بادئ ذي بدء أشرح للذي التبس عليه الأمر في سوانح الأسبوع الماضي عن الرابط بين قطعة الشاش الصغيرة وقمرة القيادة في الطائرة.. فأقول إن ثمة علاقة بينهما تبادرت لذهني عندما بدأت في الحديث عن الأخطاء الطبية.. وسأحاول جَهدي شرح وتبسيط ما أرمي إليه.. في سانحتي الأسبوع الماضي واليوم.. عن أخطاء الأطباء وندرة حدوثها في رأيي.. كقطعة الشاشة الصغيرة التي التصقت في حذاء الجراح.. وأرجو ألا تكون قصتي مُملة.. فالعقاد يقول: ليس أكثر مدعاة للملل من قصة تُروى مرتين.. ماعلينا.. لأبدأ بسرد حكاية قُمرة قيادة الطائرة.. وليس في سلم الطائرة التي أبكت طلال مداح غصباً عليه.. والمعروف أن مسؤولية تحليق الطائرة إلى أن تهبط يشترك فيها قُمرة القيادة في الطائرة وبرج المراقبة في المطار.. وأذكر أنني كنت مسافراً على إحدى الطائرات المتجهة لمطار الرياض.. وعند اقتراب الطائرة لمدرج المطار وفتح مكابح الطائرة للهبوط.. عادت الطائرة فجأة للتحليق مرة أخرى وعلى ارتفاع ومستوى منخفض والدوران حول المطار.. والسبب ببساطة أن شاشة قمرة القيادة لم تعط علامة نزول العجلات وأخذ وضع الهبوط.. فاضطر كابتن الطائرة للعدول عن الهبوط والشعور بالقلق هو ومساعده.. فكيف تنزل عجلات الطائرة ليهبطوا.. كقلق الجراح الذي ذكرت في الأسبوع الماضي.. وجاء الفرج من اتصال برج المراقبة بكابتن الطائرة.. يخبره مسؤول برج المراقبة بأنه يرى عجلات الطائرة في وضعها الصحيح للهبوط.. وبإمكانه الهبوط ولا ينظر إلى شاشة قمرة القيادة.. وليهبط بسلام.. ماذكرني بغرفة العمليات.. عندما وجدنا قطعة الشاشة المفقودة ملتصقة في حذاء الجراح من غير أن يشعر.. فتنفسنا الصعداء وانتهت العملية بسلام.. كما تنفس الكابتن ومساعده الصعداء.. لتهبط الطائرة بسلام.. لذا جاء الربط (في ذهني) بين غرفة العمليات وقمرة القيادة.. ففي كلتا الحالتين كان هناك قلق وترقب.. انتهى بسلام.. فالعملية لم يُنسَ في بطن المريض قطعة شاش أو مقص.. والطائرة هبطت بسلام في مدرج المطار.. وتم إصلاح شاشة قمرة القيادة فيما بعد.. وليسامحني من تبادر لذهنه كيف تكون هناك علاقة بين الشاش والشاشة وقمرة القيادة.. إلى سوانح قادمة بإذن الله. *مستشار سابق في الخدمات الطبية.. وزارة الداخلية.