مرت سنوات منذ اخر نزيف لقلمي على جسد الصحافة، ومنذ اخر عزفٍ له على اوتارها ذات غضب لقلمي، دخل سنّه غمدهُ وغادر الكتابة. سؤالاتٌ عديدة، ونداءاتٌ كثيرة، واستغراباتٌ حزينة واستقطاباتٌ في اكثر من جسدٍ صحفي، لكن قلمي ابى ان يخرج من غمده الا بعد ان يوقن بان غرة مرادهِ لا تزال سالمة بعيدة عن الاذى، ابيةً خارج دائرة السوء. اذكر ذات يوم حين كانت تحدثني احدى الزميلات ممن لهم باعٌ في عالم الكلمة، وسألتني: "لماذا يتوارى قلمك، ويغيب وان كثيراً منا كان ينتظره ولا يزال"؟! وأذكر أنني قلت لها: "قلمي لا يستطيع ان يخرج عن صمته الا اذا عصفت به عاصفة"!! لكأنني كنتُ احلمُ بقراءة الغد حينها، لان تلك العبارة عصفت بي حين اعلن الملك سلمان انطلاق العاصفة.. عاصفة الحزم، فإن قلمي يخلعُ عنه غمده ويبدي نهماً غير عادي لمصافحة السطور، وما كنتُ استطيعُ له لجماً، لا للسطورِ هدوءاً، فتركت حبله على غاربه فسرى بمداده المعتّق على السطور العطشى يكتب بزهوٍ غير عادي هذا التسامي الوطني، وهذه الروح الوثّابة لهذا الشعبِ الاصيل، ويرصد بعشقٍ غير عادي الحزمَ والعزمَ، والحلمَ والامل. في موكب هيبة الدولة ، الذي يعبرُ الدنيا بأسس ومهابة النهج والقيادة التاريخية لهذه الدولة، احملُ قلبي وأدون نبضه على السطور في بيعةٍ متجددةٍ متصلة لسلمان بن عبدالعزيز الذي يحمل فراسة وعزيمة ورؤية الملك المؤسس، ويسبغُ عليها من فضل الله همة القائد وحٌلمَ الشعب، وعزة الوطن.. ويخط بإباء فريد غضبة السعوديين الحقيقية انتصارا للحق ولأهل الحق، ويضعُ كل الحناجر والأكف قبالة السماء تدعو له بالنصر المؤزّر. وفي الموكب نفسه يصبُّ قلمي حبرهُ إكباراً واعتزازاً برافع راية أمن الوطن، محمد بن نايف الذي ورث سيف الطمأنينة، وصهوة الامان وسِفر الاستقرار، وشرّع قبضة الثقة، وكلمة الاخلاص، وأقسم ان يبقى حياض هذا الوطن آمناً مطمئناً مهما جرّد الحاقدون حقدهم، وخرج العابثون من جحورهم. وفي سنا الموكب ذاته يلمَعُ سيفٌ حدّهُ من معدن العزائم، ومِقبضهُ مفصّلٌ على قبضة الشباب المقتدر، فيجري القلمُ بكل كبريائه وخُيلاء مرادهِ، ليزجى فيض المحبةِ، وفائض التبجيل لمن شمّر، ووقف على ثغور الوطن، وكتبَ اسم محمد بن سلمان على عاصفة القرار المهيب، ليقرأ عزمَ شبابه البعيدُ والقريب، وليقف بقلوب السعوديين والسعوديات على اوسع بابٍ للعزة، وأسمى بابٍ للكبرياء. قد تَكتبُ الاقلام، ومنها قلمي، وقد تنبض الحروف، ومنها حرفي، لكن لا قلم ولا نبض بكافٍ، او بقادرٍ على ان تكتب التاريخ كما تكتبه هذه القيادةُ المُلهمة، ولا احد يستطيع ان يفجّر عواطف انساننا، ومكامن محبته أكثر مما فعلته هذه السواعد التي شغلت الدنيا، وشاغلت أهلها. ليت قلمي كان بمستوى العاصفة، إذن لكنتُ جعلته يملأُ الأفاق هديراً، يملأه صقور ابن عبدالعزيز، وابن نايف، وابن سلمان، وهم يفجرون آيات الفجر في وجه الظلام!!