شدد خبراء اقتصاديون على ضرورة مواجهة ارتفاع الأسعار والتضخم الذي يشكل هاجس المواطن والمقيم , حيث قال المستشار والخبير الاقتصادي فضل البوعينين في حديثه ل "سبق" إن غلاء المعيشة يشبه السرطان الذي يضرب في كل جهة. وأشار البوعينين إلى أن السوق السعودية سوق مفتوحة وانفتاحها لاستغلال المستهلكين ورفع الأسعار بطريقة لا تتوافق مع سياسة التسعير العالمية بل إنها أقرب إلى سياسة الاستغلال منها إلى سياسة التسعير المرتبطة بالعرض والطلب. وتابع قائلاً: أعتقد أن التغذية المحلية للتضخم أكبر من التغذية الخارجية ويعود ذلك إلى سياسية الإنفاق التوسعي في السعودية, مادامت السياسة المالية سياسة توسعية, فمن الطبيعي أن يحدث الغلاء في المعيشة. وذكر أنه من العوامل التي أدت إلى ارتفاع الأسعار انخفاض قيمة الريال وارتباطه بالدولار الأمريكي, ما أدى إلى انخفاض قيمته بين العملات الغربية, مشيراً إلى أن ذلك أثر على تكلفة الاستيراد من منطقة اليورو والدول الآسيوية الأخرى, لافتاً إلى أن بعض السلع الأمريكية التي يفترض أن ترتبط بانخفاض قيمة الريال لا تزال تُباع بأسعار مرتفعة. وأبان البوعينين أن السعودية بحاجة إلى العمل بسياسة الخزن الاستراتيجي الذي يوفّر هدفين رئيسيين للدولة الأول توفير الإمدادات الغذائية والسلع في حال انقطاعها, والثاني السيطرة على الأسعار ومواجهة التضخم. وقال: لو كان لدينا مخزون استراتيجي يكفي لمدة عامين من الدجاج لما تأثرنا بموجات الغلاء وبارتفاع مدخلات الإنتاج الذي يعزو التجار أسباب الارتفاع إليه, وبخاصة أن هذه الأسباب مرتبطة بمتغيرات مناخية وهي التي قد تؤثر هذا العام وقد تتغير العام القادم. وأضاف أننا نستطيع حماية السوق من هذه المتغيرات في الوقت الذي يكون فيه انخفاض لمدخلات الأسعار. وعدّد البوعينين أهم النقاط التي يمكن أن تعالج مسألة الغلاء مثل ضبط السياسة المالية واستخدام أدوات السياسة النقدية للسيطرة على التضخم المحلي وتشديد الرقابة على الأسواق, إضافة إلى منع التجار من الاستغلال والعمل على إنشاء الخزن الاستراتيجي بنوعيه الحكومي والخاص. وأشار إلى أن الجانب الحكومي يرتبط بكفاية المواد المخزنة لسد الاحتياج المحلي لمدة عامين, أما القطاع الخاص فيرتبط بالتجار والصنّاع ويشمل المنتجات ومدخلات الإنتاج بحيث تكون كافية لمدة عام. وأضاف البوعينين أن تنفيذ الأوامر الكريمة بإنشاء الجمعيات التعاونية لها تأثير كبير على ضبط الأسعار والتأثير على المنافسة المحلية وإيجاد منفذ لإيصال الدعم الحكومي مباشرة للمستحقين وفك الاحتكار, إضافة إلى دورها في السماح بالاستيراد وإلغاء الوكالات التجارية التي يعتقد أن لها أثراً كبيراً في التسعيرة. وتابع قائلاً إن توفير الدولة غطاء مالي للاستيراد الآجل للسلع الأساسية يمكن أن يمنع الأزمات, كما أن استخدام وزارة التجارة حقها المشروع في ضبط الأسعار لمدة عام من خلال تشجيع التجار على زيادة الاستيراد وبذلك يتمكنون من تثبيت السعر لعام قادم, مشيراً إلى أن هذه الطريقة نجحت بكفاءة في الإمارات. وختم البوعينين النقاط التي من شأنها معالجة الغلاء بالإشارة إلى ضرورة قيام الدولة بدعم محدودي الدخل من خلال تقديم مساعدات مالية وتقديم رواتب إضافية في المواسم مثل شهر رمضان. كما بيّن البوعينين أن ارتفاع الأسعار أمر مرتبط بعوامل خارجية وداخلية, بحيث ترتبط العوامل الخارجية بالغلاء العالمي، إضافة إلى وجود مشكلات كثيرة أثرت في ارتفاع تكلفة الإنتاج العالمي والمشكلات المالية. وأوضح أن المؤثرات الداخلية لها أثر مختلف في تغذية الغلاء المحلي والتي يأتي في مقدمتها انعدام الرقابة على الأسواق، فارتفاع الأسعار يحدث بطريقة متتابعة ومشكلة ما يحدث بتكاليف المنتج في الخارج, خصوصاً أن دورة الاستيراد لا تقل عن 6 أشهر في السعودية. وأشار إلى أن ارتفاع الأسعار محلياً قد يحدث خلال أسابيع كما حصل في منتج حليب الأطفال والدجاج وغير ذلك. من جهة أخرى أكد المستشار المالي والاقتصادي الدكتور عبدالوهاب أبو داهش أن موجة الارتفاع في الأسعار على المستوى العالمي كبيرة، لذلك فإن على المملكة العمل على خفض التضخم مما يتطلب تثبيت سعر الفائدة ومعالجة التضخم بشمولية من خلال رفع قيمة الريال وتقديم الإعانات وتشجيع الصناعات المحلية. وأشار أبو داهش إلى أنه لابد من وجود نظرة استراتيجية من قِبل الدولة للتعامل مع ارتفاع الأسعار, بعيداً عن الطرق التقليدية. وشدد على ضرورة العمل لتقديم إعانات للتجار وإعانات للأعلاف وتقديم مساعدات للأسر الأشد فقراً, إضافة إلى تقديم بطاقات صرف المواد الأساسية وكروت إعانة للفقراء وإعانات للوقود ورفع قيمة الريال وسعر صرف الريال مقابل الدولار من 3,75 إلى 3 ريالات وإنشاء جمعيات تعاونية في الأحياء الفقيرة وداخل المدن الكبيرة.