في الوقت الذي قالت وزارة الاقتصاد والتخطيط إن مسار أسعار الغذاء في المملكة لم يعد يتبع الاتجاه في أسعار الغذاء العالمية سواء بالارتفاع أو الانخفاض منذ عام 2008، انتقد اقتصاديون مخالفة أسعار السلع في السوق المحلي المنطق، واتجاهات الأسعار العالمية المنخفضة وتواصل ارتفاعها دون حسيب أو رقيب. وقال ل"الرياض" المختص الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين إنه لم تعد مؤشرات الأسعار العالمية تؤثر في السوق السعودية، إلا في حال ارتفاعاتها حين يسارع التجار إلى رفع أسعار المخزون والمعروض لديهم توافقاً مع ارتفاع الأسعار في بلد المنشأ، وكأنهم يتعاملون مع بورصة السلع، لا مخزونهم الذي تم استيراده منذ فترة طويلة وحين كانت الأسعار منخفضة. مضيفاً بأن مؤشرات أسعار المواد الغذائية انخفضت عالمياً، ثم انخفضت أسعار النفط بنسبة 50%، ما تسبب أيضا في خفض تكلفة الإنتاج وبالتالي أسعار السلع عالميا، ثم ارتفع الدولار الأميركي مقابل العملات الرئيسة، وبالتالي ارتفع الريال أمام العملات الأخرى ما يعني خفض تكلفة الاستيراد عما كانت عليه من قبل، ومع كل المتغيرات السابقة تخالف أسعار السلع محلياً المنطق، واتجاهات الأسعار العالمية المنخفضة وتواصل ارتفاعها دون حسيب أو رقيب. لافتاً بهذا الخصوص بأن السوق السعودية تتعامل مع المؤشرات العالمية في حال الارتفاع وتتجاهلها في حال الانخفاض، حيث يتم توجيه نسبة الانخفاض في تكلفة الاستيراد إلى هامش ربح يضاف إلى جيب المتاجر، وهذا يعود لأربعة أسباب رئيسة، الأول: عدم كفاءة السوق بسبب احتكار القلة، وانعدام المنافسة المؤثرة في الأسعار. واما السبب الثاني فهو ضعف رقابة وزارة التجارة التي عجزت عن كبح جماح الأسعار المنفلتة، والمنفصلة في حركتها عن الأسعار العالمية من جهة، وتكلفة الإنتاج من جهة أخرى، واما السبب الثالث فهو غياب مؤسسات المجتمع المدني التي يفترض أن يكون لها دور رئيس لحماية المستهلك. واما السبب الرابع فهو ضعف تأثير المستهلكين أنفسهم، وتشتت جهودهم وعدم قدرتهم على تشكيل تحرك جماعي ضد ما يفعله بعض التجار الجشعين ممن يحتكرون استيراد المواد الغذائية الرئيسة. وفي هذا السياق انتقد البوعينين وزارة التجارة والتي قال إنها باتت تعتمد على مخزونها الدعائي الذي حققته من قبل، وتوقفت نهائياً عن حماية المستهلكين من معضلة ارتفاع الأسعار الممنهج، خاصة في مواسم الخير، ورمضان في مقدمها. مشيراً بأن وزارة التجارة مطالبة بأن تركز بشكل أكبر على حماية سلة الغذاء الرئيسة للمستهلكين، فالدول المجاورة نجحت في ضبط أسعار أكثر من 400 منتج في أسواقها، وأسهمت حكوماتها في توفير الغذاء بأسعار معقولة، ومدعومة، في الوقت الذي يعاني فيه المستهلك السعودي من غلاء فاحش، واستغلال غير مبرر للدعم الحكومي الذي لم يستفد منه المستهلك قط، بل يذهب لجيب التجار بسبب آلية إيصال الدعم التي تسمح بالالتفاف عليها من قبل التجار. وأوضح انه مع بداية شهر رمضان بدأت الأسعار في التقافز في غياب تام لوزارة التجارة والجهات الرقابية الأخرى، وقال إن بعض تجار المجتمع المسلم يستغلون المواسم لرفع الأسعار والإضرار بالمسلمين، في الوقت الذي يستغل فيه تجار الغرب مواسمهم الدينية لخفض الأسعار بمستوى النصف، متسائلا في هذا الصدد ترى أي الثقافتين أقرب إلى فلسفة الإسلام. وقال الاقتصادي البوعينين: "غلاء المعيشة بات ينخر في جيب المستهلك المثقوب أصلا، والارتفاعات الممنهجة في المواسم تزيد من معاناة المستهلكين، فمن يتحمل المسؤولية إن لم تتحملها وزارة التجارة، والجهات الرسمية بشكل عام". وحول ابرز الحلول لحل هذه الاشكالات أوضح البوعينين بأن من اهم الحلول هو تشديد الرقابة من قبل وزارة التجارة وربط التسعير بتكلفة الاستيراد مع تحديد نسبة الربح بالنسبة للسلع الغذائية والمنتجات الرئيسة. وكذلك تفعيل دور وزارة التجارة في التسعير في حال الارتفاع غير المبرر للسلع والمنتجات، وتفعيل دور جمعية حماية المستهلك، بالاضافة الى إعادة توجيه الدعم وفق آلية الدعم الذكي الذي يصل للمستحقين ولا يسمح باستغلاله من التجار مع تفعيل دور المستهلكين للضغط على التجار من اجل حماية مصالحهم والتوسع في انشاء الجمعيات التعاونية في جميع مناطق المملكة.