سوق الأوراق المالية هو سوق بالفعل ناشىء وحديث حيث لم يتجاوز عمرة العشرين عاماً، وإلى الآن لم يصل إلى مراحل متقدمة مقارنة مع الأسواق العالمية المعروفة ولكن بالفعل شهدنا قفزات كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية وبالذات فيا يخص جانب المستثمرين الذين تجاوز عددهم من نحو 50 ألف محفظة فقط مع نهاية العام 2003م إلى ما يزيد على 2,5 مليون محفظة حتى نهاية الربع الثالث من العام الحالي، وهي قفزة كبيرة وكان لها سلبياتها على السوق حيث أن الثقافة العامة للمستثمرين تعتبر دون الحدود الدنيا المقبولة لدخول سوق أوراق مالية يحتاج إلى المهنية والخبرة في التعامل. وعلية فإن الزمن وزيادة جرعات ثقافية استثمارية هو الحل والسبيل إلى تخطي هذه المشكلة، كما أن تأسيس هيئة سوق المال وإن جاء متأخر بعض الشيء إلا أنه جاء وأصبح لها دور واضح في إدارة السوق، وهذا ليس مجال حديثا لهذا الأسبوع ولكن قضية إعادة هيكلة وتنظيم الشركات المساهمة والتي هي على جانب كبير من الأهمية وبالذات قبل فتح المجال لعدد كبير من الشركات للانضمام إلى سوق الأسهم المتنامي وتنفيذ الالتزامات التي قدمتها الدولة في سبيل الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية بعد أكثر من 12 عاما من التفاوض على هذا الانضمام. وهي نقطة سوف تحتاج إلى إدارة ماهرة ومهنية عالية وإدارة رقابية وإشرافية قادرة من قبل السلطات الحكومية وسوف تكون أهم في جانب تلك الشركات المساهمة التي تحتاج إلى جرعات كبيرة ومكثفة من إعادة الهيكلة والتخطيط ووضع الرؤى المستقبلية لها. وفي تصوري أننا سوف نشهد ثورة كبيرة في هذا الجانب خصوصا بعد خبر انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية الذي يعني ببساطة شديدة فتح الأبواب على مصراعيها للجميع للمنافسة بدون فصل بين ما هو وطني وما هو أجنبي في تقديم المنتجات بجودة عالية وكذلك خدمات نأمل أن تصل إلى طموح المستهلكين الذين أصبح لديهم وعي بحاجاتهم وأصبحوا أكثر طلباً لخدمات ترقى إلى توقعاتهم. وعلية فأمام تلك الشركات مواجهة خيارين لا ثالث لهما: إما تقوية مراكزها المالية وتطوير خدماتها حتى تستطيع الإنتاج وتقديم خدمات محلية منافسة مع المنتجات والخدمات الأجنبية وإما إغلاق أبوابها والذهاب إلى حيث لا رجعة. والافتراض أن جميع الشركات وبالذات المساهمة منها سوف تسعى لتقوية مراكزها المالية وتحسين منتجاتها وخدماتها. وحتى يمكن لها ذلك فان إحدى الطرق هي التوجه نحو الاندماج مع الشركات المشابهة في النشاط أو الوضع المالي وتكوين كيانات جديدة أقوى وأقدر على التعايش مع المرحلة القادمة وهو الأمر الذي أرشحه أن يحصل وسوف نشاهد حالات اندماج متعددة في السوق السعودي قريباً إن شاء الله وخصوصا على مستوى الشركات المساهمة. وقد لفت انتباهي حالة المستثمر خالد صالح الشثري على وجه التحديد الذي يرأس مجلس إدارة ثلاث شركات مساهمة حالياً هي إسمنت تبوك وجازان الزراعية والمتطورة، وأخيرا شاهدنا يوم الخميس الماضي «27/10/2005م» حصوله على نحو 12,7٪ من أسهم شركة شمس، حيث أفاد أن ذلك استثمار طويل المدى وأنه قابل للزيادة، وقد كان ترؤسه لمجلس إدارة المتطورة قبل أقل من شهر حيث صرح حينها أن لديهم خططا لتطوير أعمال الشركة حتى يمكن لها مواجهة التحديات واستغلال الفرص المتوفرة في السوق المحلي والإقليمي. وعلية هل يفعلها هذا المستثمر الجريء ويقود عمليات اندماج لشركات متشابهة أو متوافقة في أهدافها وأوضاعها المالية وهو الآن لديه أربع شركات كلها تعتبر في حالة إعادة هيكلة واضحة وقد تكون هي البداية لما يمكن أن نسميه انتفاضة الاستعداد لما هو آت من تحديات ومنافسات هي في نهاية المطاف في مصلحة المستهلك النهائي لما تقدمه تلك الشركات سواء كان للمستهلك المحلي أو كان ذلك على المستوى الإقليمي والعالمي. وهو أمر وارد إذا ما قرأنا ما بين السطور وما يجب أن يكون علية الحال حيث أن العديد من الشركات لا يمكن لها أن تستمر طويلا إذا لم يحدث تغير واضح في أعمالها ومراكزها المالية وأتصور أن الاندماج قد يكون حلاً موجعا ولكنه علاج ناجع لمشاكل بعضها. كما أن الاندماجات قد تكون هي الإجابة عن ما يثار من أن الانضمام سوف يؤثر سلبا على بعض الشركات المساهمة وكذلك على بعض شركات القطاع الخاص الأخرى، وهنا أقول أن من لا يستطيع المنافسة في جوى تنافسي محموم وقوي فلا يستحق أن يستمر حيث لم يعد هناك مكان لما يعرف بالشركات الطفيلية القائمة على الاقتصاديات الطفيلية. والبقاء للأصلح والأقوى هي المعادلة المقبولة في اقتصاد العولمة وهي ليست خياراً ترفياً وإنما خيار من لا خيار له. وأخيراً فأن القوة الاقتصادية في تعريفها الحديث ليست فقط في رأس المال وإنما في إدارة هذه الشركات وقدراتها على تحقيق أهدافها وطموحاتها. وقد شاهدنا حالات في الغرب المتقدم اقتصاديا كثيرة انهارت شركات عملاقة لديها رؤوس أموال كبيرة لكن بسبب الإدارة السيئة لم تستطع الصمود أمام منافسين صغار في الحجم لكنهم كبار في الفكر والفهم الإداري والمهني والطموح. كما أعتقد أن مهنية مجالس الإدارات سوف تكون هي المحك في نجاح الشركات المساهمة في الفترات القادمة والتي هي محل تساؤل وسؤال في كثير من الحالات التي نشاهدها!؟ محلل مالي