منذ تأسيس المملكة العربية السعودية، تولى الحكم فيها سبعة ملوك من آل سعود، أولهم الملك عبدالعزيز "يرحمه الله"، الذي حكم البلاد لمدة 21 عاما، ثم توالى الحكم بين أنجاله إلى اليوم بالبيعة على كتاب الله وسنة رسوله، وعلى السمع والطاعة في المعروف في المنشط والمكره. ويتميز انتقال الحكم في المملكة على مر العصور ومنذ تأسيسها بالسلاسة، وفق نظام هيئة البيعة المبني على النظام الأساسي للحكم، وعلى مبدأ الشورى الذي ترتكز عليه سياسة هذه البلاد، إيماناً من قادتها بأن تنظيم انتقال مقاليد الحكم هو أساس لاستقرار الدولة واستمرارها. ولم تشهد عملية اختيار الملك أو ولي العهد في المملكة أي إشكاليات أو اختلافات، ولم يسجل التاريخ أن هناك مأزقا سياسيا أو فراغا دستوريا واجه عملية الاختيار، بما يؤكد أن المملكة لم تواجه في تاريخها الحديث أي مشكلة في مسألة انتقال السلطة بين أفراد الأسرة الحاكمة. وقدم انتقال سلطة الحكم في المملكة من الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز الى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، صورة نموذجية للاستقرار السياسي في المملكة، حيث اعتبرها مراقبون وأكاديميون درساً مثالياً يعكس الركيزة والاسس الثابتة التي تستمد منها الدولة قوتها بعد الله تعالى، فقد أمست المملكة يوم الخميس الماضي وكان قائدها الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لتصبح يوم الجمعة وقد خلفه أخوه الملك سلمان بن عبدالعزيز ملكاً للبلاد، بعد أن نعاه في ساعات الصباح الاولى. وقد مرت المملكة خلال السنوات الماضية بمحطات ومنعطفات دقيقة وهامة جداً، أثبتت بلا جدال استقرار الحكم السعودي وثباته وفق أصول إسلامية وتقاليد عريقة، شهد على تميزها الكثير، وعكست هذه الاحداث نموذجاً فريداً في سلاسة انتقال السلطة ومسؤوليات الحكم والقيادة بين قادة ومسؤولي هذه البلاد من الأسرة المالكة بكل هدوء واستقرار. وتعد السلاسة في انتقال السلطة في المملكة ثمرة من ثمرات هيئة البيعة السعودية، والتي أسسها الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وهي الجهة الوحيدة المخول لها في المملكة اختيار ولي العهد، مبنية على 25 مادة، وتتكون الهيئة من أبناء الملك عبدالعزيز آل سعود، والتي أُسست، برئاسة الأمير مشعل بن عبدالعزيز آل سعود، ورسمت مسار القيادة في المملكة العربية السعودية، حيث أُعيد ترتيب القيادة في الحكم بطريقة تضمن تداول السلطة ببساطة بين أبناء الملك المؤسس، بعدما اجتمع الملك عبدالله "رحمه الله" مع إخوته في مكة، ليعرض عليهم تأسيس «هيئة مستقلة للبيعة» يرأسها أكبر أبناء المؤسس، والتي تضم أبناء المؤسس الأحياء أو أبناءهم أو أبناء أبنائهم، ولكل عضو فيها صوت واحد.