لعل الموت لغة معناه يذكرنا بالوحشة بفقدان بعض من الفنانين التشكيليين الذين اسهموا في صنع تاريخ حافل بالإبداعات إلا أننا في حال الفنون التشكيلية نظل في تواصل مع هؤلاء الزملاء والزميلات الذين رحلوا عنا من هذه الدنيا وتركوا لنا إرثا فنيا مخلدا لذكراهم يذكرنا بسنوات طويلة مضت كانت الفنون بالمملكة في بدايتها مجال جديد يحتاج لدراسات وبحوث وممارسة في زمن كانت به هذه الإمكانيات محدودة وعلى نطاق ضيق إلا أن هذا لم يستوقف هؤلاء الفنانين التشكيليين رواد الحركة الفنية التشكيلية السعودية الراحلين من العطاء التشكيلي الإنساني ليثبتوا بجدارة الوعي الفكري والأصالة وعشق الفنان السعودي للجمال التعبيري الذى أضحي جزءاً لا يتجزأ من هويته وانتمائه يمثله للعالم صانعا بذلك صفحات من إنجازات مشرفة محليا وعالميا سجلت له في التاريخ. نحن أمام عمل إنساني ولمسة وفاء تمثلت في كتاب نشر مؤخرا عن هؤلاء الفنانين يحمل عنوان "إضاءة للذكرى" مؤلف قيم اجتمع كل من الناشر د. طلال عباس أدهم والفنان أحمد فلمبان والدكتور فؤاد طه مغربل على تجميع المادة الكتابية له لأكثر من سنتين ويتناول خمسة وعشرين اسما من التشكيليين والتشكيليات السعوديين وهم رحمهم الله كما يلي: عبدالرحمن دمنهوري. علي الغامدي. هدى الطيب. عبد الرشيد سلطان. عبدالاله الخيال. عبدالله العبد اللطيف. أحمد الحارث الزهراني. ضيف الله القرني. محمد موسى السليم. على الألمعي. سلطان قطومة عسيري. خالد عبدالله العبدان. عبدالحليم رضوي. هاشم علي سلطان. نهلة محمد تركستاني. علي محمد القحطاني. فايزة أحمد الحربي. عبدالعزيز الحماد. محمد إبراهيم العمير. زهير عبد الله إحسان. محمد سيام. محمد صندل الصندل. علي عيسى الدوسري. منصور عبدالحميد كردي. محمد راسم. يستعرض المؤلف في أكثر من مائة وسبعين صفحة مسيرة كل فنان راحل بداية من تاريخ وفاته الى مماته ومحل ميلاده ومؤهله الدراسي ووظيفته ونبذة عن حياته الخاصة التي من خلالها نلمس خططه وأفكاره للتطور بفنه كما يستعرض أيضا المسيرة الفنية التي تضمن الأكاديميات والدورات المحلية والدولية الفنية وأسماء المدرسين الذين تأثر بهم أو تم تدريبه على إياديهم كما نجد سيرة ذاتية تحتوي على مشاركات الفنان المحلية والدولية والجوائز أو التكريم الذى حصل عليه والجدير بالذكر أنه عند قراءة هذه المعلومات نجد اننا نتابع بشغف قصة كل فنان أو فنانة حيث إن النص السردي لحياة هؤلاء يخلو من أي عرض تقليدي ورغم أن هناك خطة وضعت بعناية جاءت على صورة نقاط تطرق لها المؤلف في تنظيم مدروس أخذ بلا شك جهد ليس بقليل من المؤلفين سواء بالاتصال على زملاء أو أقارب أو مراجعة الكتب والبحوث وكتيبات المعارض للتشكيليين الراحلين إلا أننا نجد اتجاهات ومسيرات وتأثر كل فنان مختلف عن الآخر في عالم البحث والتجريب والطرح الفني التشكيلي مما أضاف للمؤلف سمة المتعة للقارئ وكأنه يقرأ قصصا مختلفة عن حياة كل فنان يفسر الكتاب من خلالها الخبرات والانطباعات ليس فقط من خلال ما جمعه من معلومات جاء بعضها عن طريق لقاءات أو آراء للفنان نفسه ولكن من خلال أيضا ما نشر عنه من آراء نقدية أو إعلامية أو من خلال زملاء الفنان الراحل الذين كانوا مقربين له كما نلاحظ اللمسة الجوهرية في ترجمة هذه المعلومات إذ إن الكتاب طبع باللغتين العربية والانجليزية معا وتناول رؤية جديدة متميزة بالتحليل والنقد الفني التشكيلي لكل عمل من أعمال الفنانين عرض بالكتاب قامت بتحليله الدكتورة الإيطالية أنا لوزينو "Anna Lozzino " الحاصلة على دكتوراه مع مرتبة الشرف في التاريخ والتقنيات المعاصرة للفنون التشكيلية من جامعة روما وماجستير في النقد الفني للفنون البصرية من جامعة نابولي فجأت هذه المعلومات لتضيف للمؤلف لمسة حرفية قيمة نلمسها من خلال التحليل النقدي الذى يتفق ويتسق مع عالم الفنان الذاتي وخبراته التي تطرق لها المؤلف ويقربنا في ذات الوقت الى التحولات السريعة ومواجهة الفنان السعودي في بداية الفنون التشكيلية في المملكة للتحديات الحديثة المعاصرة في مجاله وينافس أقرانه من العالم. من الجميل أن تضمن مكاتب الفنون التشكيلية هذا المؤلف ليس فقط بما يطرحه من معلومات فنية قيمة أو إثبات لتاريخ بل إنه يعد إضاءة على هؤلاء التشكيليين الذين مهدوا طريق الساحة التشكيلية الفنية للأجيال التي جاءت من بعدهم كما أن حياة هؤلاء النخبة رحمهم الله جديرة بالدراسة لمعرفة ما واجهوا من تحديات في بداية مشوار الفنون التشكيلية بالمملكة ونضيف اننا نأمل بأن يتوفر هذا الكتاب في مكتبات الجامعات إذ إن أغلب هذه المطبوعات لا نجدها متوفرة في المكتبات العامة. من أعمال الراحل عبدالحليم الرضوي