أرتال من السيارات تزحف زحفاً، يكاد أن يظنها من يراها واقفة وإن كانت تحبو حبواً، فلا غرابة في المشهد إذا كانت ساعات الذروة المرورية قد حانت، حينها تعبس الوجوه، ويلف الوجوم المدينة، وتصبح الرحلة محبطة وكفيلة بأن تثني كثيرين عن الذهاب لقضاء أمر يمكن تأجيله. وفي ظل غياب الحلول لأزمة الازدحام المروري في المدن الرئيسية، يهبط متوسط سرعة السيارات في الطرق السريعة والدائرية وقت الذروة إلى القاع، حتى يصبح رجلاً يمتطي دراجة هوائية قادراً على الوصول إلى هدفه قبل أن يصل راكبو السيارات، ما يعني انعكاسات اقتصادية واجتماعية وصحية خطيرة تفرض نفسها في ظل التسليم بالأمر الواقع في مواجهة الازدحام المروري في البلاد. المهندس سعود الدلبحي أكد أن غياب الدراسات المدنية، وكذلك اللجوء للحلول التقليدية أمور ساهمت في تأخير الحلول لمواجهة الازدحام المروري المتفاقم في المدن الرئيسية في المملكة، مبيناً أن إدارة المدينة تتطلب جهداً جماعياً من الجهات ذات العلاقة لوضع حلول تدرس وتدرك بعناية مسببات الازدحام وتعمل على إزالتها ومواجهتها، وأشار الدلبحي إلى أن أوقات الذروة المرورية في المدن الرئيسية تشهد ازدحامات خانقة تصل خلالها متوسط سرعات السيارات في الطرق التي تشهد كثافة مرورية إلى أقل من 5كم في الساعة، وهو متوسط سرعة غير مقبول بالنظر إلى طبيعة الطرق في المملكة والتي بإمكانها استيعاب أعداد كبيرة من السيارات مع وجود انسيابية في الحركة لو تمت السيطرة على توجيه السائقين إلى الطرق البديلة، مشدداً على أن بعض سالكي الطرق المزدحمة لا يعلمون عن أخرى بديلة على الرغم من وجودها. وحذر م. الدلبحي من تداعيات تعقد الحركة المرورية في المدن الرئيسية وانعكاساتها الخطيرة على الحركة التجارية في تلك المدن، مبيناً أنه حينما يكون الخروج للتسوق محبطاً، فإن القوة الشرائية للسكان تتراجع مما يؤثر على الحركة التجارية في المدينة. وبين أن عمليات الصيانة التي تحدث في الشوارع تؤثر هي الأخرى في زيادة نسبة الازدحام من خلال الاستحواذ على مساحات كبيرة من المسارات الموازية للمسار تحت الصيانة، كما أن الوقت الطويل الذي تقضيه شركات الصيانة في تنفيذ أعمالها يساهم بشكل كبير في صناعة الازدحام واستمراره. وعد المهندس الدلبحي تقييد السرعات في الطرق الرئيسية والسريعة بسرعات أقل من السرعات التي صممت حسبها تلك الطرقات يساهم في زيادة الازدحام بشكل لافت، مطالباً في الوقت ذاته بأن لا تخضع السرعات في الطرق السريعة لمصلحة برنامج ساهر. وانتقد كثرة المداخل والمخارج في الطرق السريعة في المدن الرئيسية، معتبراً ذلك بوابة حقيقية لزيادة الازدحام المرورية، مطالباً بأن يحجم عدد المخارج ولمداخل التي تربك الحركة المرورية في تلك الطرق.