كلنا يتشوق ونحن أطفال إلى أن يكبر ليصبح أكثر حرية، يمتلك حق اختيار ما يريد ورفض ما لايريد، ومع الأيام والسنين نتقدم في العمر ونصبح أكثر نضجا ومعرفة وقدرة على تحمل المسؤولية ونحقق قدرا من الخبرات الحياتية والاستقلال المادي ومع دخولنا معترك الحياة وتحمل المسؤوليات ينظر كثير منا إلى الطفولة على أنها تمثل مرحلة من العمر لا يمتلك فيها الطفل الفهم والمعرفة، وهذا ما يجعلنا ننظر إلى الأطفال على أنهم لا يستطيعون التمييز الصح من الخطأ، ولا يعرفون ما هو مفيد أو مضر بهم. ولكن الحقيقة التي بدأ يؤكد عليها كثير من المربين والمختصين أن الأطفال وبما فطروا عليه من بساطة ورغبة في الاكتشاف يمتلكون الفهم الطبيعي والتلقائي لما يحسون به، ولما يدور حولهم في حياتهم بدون تعقيدات العلم والتقاليد والقواعد، ولديهم القدرة على التكيف والتعامل مع ما يحيط بهم، مع كثير من البهجة والفرح، وهو ما نفتقده تدريجيا عندما نكبر حيث تختفي عفوية ونقاء الطفولة والشعور بلذة الاكتشاف. لذلك بدأ كثير من المربين يلتفت إلى ما يمكن أن نتعلمه نحن الكبار من الأطفال ونحن نربيهم أو نعلمهم أو نتعامل معهم. من خلال قراءتي لبعض الكتابات التي تناولت الموضوع يمكن استعراض بعض ما يمكن تعلمه من الأطفال: -الصدق في التعبير عن المشاعر والتساؤلات فالطفل يعبر عن فرحه أو انزعاجه بلا تحفظ، ويطرح الأسئلة التي تخطر على باله دون خوف أو حرج. - التجدد مع بداية كل يوم فالطفل لا يجعل ما حصل له بالأمس يؤثر فيه، إنه التسامح والحماس والفضول لمعرفة الجديد، والتلذذ به. - يعلمنا الأطفال أنه بالإمكان أن نرتكب الأخطاء ونضحك عليها، ولا بأس من محاولة تجريب شيء ممتع حتى ولو لم نتقنه، فالطفل يمسك القلم ويرسم ويلون حتى ولو كان لا يستطيع. - لا داعي للعجلة والاندفاع فتأخر دقائق عن إنهاء عمل ما ليس نهاية الحياة، كما أنه ليس من الضروري أن يكون كل شيء مكتملا ومنطقيا ومعقولا. - الفرح والسعادة ممكن أن نحصل عليهما من أبسط الأشياء. - الحياة مغامرة كبيرة مليئة بما يثير العجب، والتوقف عن البحث والاستكشاف يفقد الحياة الكثير من الطرافة والمتعة. - تحديد الأولويات والاحتياجات، وقول كلمة لا عندما تكون هناك قناعة صادقة بقولها. - قوة الخيال وسحره وهو ما نتخلى عنه أو نتجاهله عندما نكبر. - الاستمتاع بالأنشطة ولساعات طويلة دون شعور بالملل. - الحب غير المشروط فالطفل يحب من يحبه ويلاطفه ويبتسم له دون أن يطالب بالمقابل. جميل أن نعيد النظر في فكرة أن الكبار هم من يعلمون الصغار فقط، وأن نحاول النظر إلى الدروس التي يمكن أن نتعلمها من هؤلاء الصغار.