من منا لم تنتابه لحظات العزلة أو الخلوة بمنأى عن الجميع!؟. العزلة حدث طبيعي بين الفينة والأخرى لمحاسبة النفس وتصحيح الأخطاء لكن أن تستمر في عزلتك فهذا غياب تام ودائم، أن تجافي من حولك، أن تقطع علاقاتك حتى مع أسرتك فهذا تعدى مرحلة العزلة أو الخلوة مع النفس ودخل في مرحلة المرض الذي قد لا يرجى شفاؤه، يصنف هذا المرض النفسي بأنه سريع الانتشار، يلتهم عقلك بالأفكار الهدامة والشك المتواصل، وقد تستطيع مكافحته في البداية مؤقتاً ولكن بعد أن يتمكن منك لا حيلة لك إلا بالاستسلام له.. وهذا الاستسلام مركب يوردك المهالك. دائرة المعارف المحيطة بك ينالها جزء من المسؤولية، فعلى الرغم من وعيهم بهذا المرض إلا أنهم تركوك في فراغات من العزلة الدائمة دون نصحك أو الاستعانة بخبير في مثل هذه الأمور إما طبيباً أو معالجاً كي يتخذ التدابير اللازمة لمنعك وعدم مواصلتك هذه العزلة التامة. عند خروجك من عزلتك التي طالت فقليل من العالم الخارجي يتفاعل معك وربما يكون التواصل يحيطه الفتور والسطحية، فالناس تميل لمن يشاركهم أفراحهم وأحزانهم ولكي تندمج معهم عليك أن تنسى هموم نفسك وتتفرغ للآخرين بقلب صادق حتى تنجح في كسب ثقتهم من جديد وهذا ليس بالعمل السهل فهو يحتاج حضوراً يغلب الغياب الذي خلفته. قد ترتبط عزلتك إما بحزن أو بمشكلة لا تستطيع تجاوزها مما يجعلك تهرب بعيداً عنها، وليس في الهرب شجاعة، عليك المواجهة المباشرة أو غير المباشرة. حتى الأطفال الذين تم تنشئتهم في بيئة الألعاب الإلكترونية على الدوام إما لأن الأب منشغل والأم منشغلة أيضاً فهؤلاء أكثر عرضة للعزلة مستقبلاً واللوم يقع مناصفة بين الوالدين. كونك تتأذى من أصوات الناس المرتفعة، من طرح آرائهم، من مناقشاتهم، وتخشى عرض رأيك فهذا لا يجعلك محبطاً، بل لأنك لا تملك الجرأة، وهذا خجل يتبدد إن عرفت أن الجميع دون استثناء يطالهم هذا الخجل في مواضع أخرى، ولكنهم يتحكمون في هذا الخجل خلافك. الخلاصة: إياك أخي أن تكون الشاذ عن الجماعة، بادر بالخروج من عزلتك وتجاوز مشكلتك وكن على يقين بأن الله سيغدق على قلبك فرحاً.. فيد الله مع الجماعة وأنت فرد مكمل لهذه الجماعة.