يعيش البعض خائفاً من مواجهة الآخرين، باحثاً عن رضاهم في كل شؤون حياته فأصبح يعيش تحت المجهر خشية أن ينتقد وابتعد كل البعد عن الرضا الذاتي بقناعته فيما يعمل وفق قدراته وإمكاناته، فالبعض منهم يسعى أن يحظى برضا الآخرين على حساب قناعاته الداخليه وما يرضاه لنفسه. فمن يبحث عن رضا الآخرين سوف يعيش في قلق مستمر طيلة حياته ولن يكون راضياً عن ذاته لأنه أهمل التقييم الذاتي وجعل الآخرين هم من يعلون من شأنه أو يحطون من قدر ذاته التي وهبه الرحمن إياها لتجعله يعيش حياة سليمة، وهذا لا يكون إلاَّ إذا استبصر في أمر ذاته لتعينه على أخذ ما هو صحيح من المجتمع وترك ما لا يقتنع به لهم، وهذا مصداق لقوله تعالى: "بل الإنسان على نفسه بصيرة" فهؤلاء الذين يعيشون تحت المجهر أهملوها وراء البحث عن غاية لن يدركوها والسبب أن هذا الصنف من البشر لا يريد أن يكون هذا الشخص ناجحا في حياته مؤثرا على من هم حوله فلو عقدت معهم حوارا عن سبب عدم رضاهم لوجدت أنهم مقتنعون من الداخل ولكنهم اعتادوا على الهجوم بعدم الرضا وربما يختلقون لك أسبابا واهية لا أساس لها من الصحة. ولنا مثال في ذلك قصة جحا وابنه والحمار الذي يمتلكونه -أعزكم الله-، فالقصة كانت في أن جحا كان يركب الحمار وابنه يمشي بجواره فحين مرّ على قوم من النَّاس قالوا عنه لا يرحم ابنه وحين جعل ابنه يركب على ظهر الحمار بدلا منه قالوا عن الابن عاق لا يعرف البِّر بأبيه وحين جعل الحمار يمشي لوحده اتهموه بالحمق وحين حمله فوق رأسه اتهموه بالجنون. فمن هذا المنطلق لا تنصت لكلام الآخرين الذين لا يعرفون في نقدهم معنى التوجيه بل يسعون جاهدين في أن تكون مثلهم عاجزاً عن تفعيل قدراتك العقلية والجسمانية والتي تعينك -بعد الله- في اختيار الطريق الصحيح ويسعون أن يكون هذا الصنف من البشر الذي يبحث بالرضا عنه في كل صغيرة وكبيرة تحت طواعية حكمهم أما من كان ينتقدك إيجابا فأنصت له وحاول التحسن لأنه يريدك أن تتقدم نحو الأمام. وأختمها بقول الإمام الشافعي "رحمه الله": وَعَيْنُ الرِّضَا عَنْ كُلِّ عيبٍ كَلِيْلَةٌ وَلَكِنَّ عَيْنَ السُّخْطِ تُبْدِي المَسَاوِيَا