أغلب الشعراء في قصائدهم العاطفية يتجهون إلى سرد معاناتهم وآهاتهم بشكلٍ واضح لأنهم من خلالها يجسدون مايشعرون به من ألم وحزن وفراق وكل هذا من أجل الحبيبة التي أخذت منهم الفكر والوقت. الشعراء القدامى جسدوا تلك العملية ولكن في شكلٍ عاطفي عذب بعيداً عن التكلف والمبالغة التي يتبعها بعض شعراء اليوم الذين نجد في سردهم مبالغة وتكلف ولذلك فإننا نجد أن أغلب قصائد اليوم يغلفها طابع المبالغة خصوصاً في الوصف أو تجسيد المعاناة وعندما نعود إلى ماكتبه الشعراء القدامى في هذا الصدد لوجدنا سردا جميلا يحمل ذائقة رائعة وعذبة تجعلنا نتابع ونبحث وبشغف عن قصائد أولئك المبدعين من شعرائنا القدامى. ومنذ القدم والشعر الشعبي يمثل لغة التواصل بين أفراد المجتمع في مختلف المناسبات خصوصاً في القرية التي هي حاضنة حقيقية لإبداع الشعراء بطبيعتها التي تفرض إبداعهم بمافيها من جماليات الصور وذكريات المكان حيث كان الشاعر آنذاك يجسد معاناته في قصيدته بسردٍ عذب وجميل يواكب الحدث في تلك الطبيعة وكذلك يصور معاناته خصوصاً في عاطفته الشعرية. وعندما كان الإبداع صفة الشعراء القدامى وجدنا أنهم في ذات الوقت يبدعون في عدة جوانب شعرية ليس فقط في معاناتهم العاطفية بل في أحزانهم لفقد قريب أو صديق وفي مناسباتهم وفرحهم كالزواجات والأعياد ومن هنا وجدناهم يبدعون في عملية السرد للحدث. في الشعر الشعبي هناك مساحات واسعة يتم من خلالها للشاعر الشعبي تجسيد معاناته الشعرية وحكاية قصتها في جملة أبيات استطاع أن يظهر بها بقصيدة جميلة ولذلك قرأت للعديد من الشعراء القدامى قصائد عذبة ومبدعة كان لهم فيها بصمات واضحة من خلال الدقة وقوة المفردات والمعنى وبمصداقية لأنهم في حقيقتهم عاشوا في بيئة فرضت عليهم الإبداع بطبيعتها وبمافيها من معطيات خاصة بهم ولأنهم في حقيقة الأمر لا يملكون غير الشعر كأداة ومتنفس رئيسي لهم. تبقى عملية السرد في القصيدة الشعبية متنفسا حقيقيا لأغلب الشعراء لبث معاناتهم وعاطفتهم. أخيراً: هب ريحه واستثار وبه جنون وارتعد في مشيته ريمٍ جفل الله أكبر لا ارتعد نجل العيون وغرةٍ طاحت دلالٍ في خجل