الناس بالضرورة وتجمده الانتخابات المقبلة. ونبه اوشوا الى "الى انه لن يبقى شيء لبيعه في 2016 باستثناء سيتغو"، مذكرا بان فنزويلا قد تخلت حتى الان هذه السنة عن مصفاة شالميت في الولاياتالمتحدة، التي تتقاسم شركة النفط الفنزويلية واكسون موبيل رأسمالها والتي سيؤمن بيعها 330 مليون دولار لكل منهما. وتترافق عمليات التخلي المتسرعة واستثمار الاسهم في الديون، مع تراجع كبير للاستيراد (اقل من 50% بين 2013 و2015)، فيما يتعين على الحكومة دفع مليارات الدولارات للشركات الاجنبية التي تزودها بالسلع والخدمات، مثل الشركات الجوية. وفي هذا الوقت الذي يشهد تراجع اسعار النفط الخام، خصص القسم الاكبر من العائدات النفطية لايفاء التزامات البلاد حيال دائنيها الدوليين، وهذه من الاولويات الثابتة لتيار تشافيز. وتقول مراكز بحوث ان على فنزيلا ان تسدد ستة مليارات دولار من الديون والفوائد في 2015.واشار اسدروال اوليفيروس مدير مكتب ايكواناليتيكا، الى انه اذا بلغ سعر البرميل 47 دولارا، فستواجه فنزيلا نقصا يبلغ 23 مليارا في ميزان المدفوعات. وادى تراجع اسعار النفط الى حرمان فنزويلا التي تؤمن كامل عملاتها الاجنبية تقريبا من صادراتها النفطية، من 50% من مواردها.