ظهر تأثير التطور التقني لوسائل الاتصال في عدة مجالات منها "التعليم عن بعد" و"الطب عن بعد"، وغيرهما من المجالات الأخرى، حيث تطور "الطب عن بعد" مع بداية الثمانينيات الميلادية وأطلق عليه اسم "الطب الاتصالي" (Tele Medicine)، وكان الهدف الأساسي منه هو تقديم خدمات طبية في المناطق الريفية والطرفية، موازية لتلك التي تقدم في العواصم والمدن الكبيرة، وذلك لسرعة التواصل بين المريض والطبيب لتقديم الخدمة العلاجية والاستشارة الطبية، التي تسهم بتجنيب المريض معاناة السفر والانتقال إلى المدن الكبرى، واختزال المسافات البعيدة التي قد تضر بصحته، وتقليل النفقات المادية التي تصحب هذا الانتقال. ومن المجالات التي يقدمها "الطب الاتصالي" استخدامه بشكل أساسي في "المؤتمرات الطبية المرئية عن بعد"، التي تسمح بالاتصال المباشر بالصوت والصورة لعدد من مقدمي الرعاية الصحية في كثير من المناطق المختلفة؛ لنقل فعاليات المؤتمرات عبر شبكة اتصال متخصصة وعالية الدقة والكفاءة إلى كل الراغبين في المشاركة. "الرياض" حضرت أحد تطبيقات "الطب الاتصالي" والمتمثلة بإرسال وتلقي الأشعة الخاصة للتشخيص الدقيق عبر أجهزة متخصصة كنظام الباكس (PACS)، وهو نظام متطور خاص بنقل صور وتقارير أنواع الأشعة من مناطق المملكة المشاركة مع برنامج التعاون الصحي، تمكن أطباء الأشعة الاستشاريين من قراءتها، وتقديم تقاريرهم للجهة المرسلة من دون حضور المريض. وأطلعنا "د. جهاد الوطبان" - مدير إدارة خدمات التعاون الصحي واستشاري الأشعة التداخلية - على اتصال مباشر بين مستشفى الملك فيصل التخصصي، ومستشفى الجبيل، وإجراء استشارة طبية حول حالة مريضة مصابه "بسرطان الدماغ"، وبعد أن تمت مناقشة الحالة بين استشاري الأشعة التداخلية بمستشفى الملك فيصل التخصصي والطبيب المختص بمستشفى الجبيل، تم تحديد بعض الإجراءات العلاجية، وترتيب متابعة الحالة مستقبلاً. جودة عالية وبيّن "د. سليمان الحصيني" - استشاري العناية المركزة - أنّ برنامج "العناية المركزة عن بعد" يقدم الاستشارة والمعالجة الطبية والفنية العاجلة للمرضى المنومين في وحدات العناية المركزة في مستشفيات مناطق المملكة المشاركة، معتبراً أنّه برنامج رائد وذو نوعية وجودة عاليه تسهم في معالجة المرضى بأسرع وقت ممكن، وذلك بمناقشة الحالة مع عدة تخصصات طبية متداخلة، وقراءة الأشعة والتحاليل المخبرية، بحيث يقرر إحالة المريض لمركز طبي متخصص، أو يكتفى بالعلاج المقدم له، أو تزويد العناية المركزة الموجود بها المريض ببعض الأدوية المتخصصة، وإرسالها إليهم عبر وسائل النقل السريع. متابعة يومية وأوضح "علي المشاري" - المشرف على برنامج العناية المركزة عن بعد بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض - أنّ هناك متابعة يومية من قبل فريق برنامج "العناية المركزة عن بعد"، والمؤلف من أطباء العناية المركزة، والتمريض، وفنيي العلاج التنفسي، وفنيي تشغيل "الطب الاتصالي"، والمنسقين الإداريين؛ لتأكيد جاهزية البرنامج، ومناقشة الحالات المطلوبة من المناطق، وذلك على مدار الساعة، وقد تم ولله الحمد والمنة مناقشة ومعالجة (504) حالة للعام 2014م. "الرأي الطبي الثاني" ونوّه "إبراهيم الزميع" - المشرف الإداري بمكتب التخصصي في مستشفى الملك خالد بنجران - أنّ مركز التعاون الصحي بمنطقة (نجران) تأسس عام 2006م، وتم تشغيله في مستشفى الملك خالد المرجعي، حيث لقي هذا المركز الدعم اللامحدود من إدارة مستشفى الملك خالد، وبناء شراكة فاعلة تتبادل فيها الخبرات الطبية والفنية والإدارية مع المستشفى التخصصي، مبيّناً أنّ هذا المركز تميّز بإدارة تنسيقية فاعلة تقدم جميع الخدمات والتسهيلات التي تخدم مرضى منطقة (نجران)، وهي منطقة مترامية الأطراف وبعيدة عن المراكز الطبية المتخصصة، ولذلك نجح منسقي المركز من الاستفادة الكاملة من برامج التعاون الصحي التي يقدمها المستشفى التخصصي، وكذلك استخدام تقنية الاتصال و"الطب الاتصالي" و"الرأي الطبي الثاني" الذي ساعد كثيراً في الحد من تحويل المرضى إلى المراكز المتخصصة، والاكتفاء بالمعالجة التي يقدمها مستشفى الملك خالد، وهو يحوي كثيرا من التخصصات والأقسام الطبية، كالقلب، والأورام، والزيارات الطبية الاستشارية والمتخصصة، وإجراء العمليات الجراحية المشتركة، كجراحة الأطفال، والجراحات الدقيقة، باستخدام الأشعة التداخلية لسرطان الدماغ. تجهيز تقني وقال "سعيد النقير" - الناطق الإعلامي بمستشفى عسير المركزي - إنّ "الطب الاتصالي" يتم تطبيقه بمستشفى عسير المركزي، من خلال مركز التعاون الصحي الذي أسس عام 2007م مع مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، الذي وفر كثيرا من الجهد والوقت على المريض وعلى الجهة العلاجية، حيث يتم عن طريقه مناقشة الحالات الطبية مباشرة بالاتصال المرئي والمسموع، والمرتبط بمستشفى الملك فيصل التخصصي، مضيفاً: "لأهمية هذه التقنية يوجد لدينا حالياً بمنطقة عسير (5) مستشفيات: (عسير المركزي) و(النماص) و(أبها) و(الخميس للولادة والأطفال)، و(الخميس العام)، وجميعها مرتبطة بمستشفى الملك فيصل التخصصي، مع العلم أنّ جميع مستشفيات منطقة عسير جاهزة من الناحية التقنية، حيث يوجد بها دوائر اتصال بنوعيتها المغلقة والمفتوحة لتبادل البيانات بكل يسر وسهولة، وفي جميع التخصصات متى ما سمحت إمكانات مستشفى الملك فيصل التخصصي بذلك". وأضاف أنّ مركز التعاون الصحي فعل بشكل مثالي ومن خلاله يتم تحويل الحالات إلكترونياً، وإعادة صرف الأدوية لمرضى المنطقة، وتسليم المرضى مواعيدهم، وطلب تقارير للمرضى، وطلب "الرأي الطبي الثاني" في حال احتاج الطبيب لذلك، كما تم تفعيل الارتباط الإلكتروني، وذلك بمتابعة الحالات بالصوت والصورة عن طريق النقل المباشر، إلى جانب ربط العناية المركزة بمستشفى عسير مع قسم العناية المركزة في المستشفى التخصصي؛ لتوفير الاستشارة الطبية و"الرأي الطبي الثاني"، وتوفير بعض الأدوية الخاصة بحالات العناية المركزة، إلى جانب نقل المؤتمرات، والندوات، واللقاءات العلمية على مدار العام مباشرة، والى المستشفيات الأخرى بوزارة الصحة المرتبطة بالبرنامج. وأشار إلى أنّ ومن مميزات برنامج التعاون الصحي في مستشفى عسير إنشاء عيادة تخصصية وشاملة، تنفذ كل شهر مرة واحدة إلى جانب برامج الأشعة وبرنامج زيارة الأطباء الزائرين، كما أنّ البرنامج منفذ جزئياً في مستشفيات: (الخميس العام) و(أبها) و(الخميس للولادة والأطفال) و(النماص)، في التخصصات المهمة، مثل: العناية المركزة، والقلب، والباطنية، والجراحة، والمسالك، والعظام، والأشعة، إلى جانب برامج التدريب والندوات التي يتم بثها مباشرة من قبل المستشفى التخصصي لمستشفيات المنطقة. خدمة متواصلة وذكر "د. جهاد بن عبدالله الوطبان" - مدير إدارة خدمات التعاون الصحي واستشاري الأشعة التداخلية بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث - أنّ خدمة "الطب الاتصالي" أسست أول مرة في المملكة والشرق الأوسط، ودشنت من لدن الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله- عام 1415ه، وبدأت بتأسيس منظومة وطنية لشبكة "الطب الاتصالي"، وبناء شراكة مع مقدمي الرعاية الصحية بالمملكة ومزودي الاتصالات، وأتمت تعاقدات فعالة مع المراكز الطبية العالمية المتخصصة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية لتبادل الخبرات الطبية والفنية، ولمكانة المستشفى التخصصي فقد وجه "د. قاسم القصبي" - المشرف العام على المستشفى - بتأسيس برنامج العناية المركزة عن بعد، وهو أحد البرامج الرائدة والمنبثقة من أعمال ومهام إدارة خدمات التعاون الصحي، حيث هذا البرنامج يقدم بالدرجة الأولى الاستشارة الطبية والفنية لمريض العناية المركزة الموجود في أي منطقة من مناطق المملكة على مدار الساعة والسنة، ولتفعيل هذا البرنامج فقد تمت المشاركة مع مستشفيات وزارة الصحة من خلال مديرياتها العامة في المناطق، وتم ربط (26) وحدة عناية مركزة في مستشفياتها المرجعية بشبكة "الطب الاتصالي" وباتصال مرئي وصوتي، وأجهزة متخصصة باتصال مباشر في إدارة العناية المركزة بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، ووظف لهذا البرنامج طاقم طبي وتمريضي وإداري للتواصل المستمر مع أطباء العناية المركزة في مناطق المملكة واستشاريي المستشفى التخصصي؛ لمناقشة وتقديم الاستشارة الطبية العاجلة لهؤلاء المرضى، والتنسيق لنقلهم إلى مراكز طبية متخصصة - إذا دعت الحاجة. «العناية المركزة عن بعد» توفر الاستشارة الطبية العاجلة للمرضى على مدار الساعة الطب الاتصالي وأفاد "د. الوطبان" إنّ مجالات "الطب الاتصالي" واستخداماته كثيرة ومتنوعة، ويمتلك المستشفى التخصصي تطبيقات مختلفة من شأنها تقديم الحلول الطبية المتخصصة التي تسهم بتوفير الوقت والكلفة المالية، ولتفعيل هذه التقنية لا بد من برامج مساندة مكملة لتلك، وهي إحدى البرامج المنبثقة من أعمال إدارة خدمات التعاون الصحي، حيث البرامج المساندة التي تعمل بشكل أساسي كبرنامج العيادات الاستشارية، وهي عيادات مبرمجة تعقد في مناطق المملكة، يقوم الطبيب الاستشاري بمناظرة ومعاينة مرضى المستشفى التخصصي والمرضى الجدد في مناطقهم، وبرنامج العيادات المرئية - عن بعد - التي تتم مناظرة ومعاينة المرضى في مناطقهم من خلال شبكة "الطب الاتصالي" والطبيب الاستشاري في عيادته بالمستشفى التخصصي، وبرنامج "الرأي الطبي الثاني". وأضاف أنّه يتم تقديم الاستشارات الطبية المطلوبة من مستشفيات المملكة المختلفة في مختلف التخصصات، والتنسيق مع الأطباء الاستشاريين في المستشفى التخصصي لأبداء الرأي الطبي والعلاجي، وبرنامج التعليم التي يتم فيها نقل المؤتمرات الطبية وورش العمل التمريضية والفنية، وبث المحاضرات اليومية، والأنشطة التعليمية المختلفة، والاجتماعات الإدارية، والبرامج الوطنية التي تقوم بتأسيس برامج تدريبية متخصصة، كبرنامج توحيد معايير وأنظمة الأشعة، وذلك بتدريب أطباء وفنيي الأشعة في مناطق المملكة، وبرنامج التثقيف الصحي الذي يقدم للمجتمع خلاصة التثقيف الصحي الموثق للأمراض المزمنة، من خلال مطبوعات متميزة توزع على الجمهور في المناطق. مراكز التعاون الصحي ولفت "د. الوطبان" إلى أنّ أحد البرامج الطموحة التي يوليها مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث اهتماماً بالغاً ودعماً مباشراً من قبل المشرف العام والإدارات المعنية برنامج مراكز التعاون الصحي في مناطق المملكة، حيث تم إبرام مذكرات تفاهم مع مديريات الشؤون الصحية في مناطق المملكة لمشاركة مستشفيات وزارة الصحة بإنشاء تلك المراكز في (24) مستشفى مرجعيا في كل من: أبها، الباحة، جازان، حفر الباطن، حائل، نجران، تبوك، الطائف، القريات، الهفوف، الجوف، القنفذة، الرس، عرعر، بيشة، القطيف، عنيزة، الجبيل، ومركزين في كل من بريدة والمدينة المنورة والدمام، وقد تم إيجاد كل مركز في الأماكن القريبة من خدمة المرضى. وأضاف أنّه زود هذا المركز بمكاتب وإيصاله بالخدمات الهاتفية والمعلوماتية الخاصة والمرتبطة بأنظمة المستشفى التخصصي، ويعمل في هذا المركز منسق طبي، ومنسقان إداريان، ومنسق فني لتشغيل أجهزة الطب الاتصالي، وذلك بهدف أساسي لخدمة مرضى المستشفى التخصصي والمرضى الآخرين في مناطقهم، وتقديم خدمات التحويل، وخدمات المواعيد وطباعتها، وطلب التقارير الطبية، وإعادة صرف الدواء، وتركيبات التغذية والمستلزمات الطبية، وتنسيق الحالات المستكمل علاجها، كما يقوم مركز التعاون بالتنسيق مع المستشفى المرجعي للزيارات الطبية والفنية والتشخيصية، وإجراء الجراحة المتخصصة، وتنسيق التدريب المتخصص لأطباء وفنيي مستشفيات وزارة الصحة والتنسيق؛ لتنظيم مؤتمرات وورش العمل المشتركة في المنطقة. ثمرة التعاون وأكّد "د. الوطبان" أنّ التعاون البناء والمستمر من قبل إدارات المستشفيات المرجعية والمستشفى التخصصي قد أثمر بنجاح أعمال مراكز التعاون في تلك المناطق، وأفاد المرضى من هذه الخدمات ووفرت عليهم كثيرا من الجهد والتكاليف المادية وعناء التنقل، كما أثبتت فاعلية تقنية الاتصال الطبي وتطبيقاته المختلفة، حيث رأت إدارة المستشفى التخصصي باستثمار تلك التقنية في ربط جميع مستشفيات المناطق والمحافظات ضمن شبكة "الطب الاتصالي"؛ لتستفيد منها القطاعات الصحية المشاركة، بحيث كل مركز تعاون صحي يشرف على التشغيل وتدريب منسوبي المكاتب الفرعية الموجودة في منطقته والمحافظات التابعة لتلك المنطقة، وتتواصل هذه المكاتب الفرعية مع المركز للإفادة من الخدمات، سواء التي تقدم للمرضى أو تنسيق طلب الزيارات الطبية والتشخيصية والتدريب التي تقدم لتلك المستشفيات، وكل ذلك يتم إلكترونياً بينها. وأضاف أنّ من الإستراتيجية العامة التي يتبعها مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث تقديم خدمة طبية متميزة ذات كفاءة وجودة عالية للمرضى في مناطق المملكة المختلفة، ومساندة المستشفيات المرجعية بتقديم كل ما يسهم في معالجة المرضى، من أجهزة، وأدوية متخصصة، واستشارات طبية، واستشارات فنية، وتدريب وتثقيف صحي، ومشاركة مقدمي الرعاية الصحية المسؤولية الاجتماعية. اتصال بين مستشفيات تخصصية في المملكة نقاش الأطباء حول التشخيص يضمن نتيجة أفضل من القرار الأحادي د. قاسم القصبي إبراهيم الزميع