لا يخفى على الكثير أن سرطان القولون والمستقيم من أكثر أنواع السرطان شيوعاً في العالم وحاليا يحتل المرتبة الثانية في السعودية وللأسف معظم الحالات تكتشف في مراحل متقدمة على الرغم من أن هذا النوع من الأورام اذا تم اكتشافه وعلاجه مبكرا تصل نسبة الشفاء منه بإذن الله إلى ما يتجاوز ال 90٪ وليس هذا فقط ولكن يعتبر سرطان القولون والمستقيم من الأورام القليلة التي يمكن الوقاية منها قبل حدوثها وذلك عن طريق الكشف المبكر ولكن بالرغم من ذلك فإن الكثيرين في مجتمعنا لا يزال لديهم تخوف من القيام بهذه الخطوة وقد يرجع ذلك إلى عدة عوامل منها، قلة الوعي لدى المجتمع حول أهمية هذا الفحص، الشعور بالخوف، وجود بعض المعتقدات الخاطئة وكذلك لقصور في الجهود المبذولة لرفع الوعي الصحي لدى المجتمع عن هذا السرطان وغيره بشتى الوسائل التثقيفية الممكنة. ويمكن تعريف الكشف المبكر على أنه عبارة عن فحوصات تكشف المشاكل الطبية لدى الشخص قبل ظهور أي أعراض للمرض حيث من المعروف أن أعراض هذا المرض قد لا تظهر في مرحلة مبكرة وأحيانا تكون هذه الأعراض شائعة ويمكن أن تظهر في حالات أخرى مثل القولون العصبي أو التهابات القولون التقرحية أو البواسير فيهمل المريض زيارة الطبيب وعمل الفحوصات اللازمة. وتكمن أهمية الفحص في الوقاية من السرطان بإذن الله وذلك عن طريق اكتشاف اللحميات الحميدة وإزالتها قبل أن تتحول إلى ورم خبيث، وزيادة فرص الشفاء بإذن الله في حالة اكتشاف الورم في مرحلة مبكرة، والفحص يشكل اطمئناناً نفسياً بالنسبة للأشخاص ذوي الفحص السلبي، كما يمكن تقليص التكلفة العامة للعلاج في حالة الكشف المبكر، كما يؤدي الفحص المبكر إلى التقليل من نسبة الوفيات باذن الله وعادة ينصح بالبدء في القيام بالفحص المبكر عندما تبلغ الخمسين من العمر هذا إذا لم يكن لديك تاريخ عائلي بالمرض، أما إذا كان لديك تاريخ عائلي لأحد الأمراض الوراثية أو أمراض القولون التقرحية المناعية أو مرض الكرونز المناعي فيجب التنسيق مع الطبيب المختص لعمل الفحوصات اللازمة في عمر مبكر. وعادة يتم السؤال عن طرق الكشف المبكر عن سرطان القولون والمستقيم، ويمكن القول ان الطبيب سوف يستفسر عن تاريخك الطبي، والقيام بفحصك، ومن ثم طلب الفحوصات اللازمة، فمن الضروري أن تذكر إذا كان أحد أفراد العائلة قد أصيب بسرطان القولون أو الاورام الحميدة من قبل. كما يجب أن تذكر أي مشاكل صحية كانت لديك في الماضي. أما الفحص السريري للمستقيم فهو فحص للتأكد من خلو المستقيم من أية حالة غير طبيعية وهذا الفحص وحده لا يكفي للكشف عن سرطان القولون والمستقيم، بل يجب القيام بفحوصات الكشف المبكر، مثل تحليل الدم في البراز (Fecal Occult Blood Test) حيث قد يكون الدم الخفي في البراز علامة على وجود أورام حميدة أو خبيثة في القولون أو المستقيم، لذلك يتم تحليل عينة صغيرة من البراز في المختبر، وقد تحتاج إلى اعطاء أكثر من عينة وكذلك تجنب بعض الأطعمة والأدوية مثل الأسبرين قبل التحليل وذلك وفقا للتعليمات والإرشادات التي ستعطى لك، ويعتبر هذا الفحص مبدئياً قبل عمل فحوصات أخرى مثل المنظار، حقنة الباريوم/ أشعة ملونة للقولون (Barium Enema): وهو عبارة عن تصوير للقولون بالأشعة السينية، وذلك يتم عن طريق حقنة شرجية تحتوي على صبغة معينة حيث تظهر شكل القولون في التصوير السيني مما يساعد الطبيب على معاينة الأورام أو أية مناطق يشتبه إصابتها ولم تظهر في الفحوصات الأخرى ولكن أحياناً لا يكون هذا الفحص دقيقاً في حالة الأورام الصغيرة، وتنظير القولون الافتراضي (CT Colonography) حيث تستخدم في هذا النوع من الأشعة، سلسلة من صور الأشعة السينية لإنشاء طريقة عرض ثلاثية الأبعاد (3D) للقولون والمستقيم، وسوف يحتاج المريض إلى تناول محلول خاص لتنظيف الأمعاء قبل الأشعة ويعتمد هذا الفحص على ملء القولون بصبغة ملونة بالإضافة إلى الهواء عن طريق المستقيم حيث تظهر الصبغة القولون بشكل واضح. ويعتبر تنظير القولون (Colonoscopy) الفحص الأمثل حيث يستخدم الطبيب منظار القولون لمعاينة أنحاء القولون والمستقيم من الداخل والتأكد من خلوه من أي لحميات سطحية أو أورام وفي حال وجود لحميات يمكن إزالتها من خلال المنظار، ويقوم الطبيب بإرسال العينة للفحص وتحديد ما إذا كان الورم حميداً أم لا، وقبل إجراء هذا الفحص، يحتاج المريض لعدة تحضيرات مثل شرب محلول لتنظيف القولون ويمكن استخدام مسكنات أثناء الفحص ويتم عمل هذا الفحص في عيادة المناظيرالخارجية. سوف يحدد الطبيب المختص نوعية الفحص المناسب للمريض لا شك بأن إدراك أهمية الفحص المبكر سوف يكون له آثار ايجابية ليس فقط على صحة الفرد ولكن على المجتمع بشكل عام وكذلك على الأعباء الناجمة عن هذا المرض صحيا واجتماعيا واقتصادياً. * قسم جراحة القولون والمستقيم