يعتبر سرطان البروستات الورم الأكثر شيوعاً عند الرجال الذين تجاوزوا 50 سنة من العمر في الولاياتالمتحدة وأوروبا والبلاد الاسكندينافية وكذلك يشكل أكثر الأورام المسببة للوفاة بعد أورام الرئة والقولون في الولاياتالمتحدةالأمريكية، إذ إنه يصيب واحداً من كل 6 رجال ونسبة الوفيات بسببه هي في حدود 3%. وهذا السرطان متواجد لدى حوالي 30% من الرجال بدون أي أعراض سريرية بعد تجاوزهم 50 سنة من العمر كما أظهرته عدة اختبارات تشريحية على جثث رجال توفوا بسبب أمراض لا علاقة لها بهذا الورم وتزيد نسبة تشخيصه إلى حوالي 80% بعد سن 85 سنة. وهو منتشر في كل أنحاء العالم ولكن بنسب مختلفة. إذ يشكل ثامن أخطر سرطان يسبب الوفاة على مستوى المملكة العربية السعودية ويكون حوالي 7% من الأورام المسجلة سنوياً لدى السعوديين الذكور (بحسب إحصائيات المركز الوطني لتسجيل الأورام). ويشكل الاكتشاف المبكر للمرض أهم عامل للشفاء منه بعون الله، لذلك وضع برنامج سنوي متعارف عليه عالمياً للكشف والفحص المنتظم عند الرجال لغرض الكشف المبكر عن سرطان البروستات ويتمثل هذا البرنامج اولا بالفحص الشرجي المنتظم من قبل الطبيب لكل رجل تعدى سن الخمسين سنة (مؤخرا نصحت الجمعية الأمريكية لأمراض المسالك البولية بأن تكون بداية الفحص من عمر 40 سنة). ورغم بساطة هذا الفحص فهو لا يحتاج من الوقت سوى دقائق ولا يحتاج إلى جهاز أو نحوه؛ إلا أننا نجد الكثير من الرجال لا يلتزمون بهذا الفحص من باب الحياء. في هذا الفحص يقوم الطبيب بملامسة الجدار الخلفي للبروستات ومعرفة ما إذا كان بها ورم أو كانت ذات سطح خشن غير ناعم. أما الفحص الثاني فيتم فيه قياس نسبة مادة بروتينية خاصة توجد في الدم وتفرز من البروستات ويعتبر زيادتها عن المستوى الطبيعي (اكثر من 4) مؤشر اولي لاحتمالية إصابة البروستات بالسرطان أو بالالتهاب أو التضخم الحميد وتسمى هذه المادة ب (البي اس آي). وكلا الفحصين لا يعطي التشخيص النهائي في حالة وجود سرطان البروستات لا سمح الله، وإنما يعطي الطبيب الدافع القوي لعمل فحوصات أخرى في حالة أن يكون هذان الفحصان أو احدهما غير طبيعي ومن ثم اللجوء لأخذ خزعات نسيجية من البروستات بالأشعة الصوتية لإثبات أو نفي المرض. البي اس اي (PSA) هو بروتين سكري (Glycoprotein) تنتجه خلايا البروستات، وفي الواقع هو انزيم بروتيني، اي انه بروتين قادر على تفكيك البروتينات الاخرى. وهو موجود بنسبة مرتفعة في انسجة البروستات والسائل المنوي ويتمركز دوره البيولوجي في اذابة السائل المنوي. وعلى الرغم من اسمه (حرفيا يعني مولد المضاد الخاص بالبروستات) فان من نافلة القول معرفة انه يتواجد كذلك (بمستويات قليلة) في الغدد التناسلية لدى المرأة وفي نسيج الثدي، ويرتفع مستواه لدى النساء خلال فترة الحمل. ومع ذلك فإنه بامكاننا القول انه يمكن استخدامه، وظيفيا، لاغراض التشخيص ورصد العمليات المرضية في البروستات تحديدا خاصة الاصابة بسرطان البروستات. ومن المهم ايضا ان ننوه الى ان زيادة مستوى ال PSA في تحليل الدم لا تقتصر على الاصابة بسرطان البروستات – حيث ان اكثر من نصف الرجال الذين يلاحظ لديهم ازدياد في مستوى ال PSA لا يعانون من اورام في البروستات حتى بعد عمل جميع الفحوصات الاستقصائية. ومع ذلك، كلما ارتفع مستوى PSA، يزداد الشك بوجود ورم البروستات ايضا. كذلك لا بد ان نتذكر انه حتى عندما يتم قياس مستوى ال PSA ويتضح انه في المجال السليم (0-4ng/ml)، فان احتمال ان يتم تشخيص سرطان البروستات عند اخذ فحص نسيجي مثل الخزعة من البروستات، قد يصل الى 25%. لذا ينبغي عند تقييم حالة المريض عدم الاعتماد على القراءة الاولى لل PSA، فقط، وانما ايضا مستوى التغييرات الكمية في الانزيم طوال فترة المتابعة. ومن ضمن الأشياء التي يجب الانتباه لها عند متابعة قراءات هذا التحليل هو حدوث الزيادة الكبيرة في مستوى ال PSA، والتي تتجاوز ال 0.75ng/ml في غضون عام، حيث ان حدوثها يزيد من احتمالات الاصابة بسرطان البروستات، وتعتبر سببا لاخذ عينة تشخيصية من البروستات. وعلى الرغم من المحدودية التشخيصية التي يتسم بها فحص ال PSA، يبقى هو افضل مؤشر للتنبؤ بسرطان البروستات او حتى لمتابعة المرضى الذين تلقوا علاجا لسرطان البروستات، اذ انه نادراً ما يعود سرطان البروستات بعد العلاج الجراحي الجذري او الاشعاعي، دون وجود ارتفاع بمستوى ال PSA. اسباب خطأ التحليل: توجد بعض الحالات التي قد تقود الى تشخيص خاطئ عند قراءة مستوى ال PSA في الدم ومن ثم خطأ العلاج ومن ذلك استخدام انواع معينة من الأدوية والتي قد تغير مستويات ال PSA في الدم، ومن ذلك الادوية الهرمونية مثل دواء تاخير تساقط الشعر (Propecia) والذي من الممكن ان يخفض مستوى ال PSA بمقدار النصف، لذلك يجب ابلاغ الطبيب المعالج عن جميع الأدوية المستحدمة من المريض وقت الفحص. كذلك، يجب اخبار الطبيب عند القيام باجراء قسطرة للبول في وقت قريب من الفحص، او اذا تم عمل خزعة من البروستات او اذا تم تشخيص التهاب في البروستات حديث. لان هذه الحالات قد تزيد من نسبة ال PSA. تحليل النتائج: مع التقدم بالسن، يرتفع مستوى ال PSA، حتى لو لم يعان الشخص من مشاكل تضخم البروستات، ولذلك فان تحليل النتائج يعتمد على عمر الشخص بالاساس. كما يعتمد على ما اذا كان الاختبار او الفحص الذي اجري هو اختبار استطلاعي او في اعقاب استئصال البروستات نتيجة الاصابة بالسرطان. اختبار ال PSA كفحص استطلاعي: لدى الرجال (دون سن 50) تعتبر المستويات منخفضة ومن ثم فإن مخاطر الاصابة بسرطان البروستات قليلة حين تكون اقل من 2.5 نانو جرام / مليلتر. اما لدى كبار السن من الرجال (اكبر من 50 عامًا)، فتعتبر القيمة منخفضة اذا كانت اقل من 4 نانو جرام / مليلتر. وعلى الرغم مما سبق، فمن المعروف ان حوالي نصف حالات اورام البروستات تفرز هذا الانزيم بنسب لا تتجاوز هذه الحدود ولهذا السبب من المهم مراقبة قيم ال PSA كل سنة وليس الاعتماد فقط على قراءة واحدة. اما اذا كانت قيمة ال PSA تتزايد باكثر من - 0.75 نانوجرام / مليلتر في السنة، فان الامر يعتبر ازديادا في مخاطر الاصابة بسرطان البروستات حتى مع القيمة المنخفضة للتحليل. وفي حالات الخطر المتزايد، يتم اجراء مزيد من الفحوص عبر اخذ خزعة من غدة البروستات، وهي الاختبار الاكثر موضوعية وثقة لإثبات اونفي الاصابة باورام البروستات. اختبار PSA بعد استئصال البروستات: عند تشخيص السرطان الذي لم ينتشر خارج البروستات، من المعتاد ان يتم اجراء عملية استئصال جذري للبروستات او اعطاء علاج اشعاعي. وبعد العلاج الجراحي، ينبغي ان ينخفض مستوى ال PSA في الدم الى 0. اما اذا كان مستوى ال PSA اعلى من 0، فان الامر يشير (في هذه الحالة) الى وجود بقايا من انسجة البروستات النشطة، او انتشار الورم في اماكن اخرى. وبالنسبة للعلاج الإشعاعي، فإنه اذا استمر مستوى ال PSA بعد االعلاج بالارتفاع ثلاث مرات على التوالي، فانه يعتبر مؤشراً على فشل العلاج. توجد بعض الحالات التي قد تقود إلى تشخيص خاطئ فحص الدم للكشف عن سرطان البروستات