يعد بيت الحكم السعودي نموذجاً مثالياً لافتاً من حيث رسوخه ومتانته على مستوى أنظمة الحكم الملكي في العالم، لما يتمتع به من قوة وصلابة وتماسك ولما يمتاز به من صدق وترابط وتلاحم أخوي بين أفراد الأسرة الحاكمة. هذا البيت العريق احتضن نشأة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –حفظه الله- الذي لازمه منذ عهد والده المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ومروراً بإخوانه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله، وكان –أيده الله- شاهداً على بيعة الملوك بقصر الحكم بالرياض طيلة العقود الماضية إبان توليه إمارة منطقة الرياض، ويعد مهندس البيعة والمستشار الأساسي لجميع ملوك المملكة الذين كان لهم خير سند وعون. الملك سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس الأسرة المالكة وأمين سرها كان ولا يزال أهم أعمدة الحكم في المملكة لما يتمتع به من حكمة ومعرفة ورؤية ثاقبة، ودراية بأدق تفاصيل المجتمع ومؤسساته، كل هذه المقومات التي تجلت في قائد الأمة مكنته –رعاه الله- من إعادة ترتيب وترسيخ بيت الحكم، والمضي قدماً بسفينة الحكم إلى بر الأمان، راسماً بذلك خارطة الطريق التي تبعث الاطمأنان لأبناء الوطن وتسهم في مواصلة المسيرة التنموية التي عكسها هذا الاستقرار. وبصدور قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للداخلية واختيار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولياً لولي العهد ونائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للدفاع، استمرت السلاسة في انتقال المناصب القيادية الكبرى التي تتولى دفة الحكم في البلاد لتؤكد متانة وعراقة الحكم الملكي السعودي، ولتبقى شاهداً جلياً على رؤية وحكمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –حفظه الله-، الثاقبة والحازمة في إعادة ترتيب وترسيخ بيت الحكم، ومواكبة المراحل القادمة بانتقال السلطة من جيل أبناء الملك عبدالعزيز إلى جيل أحفاد الملك المؤسس طيب الله ثراه. وعاصر الملك سلمان مراحل انتقال الحكم في المملكة على مر العصور ومنذ تأسيسها والتي امتازت بالسلاسة لحكمته التي تلعب دوراً جوهرياً في هذا الانتقال السلس وفق نظام هيئة البيعة المبني على النظام الأساسي للحكم، وعلى مبدأ الشورى الذي ارتكزت عليه سياسة الدولة، إيماناً من قادتها بأن تنظيم انتقال مقاليد الحكم هو أساس لاستقرارها واستمرارها. وعلى مر التاريخ لم تشهد عملية اختيار الملك أو ولي العهد أو ولي ولي العهد في المملكة أي إشكاليات أو اختلافات، ولم يسجل أن هناك مأزقا سياسيا أو فراغا دستوريا واجه عملية الاختيار، بما يؤكد أن المملكة لم تواجه في تاريخها الحديث أي مشكلة في مسألة انتقال السلطة بين أفراد الأسرة الحاكمة بحكمة ودهاء أصحاب القرار في الأسرة والتي كان للملك سلمان دور بارز في ذلك. قرارات خادم الحرمين الشريفين يوم أمس عكست الصورة النموذجية للاستقرار السياسي في المملكة، ودرساً مثالياً يعكس الركيزة والأسس الثابتة التي تستمد منها الدولة قوتها بعد الله تعالى، وثبات واستقرار الحكم وفق الأصول الإسلامية والتقاليد العريقة، خصوصاً أن هذا القرار يتطلب قدرات سياسية تكمن في متطلبات المرحلة من ضرورة البدء في الاعتماد على جيل الأحفاد في مؤسسة الحكم، الأمر الذي يوثق صورة خاصة لعهد الملك سلمان بن عبدالعزيز في إدارته ببراعة كبيرة وبقرارات حاسمة وسريعة قضية انتقال الحكم، حيث ان الجيل الثاني من الأحفاد في مؤسسة الحكم مسؤولية كبرى تصدى لها الملك سلمان بن عبدالعزيز، وفند كل التكهنات المحلية والدولية حول آلية انتقال السلطة إلى جيل الأحفاد وترتيب المراحل القادمة لمؤسسة الحكم. القرارات التاريخية التي أصدرها الملك سلمان بن عبدالعزيز يوم أمس كانت بمثابة استقرار للمملكة التي تعتبر ركيزة أساسية في المنظومة الدولية، مسجلة نجاحاً بكل المقاييس يعكس رؤية ثاقبة ويعيد قراءة المستقبل بهذا الترتيب المتجانس بين جيلين في مؤسسة الحكم. خادم الحرمين في إحدى زياراته لقصر المصمك التاريخي الملك سلمان حفظه الله مع الملك عبدالله والملك فهد يرحمهما الله الأمير محمد بن نايف والأمير محمد بن سلمان جيل العهد الجديد الأمير محمد بن سلمان خريج مدرسة خادم الحرمين «قصر الحكم» شاهد على مراحل انتقال الحكم السعودي