العناصر الغذائية من ألياف ونشويات وأملاح ومعادن في الخُبز المخمر طبيعياً أسهل هضماً لأن البكتريا النافعة قد عالجتها أثناء تخمير العجين. حساسية القمح وعدم تقبل القمح تختفي عند الامتناع تماماً عن تناول الخُبزالمخمّر بخميرة تجارية وعوضاً عنه تناول الخُبز المخمر طبيعياً. هناك طريقتان لتخمير الخُبز وهما: خميرة الخبز التجارية التي تستعملها المخابز وتستعمل أيضاً في البيوت، والخميرة الطبيعية (التي شرحنا طريقة تحضيرها في مقال سابق). والنوعان يختلفان جداً في تأثيرهما على دقيق القمح، وعلى مذاق الخُبز، وعلى القيمة الغذائية في الخُبز. وخميرة الخَبز التجارية نوع واحد من الكائنات التي تنفث كميات كبيرة من الغاز بسرعة دون أن تغيّر النشويات والألياف في العجين. أما الخميرة الطبيعية فتحتوي على نوعين من الكائنات الحيّة تتعايشان معاً وهي:خميرة حيّة وبكتريا نافعة تعملان على تغيير النشويات والألياف في العجين ليصبح أسهل هضماً ويصبح الخبز أكثر مقاومة للتعفن وللجفاف. وللخميرة الطبيعية التي تعمل بالتدريج (عملية التخمير تستغرق في المتوسط ثماني ساعات) فوائد كثيرة وضرورية جدا للصحة قد لا يصلح الخُبز بدونها وهي: العناصر الغذائية من ألياف ونشويات وأملاح ومعادن في الخُبز المخمر طبيعياً أسهل هضماً لأن البكتريا النافعة قد عالجتها أثناء تخمير العجين، كما ينتج عن عملية التخمير ذاتها نشاط إنظيمي (إنزيمي) يحسن من التركيبة المتكاملة للعناصر الغذائية في الخُبز. تسبب الخميرة الطبيعية تكاثر جيوش من البكتريا النافعة داخل العجين بما يشبه الانفجار. وعند أكل الخُبز المخمّر طبيعيا يزداد تكاثر البكتريا النافعة في الأمعاء مما يحسّن الهضم ويمنع التخمرات ويحد من الإمساك. يعمل التخمير الطبيعي على معالجة حمض الفيتيك والفيتات phytic acid and phytates العسيرة الهضم والموجودة في نخالة الخُبز البّر (الكامل) ويحولها إلى فيتينات وأحماض فوسفاتية، أي إلى مغنيسيوم وكالسيوم وحديد مفيدة وسهلة الامتصاص والتمثيل. الوسط الحمضي/القلوي الناتج عن هضم الخُبز المخمر بالخميرة التجارية يتراوح بين 5.9 وَ 6.5، مما يعني انه حامضي يُجهِد هضمه الجسم. أما الخُبز المخمر طبيعياً فيبلغ الوسط الحمضي/القلوي لهضمه 4.8 وهو الأقرب للتعادل. اعتلالات مثل حساسية القمح وعدم تقبل القمح تختفي عند الامتناع تماماً عن تناول الخُبزالمخمّر بخميرة تجارية وعوضاً عنه تناول الخُبز المخمر طبيعياً. فدبقين (غلوتين) القمح ونشوياته القابلة للتخمر تصبح سهلة الهضم والامتصاص بعد عملية التخمير الطويلة. أثبتت الأبحاث الحديثة في برنامج مركز بيتر مكالوم Peter McCallum Cancer Centre في ميلبورن في أستراليا ان جهاز مناعة الإنسان يمكن أن يوقف نمو الخلايا السرطانية دون أن يقتلها، وأحد اهم طرق تقوية المناعة هي تناول الأطعمة المخمرة بطريقة طبيعية. لقد تعوّد الناس على تناول الخُبز المخمر بخميرة تجارية، الخُبز الذي تجعله المحسنات يبدو هشاً ولذيذاً، وهو في الواقع يتحول في الأمعاء إلى كُتل صعبة الهضم وخالية من الحياة. والناس اليوم بحاجة ماسّة إلى التوعية بمضار الخبز المخمر بخمائر تجارية معالجة، وإلى التوعية بضرورة العودة إلى التخمير الطبيعي حتى لو استغرق وقتاً أطول، فليس لدى الإنسان أغلى من صحته.