تزخر منطقة جازان بأسواق شعبية كثيرة ومتنوعة منها ما يقام بصفة دورية في أيام الاسبوع بالتناوب مع الأسواق الاخرى بمحافظات ومراكز المنطقة ومنها ما يأخذ طابع الاستمرارية ويباع فيها كل المنتجات المحلية والزراعية والأواني التراثية وغيرها من المنتجات، ولعل من أهم هذه المعروضات بالأسواق الشعبية العطارة أو كما يقال عنها باللهجة المحلية بالمنطقة «المعطارة» . وعلى الرغم من استيراد معظمها من دول بعيدة إسلامية ودول عربية شقيقة الا انها لم تعد بالشكل الذي كانت عليه في السابق.. حيث بدأت هذه التجارة التي تحتل حيزاً كبيراً في الأسواق الشعبية في المنطقة وذلك لاستخدامها المحلي في شتى المجالات سواء للزينة أو الأكل أو التداوي.. بداية الجولة «الرياض» ارتادت تلك الاسواق للاطلاع عن كثب على هذه التجارة القديمة قدم أهل المنطقة والتعرف على روادها ومصادرها واستيراداتها واستعمالاتها.. وما اكثر الاصناف التي تلقى اقبالا من كبار السن والنساء، كما نتعرف على أنواع الغش التجاري الذي طرأ على هذه التجارة التي كانت في السابق تمثل صيدلية طبية شعبية لما تحتويه من مواد طبيعية خالية من الكيماويات والمحاليل المصنعة، حيث كان ل «الرياض» أن تتجول في الأسواق الشعبية بالمنطقة للخروج بما يهم القارئ والمستهلك بالدرجة الاولى والحصول على باعة يبيعون بضائع جيدة في ظل الغش التجاري. الاسواق الشعبية بالمنطقة كانت البداية مع بداية أيام الاسبوع.. السبت لتكون الوجهة «سوق بيش» الاسبوعي الذي يقام كل يوم سبت وقد تعارف عليه أهالي المنطقة ولا يقام في مكان غيره يقصده جنوب المنطقة وغربها وشرقها حيث يقع في شمال المنطقة.. تباع به كل المنتجات التراثية والنباتات العطرية ومواد العطارة والنباتات العطرية.. وكما هو الحال في «سوق الاحد» الذي يقام كل يوم أحد بمحافظة أحد المسارحة وسط المنطقة.. «وسوق الاثنين» بمحافظة صامطة «وسوق الثلاثاء» بمحافظة صبيا.. «وسوق الاربعاء» بمحافظة أبوعريش «وسوق الخميس» في محافظة الحرث ويعرف أيضاً «بسوق الخوبة» حيث لا تتعارض هذه الأسواق مع بعضها فقد أصبحت معروفة المكان والزمان لأبناء المنطقة وحتى من خارجها ممن قدموا لزيارتها.. فلكل سوق من هذه الاسواق خصوصيته في طريقة عرضه لمنتجاته اضافة إلى معروضات كل قطاع من قطاعات المنطقة التراثية والشعبية والادوات والآلات الصلصالية والخشبية القديمة. العطارة وظاهرة الغش وعلى الرغم من هذا التباين الا أن هناك ظاهرة واحدة تجمع بين هذه الاسواق تمثلت في ظهور عدد من السيارات المتواجدة بطريقة غير رسمية يمارس أصحابها بيع العطارة التي اشتهرت بها المنطقة. وحول هذه الظاهرة التقت «الرياض» باعة سعوديين وآخرين مقيمين نظاميين يعملون في هذا المجال استمعت إلى آرائهم المليئة بأصوات استغاثة لفروع البلدية التي لم تسع إلى الآن للحد من هذه الظاهرة.. حيث كانت استغاثتهم في تحفظ شديد. يقول أحد المواطنين الذي يعمل في تجارة العطارة لاكثر من (40 عاماً): إن وضع السوق لم يكن كما هو عليه في السابق بل تنوعت الأصناف وطرق الاستيراد أصبحت ميسرة إلا أن الطريقة العشوائية التي تباع بها هذه الأصناف لم تعد مجدية بل جلبت الكثير من المضار وافتقدنا مصداقية عملائنا. سيارات متجولة ويضيف آخر له (15 عاماً) في هذه التجارة انه لوحظ في السنوات الأخيرة وجود سيارات تتنوع بها أصناف مختلفة من العطارة تأخذ شكلاً عشوائياً في السوق بعيداً عن أعين البلدية والرقابة التجارية.. فهناك العديد من الأصناف التي يقبل عليها الزبون مثل أصناف الزينة كالظفر والمحلب والزر والثمرة والكدَّة والشب والحطم.. وأصناف للتداوي كاللبان وحبة البركة (حبة السوداء) والمر والحلتيت والزعفران ومكونات القهوة العربية من بن وهيل وقرفة وقشر وحوار «زنجبيل. ولكل هذه الأصناف أشكال منوعة مابين الجيد والرديء وتقوم هذه السيارات المتنقلة ببيع هذه الأصناف الرديئة بأسعار أقل موهمة بذلك الزبون الذي يشتري منها بأن هذه بضائع جيدة ويهدفون من ذلك إلى التغرير به.. فيما نظل نحن متمسكين بالأسعار المعروفة لدى تجار المنطقة. بضائع يمنية جيدة ويضيف حسين حمدي - بائع سعودي كبير في السن - أننا نعتمد على هؤلاء الموزعين المعتمدين بالإضافة إلى الأخوة الأشقاء اليمنيين الذين يأتون ببضائع جيدة ومن أصناف عالية الجودة وبأسعار مناسبة بعيدة عن الغش والتدليس حيث يأتون بطرق نظامية لترويج سلعهم في أوقات محددة عبر المنفذ من (الطوال) ومن ثم العودة إلى وطنهم الجمهورية اليمنية الشقيقة. ومن أهم الأصناف التي يتم فيها التدليس من قبل الباعة في السيارات المتجولة أنواع البن خاصة ويعد البن الخولاني من أجود أنواع البن ويأتينا من اليمن عن طريق الموزعين المعروفين لدينا ويباع داخل المنطقة بسعر يتراوح مابين 25 - 35 للكيلو الواحد حسب أيام السوق.. فيما تقوم تلك السيارات وأصحابها بشراء بن رديء تبيعه للمستهلك بعد خلطه ببن خولاني على انه بن خولاني خالص عالي الجودة وبسعر يتراوح بين 10 - 15 ريالا وهذا السعر يغرر بالمشتري غير الواع وايقاعه في حبائل غشهم رغبة منه في الحصول على سعر أقل ولاقتناعه بأن البائع يمني إذن بضاعة يمانية والبن بن يماني خولاني من الدرجة الممتازة على عكس ما يباع لدينا نحن المواطنين نحرص على شراء البن الأصلي لبيعه. غش في الوزن ويضيف آخر على أن هذه الظاهرة لم تقتصر على الغش بل امتدت إلى الوزن أيضاً بل أنها لم تقتصر على الأسواق الشعبية بل امتدت إلى جنبات الطرق العامة وعلى مداخل القرى بالمنطقة بعيداً عن أعين الرقابة البلدية على هذه السلع التي تتعرض لأشعة الشمس والاتربة والأمطار، كما أن لها مخاطرها المرورية.. فهي ملتصقة تماماً بالطرق ووقوف الزبائن للشراء قد يؤدي إلى حدوث حوادث مرورية لا قدر الله تكون عواقبها وخيمة. ويقول مواطن سعودي آخر رفض ذكر اسمه: انني بعت في يوم من الأيام التي كانت فيها الأسواق الشعبية تخلو من هذه البسطات العشوائية بمبلغ 20 ألف ريال في يوم واحد.. حيث صادف ذلك شراء أحد الزبائن كافة الأنواع وذلك لاقباله على مناسبة زواج.. وتحتل العطارة جانباً مهماً في مناسبات الأعراس في المنطقة وخاصة على أهل العريس الذين يتوجب عليهم شراء أصناف عدة منها وبأصناف مختلفة. ويستطرد.. صحيح أن هذا المبلغ قد يذهب نصفه في سداد فواتير الشراء من الموردين ولكن هذا يدل على انتعاش السوق وعدم وجود هذه السيارات غير النظامية في الأسواق. خدش الوجه الحضاري ويقول البائع المقيم حمد أحمد تكتكي.. أعد نفسي واحداً من أبناء المنطقة وذلك لنشأتي بها. والعطارة المتنقلة التي تباع بصور غير نظامية تخدش الوجه الحضاري للمنطقة. ويضيف عبدالله بن أحمد.. انتشرت هذه الظاهرة بشكل تدريجي حيث كانت السيارات تأتي وتذهب ثم أخذت في التكاثر فاليوم أصبحت بالعشرات في الأسواق بالإضافة للتي تقف على جوانب الطرق العامة.. كما أن هناك سيارات لم تعد تتحرك من مواقفها وكأنها قد أصابها عطل.. حيث تكون لهم خططهم للتحاليل في البقاء اكثر من الفترة المسموع بها للمكوث.. حيث تظل واقفة لاسابيع بل تمتد لشهور تحمل البضائع وبعد انتهاء المدة تقوم بافراغ حمولتها ثم تعود من المنفذ ليوم فقط ثم تعود محملة ببضائع أقل وتدخل بشكل نظامي وبتأشيرة دخول جديدة وأيام اضافية جديدة مما سبب لنا الكثير من المضار وكلفنا الكثير من المال هذا التلاعب ويجعلنا نبيع بضائعنا بأسعار متدنية لكسب رأس مالها على الأقل أفضل من خسرانها كلها. ومن هذا المنطلق يطالب التجار الذين حاورتهم «الرياض» في أن يرعى سوق العطارة العناية والاهتمام والرقابة على مثل هذه السيارات من قبل البلدية حرصاً على درء الغش واستمرار مصدر دخل هؤلاء التجار بعيداً عن تدليس السيارات المتنقلة التي يبيع أصحابها بضائع مغشوشة لاستدار الأموال.