من الميزات الكثيرة لاجتماع دور النشر في مكان واحد أثناء معرض الكتاب إتاحة فرصة الاطلاع على أعمال الشعراء على اختلاف مستوياتها واختلاف أماكن صدورها، ففي كل عام تصدر عشرات الدواوين التي يقف ضعف التوزيع حائلاً دون الحصول على كثيرٍ منها، لذلك فقد جاء معرض الرياض الدولي للكتاب ليوفر لنا أجمل وأنسب فرصة لمصافحة الشعراء والباحثين في ميدان الشعر الشعبي بشكل مباشر أو مصافحة إصداراتهم باقتنائها والتنويه عن الجدير بالتنويه منها. من أجمل الدواوين التي حضرت في معرض هذا العام دواوين الشعراء الكبار القدماء، وأبرزها (الديوان الكامل للأمير محمد الأحمد السديري) الذي رأى النور أخيرًا بإشراف ابن الشاعر الأستاذ يزيد السديري وبجمع وتعليق الباحث القدير سليمان الحديثي، والحقيقة أن جهود المشرف والجامع في إخراج تراث الأمير محمد السديري (ت 1399ه) الأدبي خلال الخمس السنوات الماضية جهود عظيمة تستحق التنويه والإشادة. ويلفت نظر المهتم أيضًا صدور (ديوان الشاعر خلف أبو زويد حكيم شمر وشاعرها) للناقد والباحث الرائع محمد مهاوش الظفيري، وقد مهّد الظفيري لقصائد الديوان بدراسة موسعة عن حياة وشعر خلف أبو زويد (ت 1361ه)، وهو ديوان ثري بالشعر والنقد. إضافة إلى دواوين الشعراء الكبار القدامى أتاح لي المعرض اقتناء بعض دواوين شعراء جيل المرحلة الخصبة في تاريخ الشعر الشعبي الصادرة عن هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة في فترات سابقة مثل: ديوان (غشّام) لنايف صقر، و(أفا يا الخليج) لهلال المطيري، و(ماسل) لخالد العتيبي، و(تنوير) لريمية، وغيرها. أمّا دواوين جيل الشعراء الشباب التي تتفوق في حضورها العددي كل عام فلم أتحمس كثيرًا لاقتنائها، وعذري في ذلك هو هيمنة التغريدات القصيرة فيها على القصائد ذات البناء الفني المكتمل، مع يقيني التام أن كثيرًا من تلك الدواوين لا تخلو من الإبداع والشعر الجيد، وتواكب إلى حدٍ كبير رغبة نسبة غير قليلة من جمهور الشعر في هذه المرحلة. أعتقد أن نظرة سريعة على محتوى الدواوين الشعرية المعروضة في معرض الكتاب كفيلة بمنحنا رؤية شاملة عن التحولات في المضمون وشكل القصيدة الشعبية، وكفيلة بتوضيح حجم التباين والتفاوت في خصائص شعر كل مرحلة. أخيرًا يقول خالد العتيبي: يا مهديٍ صدري تناهيت وجروح ومعلّقٍ قلبي بكثر المراويح ومعوّدٍ عيني على السهر والفوح ومتابعة عدّ النجوم المدابيح عمري ولذّاتي وقيفاني صروح فيك أنت وان فكّيت يمناك بتطيح