لم تقتصر عبقرية المؤسس، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- على توطيد أركان هذا الوطن بعد تأسيسه، ولم تقف رؤيته العميقة المتبصرة عند حدود بسط هيبة الدولة واحترامها اقليمياً ودولياً، بل إنها عبقرية امتدت لتشمل كل معطيات التحديث والمواكبة في شتى شؤون البلاد ومواطنها الذي حرص -رحمه الله- على أن ينعم بالرخاء والأمن والأمان، الذي كان أشبه بحلم في بقعة جغرافية تنتابها الأطماع والأهواء وعوامل التشرذم والشتات، حتى قاده الله برحمته ليكون منقذاً لشعبه من تجاذبات تلك الفترة العصيبة، وما تفرضه من ضياع حقوق وانعدام للاستقرار، فضلاً عن تبعات التخلف والجهل الذي كان ضارباً أطنابه في تلك الفترة العسيرة من تاريخ هذا الكيان. قالها الملك عبدالعزيز وطبّقها أبناؤه الملوك: أود أن يكون اتصالي بشعبي وثيقاً دائماً الأحداث والقرارات التاريخية مؤشّران على أن الوطن والمواطن هما بوصلة اهتمام القيادة وقد تواصلت حكمة المؤسس وحدبه ورعايته لأبناء شعبه من خلال قربه منهم وتلمسه لاحتياجاتهم وتحقيقها وفق ما تتيحه تلك الفترة التي كانت شحيحة من حيث الإمكانات والمقدرات التي لم تكن موجودة أساساً، لكنّ الرؤية العميقة والقلب الصادق العامر بحبّ الشعب والثقة واليقين في الله كانت هي كلمة السر في نهضة هذا الكيان الكبير الشامخ بوعي قيادته منذ عهد هذا المؤسس العظيم. ولعلّ استقراء أمين وواقعي لتكوين هذه الدولة يثبت بجلاء أن بناء الانسان الفاعل والمساهم في نهضة الوطن عبر المشاركة والمشورة التي أسسها الملك عبدالعزيز كان من مرسخّات هذا التكوين للدولة الذي جذّره المؤسس -طيب الله ثراه- ودعا ابناءه من بعده إلى ترسّم خطاه والعمل وفقه بكل وعي ومسؤولية وطنية، وهو الأمر الذي يمكن الاستدلال به على تماسك هذا الوطن وشموخه وعدم تضعضعه -بحول الله- رغم ما يمر به العالم من حولنا من اضطراب وتشرذم وشتات في الرؤية أفضت جميعها كان من مرسخّات هذا التكوين للدولة الذي جذّره المؤسس -طيب الله ثراه- ودعا ابناءه من بعده إلى ترسّم خطاه والعمل وفقه بكل وعي ومسؤولية وطنية، وهو الأمر الذي يمكن الاستدلال به على تماسك هذا الوطن وشموخه وعدم تضعضعه -بحول الله- رغم ما يمر به العالم من حولنا من اضطراب وتشرذم وشتات في الرؤية أفضت جميعها إلى حالة من التفكك والتمزق وتجرّع ويلات هذا التناحر. ولا يخفى على كل بصير أن قيادتنا -أعزها الله- أدركت منذ تأسيسها أن الفرقة أول التدهور والانخذال بل هي العدو الأكبر للنفوس والغاوية للبشر وأن الاتحاد والتضامن أساس كل شيء ما دعا المؤسس إلى أن يؤكد على أن يحذروا الفرقة والتشتت وأن يصلحوا ذات بينهم ويبذلوا النصيحة لأنفسهم عملاً بقول المصطفى عليه السلام "الدين النصيحة". هذا الحس المبكّر بخطورة التشرذم والانخذال وضرورة التضامن والاتحاد بات خارطة طريق واضحة المعالم رسّخها المؤسس وجعلها مسلكاً يترسّم خطاه من بعده أبنائه الملوك الذين وعوا عمق هذا المسلك ونجاعته وفاعليته في إدارة شؤون الدولة والحفاظ على تماسكها وتوطّدها على مرّ مراحله التاريخية، وهذا ما يكشف بجلاء عظمة ورسوخ بيت الحكم في بلادنا الحبيبة وانتقال الحكم بسلاسة أذهلت العالم بأكمله، لكن الذهول يتلاشى حين يستقرئ المتابع المهتم الأسس العظيمة التي انطلق منها تأسيس الدولة من خلال عبقرية المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- الذي جعل العالم يذعن عن قناعة بثقل وأهمية المملكة العربية السعودية كدولة راسخة الحضور، دولة فرضت قيمتها السياسية على الجميع، بل أصبحت رقماً مهماً في الخارطة الدولية، وازداد هذا الحضور توهجاً ورسوخاً عبر الفعل الخلاق والسياسي المحنّك الذي جعل من المملكة بوصلة اهتمام سياسي توجّه سياسة العالم من حولنا وتؤثر فيه بقوة وكفاءة وندية لا تعترف بالمداهنة أو التزلف، ولا تستصغر قيمتها أمام الدول على اختلاف مواقعها وأهميتها. وعلى مرّ الأجيال وتعاقب الملوك البررة من ابناء المؤسس العظيم الذي دشن عهداً من الرخاء والرفاه لا زلنا ننعم به -وسنظل بحول الله- بمعطيات العصر من تطور وعصرنة لكافة مناحي الحياة وقبلها هذا الاستقرار وبناء الانسان وتسليحه بالعلم والمعرفة والثقة في رجاحة قيادته ووفائها، الأمر الذي يجعلنا على يقين وثقة أن المستقبل يحمل في جعبته الخير الكثير والعطاء الوفير من نهضة وتنمية ونشر للمعرفة والخير والسلام عبر كل الوسائل التي تفرضها المرحلة والظروف. عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لا شك أنه عهد عكست ملامحه هذا الثراء النفسي والمعرفي والإنساني قبلها، ولعل من يستقرئ تسارع وتيرة الأحداث والقرارات التاريخية التي دشنها خلال فترة بسيطة زمناً لكنها كبيرة أثراً وانجازاً جاءت لتؤكد أن الوطن والمواطن هما بوصلة اهتمام القيادة، ومن الجميل استدعاء التاريخ والتذكير بأن الملك المؤسس -رحمه الله- هو من أسس هذا المسلك الإداري العميق أثراً ونتيجة وانعكست ظلاله العميقة على ملامح الدولة التي تسابق الزمن والتاريخ لتبوأ مكانتها الخليقة بها. فالملك سلمان وبتكوينه الإداري والنفسي وتفرد شخصيته وعمقها كان مستلهماً لنهج والده في كل شيء، فهو حين يحدب على شعبه فإنه يعمل وفقاً لقناعة وطّد أركانها المؤسس حين قال في أحد خطبه: "أودُّ أن يكون اتصالي بالشعب وثيقاً، اعتمادنا في جميع أعمالنا على الله، وهو المدبّر لكل ما في الوجود، وعزّ الانسان في دينه وشرفه، وكل عمل خالف الدين والشرف فاسد"، إذاً فالارتباط العاطفي والنفسي بين الحاكم والمحكوم ليس جديداً حين نرى ظلاله وارفه على علاقة الشعب بقيادته فهو سلوك حضاري وإداري وقبلها تمثُّل لواجب ديني دعا إليه الخالق عز وجلّ لتكون العلاقة بينهما علاقة قوية وتينة تدفع للنجاح والتقدم إلى الأمام لينعم الجميع في خاتمة المطاف بالخير والعدل والطمأنينة ويتفرغ البشر لبناء الأرض والإنسان كما أمر الله عز وجل. ويبقى الرهان الأكبر على ابن الوطن في الالتفاف حول قيادته في كل وقت ليؤكد للعالم أجمع أن جذور هذه الدولة راسخة وعميقة تضرب في عمق الولاء الذي لا يتضعضع مع الأيام بل يزداد لمعاناً ف "ذهب الوفاء" يُثبت صفاء معدنه واصالته حين تدعكه المواقف الكبيرة والتحديات، وهو ما يباهي به ابن الوطن وقبلها قيادته. خادم الحرمين قريب دوماً من شعبه ومتلمس لاحتياجاتهم المؤسس -طيب الله ثراه- رسّخ مبدأ التلاحم والتضامن في شعبه مشهد المبايعة للأميرين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان رسائل اطمئنان للمواطنين الملك المؤسس رسّخ مبدأ المشورة في الحكم وهنا يبدو مع مستشاريه